الوضع العام في البلاد ينذر بميلاد شيء ما.. الدستور جمّد تفعيله بعد أن تمت المصادقة عليه.. وحال الحكومة قبل الدستور هو نفسه بعد الدستور، وفي ذلك دلالة على أن الأمور لا تسير كما يجب على مستوى الرئاسة، وعلى مستوى أجهزة الدولة الحساسة! عزوف الرئيس عن تفعيل الدستور الذي يعتبره من بين إنجازاته المهمة في العشرية الأخيرة... (وعجزه) حتى عن إجراء تعديل حكومي كان ضروريا قبل الدستور وأجل إلى ما بعد الدستور.. كل ذلك يدل على أن الأمور لا تسير كما يجب، لا في الرئاسة ولا في الحكومة ولا في البرلمان، ولا أتحدث عن الأجهزة الأخرى الحساسة.1 - الرأي العام أصبح يتحدث عن مرحلة انتقالية في الأفق، تتم خارج الدستور المعطّل العمل به عمليا، وأجواء حالة سوار الذهب في السودان تحوم حول البلاد.2 - تطبيق المادة (202) من الدستور لم تعد ذات معنى، سواء بإرادة الرئيس أو من دون إرادته، وكذلك تطبيق أي مادة أخرى من الدستور تتعلق بشغور منصب الرئاسة تحت أي ظرف.. لا عبد القادر بن صالح ولا مدلسي يمكنهما أن يقبلا بتسيير مرحلة انتقالية عمرها 3 أشهر.. ولهذا خرج علينا بن صالح على غير العادة بدعوة النواب إلى انتقاد الحكومة والكف عن مدحها.3 - تتحدث بعض الأخبار أنه حتى جهاز الـDRS عاد للعمل موحدا كما كان قبل الإصلاحات التي باشرها الرئيس باسم سعداني، كما لاحظ ذلك الرأي العام، وأن أهم ما تم في هذا الجهاز هو إبعاد قائده ليس إلا، وأنه حتى الجهاز الجديد الذي أعلن عن ميلاده على أنقاض (D.R.S) أصبح هو الآخر في خبر كان.. فلا وجود لنشاط جهاز اسمه (D.R.S) في الوقت الحاضر، حتى جهاز الدرك رفض التعامل مع الجهاز الجديد (D.R.S)، لأن الدرك سلك عسكري لا علاقة له بجهاز مدني أو المفروض فيه أن يكون مدنيا.4 - المعارضة هي الأخرى وضعت نفسها في “النقطة الميتة” في انتظار الجديد الذي بدأت أحداثه تتسارع... وباتت المعارضة نفسها في قطاعات واسعة منها تؤمن بأن الأوضاع لا تسمح بإجراء انتخابات رئاسية، سواء بإشراف السلطة أو خارج إرادة السلطة.. تماما مثلما أن الوضع العام لا يسمح بالبقاء إلى 2019 والرئاسة في البلاد على هذا الوضع، لأن ذلك فيه خطورة كبيرة على البلاد.5 - لهذا بدأت أجواء حل سوار الذهب السوداني قائمة، بعد الانسداد الحاصل بتجميد كل شيء: الدستور الجديد والرئاسة بالمرض والحكومة بقلة الصلاحيات، والجو العام في البلاد أصبح فعلا يدعو إلى إلغاء مشروع سعداني القاضي بتمدين الحكم، فأصبحت عملية العسكرة من جديد هي الحل المأمول لما نحن فيه الآن.ويتساءل المتسائلون من يتحمّل مسؤولية ما وصلنا إليه.. هل أحزاب الموالاة البائسة التي دعت إلى عهدة رابعة، إرهاصات فشلها كانت قائمة.. أم العسكر الذين سكتوا عن هذه القضية، وكان بإمكانهم أن يجعلوا الانتخابات الرئاسية الماضية مقدمة جادة لحل الأزمة السياسية في البلاد! ولماذا سمحوا بعهدة رابعة أزّمت الأوضاع إلى حد أن أصبح السياسيون في البلاد يطالبونهم بإنقاذ البلاد بلجنة إنقاذ جديدة تنصب على أنقاض السياسيين المدنيين سلطة ومعارضة.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات