منع مسؤولون في مصلحة التشريفات للوزارة الأولى صحفيي “الخبر” و”الوطن” وتلفزيون “الخبر. كي. بي. سي”، صباح أمس، من امتطاء الطائرة المتوجهة إلى مطار تندوف، ومنه إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، بغرض تغطية مراسم تشييع جنازة الرئيس الصحراوي الراحل، محمد عبد العزيز.
لم يقدم مستخدمو التشريفات لدى الوزارة الأولى، بالقاعة الشرفية لمطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة، تبريرات مقنعة للصحفيين، بخصوص منع الصحفيين الثلاثة من التنقل إلى تندوف. وهذا بعد أن نادى مسؤول على أسمائهم المدونة في القائمة التي كان يعتمدها للتأكد من هويات المشاركين في الرحلة الجوية. وقال: “إن أسماءكم غير واردة في القائمة التي سلمت لي”. في حين أنه نادى عليهم من تلك القائمة، وشاهد المعنيون أسماءهم، كما شاهدها كل الحاضرين.وقال المكلفون بالتشريفات إن “التنقل إلى تندوف مسموح فقط للصحفيين الذين اعتمدتهم مصالح الوزارة الأولى”.وكان الصحفيون قد أرسلوا طلبات الاعتماد إلى مصالح سفارة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الجزائر، مساء الأربعاء الماضي. وردت السفارة بالإيجاب صباح الخميس. مع تحديد توقيت الرحلة الجوية من مطار هواري بومدين على الساعة السابعة صباحا. وهي نفس الإجراءات التي يتبعها الصحفيون الجزائريون والأجانب للتنقل إلى مخيمات اللاجئين في تندوف.ومن جهة أخرى، وجهت الوزارة الأولى دعوات للصحفيين لمرافقة الوزير الأول، عبد المالك سلال، والوفد الرسمي المشارك في مراسم الجنازة. وهم الذين تنقلوا على متن رحلة خاصة أقلعت من مطار العاصمة أمس باكرا. وبقي الصحفيون الآخرون ينتظرون الرحلة الجوية الثانية، المخصصة لنقل المجموعة الثانية من الصحفيين والمصورين، الذين أرسلوا طلبات الاعتماد لسفارة الجمهورية الصحراوية، مع إطارات جبهة البوليسارو القادمين من مختلف دول العالم.وجرت الأمور هكذا: بدأ العامل في مصلحة التشريفات ينادي بأسماء الصحفيين الجزائريين، في حدود الساعة السابعة صباحا، وتقدموا الواحد تلو الآخر واستظهروا الأوامر بالمهمة وبطاقات الهوية، وشرعوا في الدخول إلى قاعة الانتظار. ثم نادى على صحفي “الوطن”، الذي قام بنفس الإجراء، ليطلب منه مستخدم التشريفات الانتظار، ثم نادى على صحفي “الخبر” ليطلب منه الانتظار أيضا. ونفس الحال مع صحفي “كي. بي. سي”. وبعدها بدأ بالمناداة بأسماء إطارات جبهة البوليساريو، ليدخلوا هم أيضا إلى قاعة الانتظار.ولما لاحظ الصحفيون الذين دخلوا إلى القاعة أن زملاءهم الثلاثة منعوا من الرحلة، قرروا أن يقاطعوها هم أيضا. وهو ما رفضه زملاؤهم المقصون “لأن الأمر يتعلق بحدث عالمي تاريخي، وبرحيل رجل عظيم. ولا يجب المشاركة في تلطيخه”.وحاولنا الاتصال بمسؤول مصلحة الإعلام في الوزارة الأولى ، الذي رافق عبد المالك سلال إلى تندوف، لاستفساره عن الجهة التي قررت منع الصحفيين الثلاثة من التنقل إلى تندوف، لكنه رفض الرد على اتصالاتنا الهاتفية.كما ذكر لنا صحفيون كانوا في تندوف لتغطية الحدث، نهار أمس، أنه فعل ما باستطاعته لتحاشيهم وتحاشي الرد على الأسئلة في هذا الخصوص. وتأتي هذه الحادثة بعد أسبوع من منع مصالح ولاية قسنطينة الترخيص لصحفيي “الخبر” لعقد اجتماع تنسيقي مع إدارة المؤسسة في فندق، رغم الطلب الذي تقدمت به المديرية الجهوية لـ”الخبر” بقسنطينة إلى مصالح مديرية التنظيم والشؤون العام لولاية قسنطينة، ثمانية أيام قبل موعد انعقاد الاجتماع. ومن غرابة الصدف أيضا، أن هذه الأحداث جاءت بعد “فضيحة” دخول صحفي إسرائيلي إلى الجزائر في “حقائب” الوزير الأول الفرنسي. ولا أحد استطاع أن يحدد الجهة التي “أمرت مصلحة التشريفات بالوزارة الأولى بمنع الصحفيين المعنيين من التنقل إلى تندوف”. وهل أن الوزير الأول عبد المالك سلال كان على علم بذلك قبل أن يستقل الطائرة ليشارك في تشييع جنازة الرئيس الصحراوي الراحل محمد عبد العزيز.واستغرب الزملاء هذه السقطة غير المسبوقة، التي تضرب مصداقية الدولة الجزائرية في الصميم، خاصة أن جريدة “الخبر” معروفة بموقفها المبدئي في الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وكانت دائما سباقة لتغطية الأحداث الخاصة بالقضية الصحراوية، في مخيمات اللاجئين والأراضي المحررة وفي بعض العواصم الأوروبية، ما كلفها دعوى قضائية رفعها ضدها ملك المغرب محمد السادس.كما استغرب الزملاء المستوى الهابط الذي بلغه بعض المسؤولين الجزائريين في التعاطي مع الصحافة الجزائرية المستقلة، إذ كيف يعقل أن ينقل هؤلاء المسؤولون خلافاتهم الداخلية مع الجريدة إلى مستوى منعها من تغطية حدث دولي؟ وكيف يعقل أن ينزل المستوى الأخلاقي والسياسي والدبلوماسي لنفس المسؤولين إلى مستنقع بضحالة وضآلة منع وسيلة إعلامية من تغطية جنازة زعيم بحجم الرئيس الصحراوي، رحمه الله، بكل ما تحمله هذه الجنازة من سمو تحرر ونبل مبدأ وعدالة قضية.ليبقى السؤال الأكبر حول هذا السلوك غير المسؤول وغير الأخلاقي: من المستفيد من منع “الخبر” من تغطية جنازة الزعيم الراحل محمد عبد العزيز؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات