+ -

بتفضيلها دراسة تعديلات القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، والهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، من أصل قرابة 30 قانونا عضويا وجبت مراجعتها بموجب الدستور الجديد، تكون السلطة قد قررت “مغازلة” أطياف المعارضة، في مسعى لربح هدنة بعد فترة توتر في العلاقات بين الطرفين، بدأت منذ الانتخابات الرئاسية الماضية.ببرمجة مجلس الوزراء، في أول اجتماع له خلال سنة 2016، قضيتي الانتخابات واللجنة العليا لمراقبتها، تريد السلطة مد يدها إلى المعارضة لكسب ودها، على الأقل في هذا التوقيت العصيب، ويأتي ذلك كنوع من استجابة رئيس الجمهورية لأحد مطالب تنسيقية الانتقال الديمقراطي وقطب التغيير، في ضرورة تشكيل هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات، حتى وإن كانت هذه الهيئة الانتخابية التي وردت في الدستور لا تفي بالغرض حسب المعارضة، وترى فيها محاولة من السلطة للالتفاف على حقيقة المطلب، بعدما أظهرت العديد من تصريحات مسؤولي الدولة رفضها تخلي وزارة الداخلية عن الإشراف وتنظيم المواعيد الانتخابية، في وقت تطالب المعارضة بهيئة مستقلة من دون تدخل وزارة الداخلية.ومن شأن تمرير مجلس الوزراء محتوى القانونين المتعلقين بالانتخابات والهيئة العليا للمراقبة، أن تبدأ معركة في البرلمان بشأن هذه المسألة، حيث سيمتص جزءا من الغضب في أروقة هيئة ولد خليفة، قبل أن تفرض الأغلبية رأيها بالشكل الذي كان عليه الأمر مع قانون المالية لسنة 2016. فهل ستترك السلطة المجال أمام المعارضة لتمرير مقترحاتها من باب ضمان مشاركتها في الانتخابات التشريعية والمحلية المبرمجة في سنة 2017 ؟ أم أنها ستفرض منطقها ولا يهمها في ذلك موقف المعارضة المتكتلة، خصوصا وأن شبح المقاطعة بعيد المنال ولا تأثير له في المعادلة ؟تؤشر العديد من المعطيات في الساحة الوطنية، أن الفريق الحاكم سيلجأ إلى سياسة “البلدوزر” لتمرير القوانين دون مراعاة مطالب المعارضة، ويتجلى ذلك في تصريحات أحزاب الموالاة الذين لم يتركوا أي مناسبة دون اتهام خصومهم بشتى النعوت وحتى بالعمالة للخارج، وهو خطاب غير مرشح للتغير بالرغم من حالة “الترهل” في أعلى هرم السلطة. غير أن الظروف الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد والضغوط الخارجية من الشركاء الأجانب، من شأنها أن ترمي بظلالها وتدفع السلطة إلى بسط يدها، من باب أن حالة الاحتقان في البلاد وصلت أوجها، إلى درجة جعلت المجلة الأمريكية للشؤون الخارجية، والمقربة من كتابة الدولة للخارجية الأمريكية تعرب، في مقال لها يوم 29 ماي الجاري، عن تخوفها من حدوث انفجار في الجزائر.كما أن الوضع الأمني المتردي بالحدود وعدم قدرة أحزاب الموالاة على تجنيد الجبهة الداخلية في سياق مبادرة “الجدار الوطني” التي يرافع لها عمار سعداني، الأمين العام للأفالان، الذي يواجه خصومه في نفس الحزب من جهة، ومن جهة أخرى رفض غريمه الأرندي المشاركة فيها، كلها معطيات تجعل من السلطة لا تملك كل الأوراق بيدها وبحاجة إلى توازنات سياسية أخرى لتفادي موجة غليان، بدأت رقعتها تتوسع من يوم لآخر، بسبب بداية بروز تداعيات سياسة “التقشف” وشد الأحزمة التي ولدتها أسعار البترول المتدهورة. وبالنظر إلى أن سنة 2017 هي سنة انتخابية (تشريعية ومحلية) من جهة، ومن جهة ثانية ستكون سنة صعبة باعتراف الوزير الأول عبد المالك سلال، ما يعني أن شراء هدنة مع المعارضة يعتبر أولوية في أجندة السلطة، خصوصا وأن الحديث عن خلافة بوتفليقة المبرمجة في 2019 قد دخلت غرفة “المزاد” من الآن.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات