+ -

قمة المَدح وتاج الثناء ناله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من ربه سبحانه، فقد جمع ما تفرق في إخوانه الأنبياء من خلالٍ فضيلة وخصال جميلة، بل استعلَى على الخُلُقَ متمكنًا، واستولَى عليه متيمنًا، فكأن الخُلق عبد والرسول مولاه، أو أنه بيت عز والنبي بناه، فتعلمَت البشرية منه الخير الجامع والفضل الهامع، فتغيرت بالحِلم طباع، واستوَت بالعِلم نفوس، وخضَعَت بالليْن رقاب.ورحِم الله الشيخ النبهاني يصف هذه الصورة البديعة: “فكم من أعرابي فدم، لا أدب له ولا فهم، ولا عقل له ولا علم، ولا كرم ولا حلم.. قابل جنابه الشريف بما غضب له المكان والزمان، وخاطبه بما عبس له وجه السيف واحتد له لسان السنان فكان جوابه الإغضاء، والعفو عمن أساء، بل أدناه وقربه، وما لامه وما أنبه، بل فرغته أخلاقه المحمدية في قالب كيمياء السعادة بأيادي الإحسان، حتى اضمحلت حدة ذلك الوحش وانقلبت حديدته جوهرة إنسان، فتبدل بغضه بالحب، وبعده بالقرب، وحربه بالسلم، وجهله بالعلم، واستحال إنسانًا بعد أن كان ثعبانًا، وصار حبيبًا بعد أن كان ذيبًا”. هكذا عامل الفرد وبه خالق الجماعة دون تكلف أو تصنع، بل شملت أخلاقه الشعوب والأمم، بل العوالم كلها، فهو رحمة للعالمين.وقد سُئِلت أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله عنها عن خُلُقه فقالت: “كَانَ خُلُقُهُ القُرْآَن” أي أنه تأدب بآدابه، فدونك المُعلم يؤدبك والمدرس يهذبك في رياض القرآن في شهر القرآن، فكن خير سامع واعي، وأكرم مبلغ داعي.*إمام وأستاذ بجامعة المسيلة

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات