+ -

الأحزاب السياسية الحاكمة في البلاد تعاني من تكلّس سياسي تنظيمي قاتل، أدى إلى جمود الحياة السياسية في البلاد وتجمّدت معها البلاد برمتها.حزب الأرندي احتاج إلى سنة كاملة من الوقت والتسيير بالنيابة كي يصل إلى المؤتمر الاستثنائي، والذي تحوّل بقدرة قادر إلى مؤتمر عادي يتخذ قرارات ليست من صلاحياته بحكم القانون الأساسي للحزب.واحتاج الأمين العام المعيّن بالمؤتمر الاستثنائي إلى أمين عام بصلاحياته، المؤتمر العادي احتاج إلى شهر كامل كي ينصب المكتب الوطني، ومعنى هذا الكلام أن 1 على 12 من وقت الحزب، سياسيا وتنظيميا، قد ذهب أدراج الرياح.الأفالان نفسه ينقل الناس عبر المسافات العديدة من الولايات للاستماع إلى خطاب الأمين العام، فيقول لهم في خطاب تاريخي (تلمسان) إن بوتفليقة هو رئيس الحزب، وأن سعداني عنده سنة كاملة وهو يضرب رأسه في الجدار السياسي الوطني، ومع ذلك ما يزال رأسه صامدا والجدار واقفا!ما أريد قوله هو أن كارثة سوء تسيير البلاد تبتدئ من كارثة سوء تسيير الأحزاب الحاكمة نفسها... فالأحزاب التي تجد صعوبات في حسم الخلافات التنظيمية الداخلية لهذه الأحزاب داخليا، كيف لها أن تحسم الخلافات الحاصلة في أجهزة الحكم والمجتمع؟! وبتعبير آخر تعطيل الحياة السياسية في الأحزاب بسبب الصراعات انعكس سلبا على الحياة العامة لتسيير البلاد.لم يحصل في تاريخ الأحزاب السياسية أن حزبا سياسيا له الأغلبية في البرلمان، ورئيس البرلمان عضو في هذا الحزب، ورئيس البلاد هو أيضا رئيس هذا الحزب، ورئيس الكتلة النيابية يمنع وزيرا سابقا للحزب من الدخول إلى البرلمان! والرئيس لا يحرك ساكنا، ورئيس البرلمان ورئيس الحزب لا يقولان شيئا.. بل حتى رئيس الحكومة الذي هو مناضل في هذا الحزب لا يقول شيئا!هذا لا يحصل إلا في دولة ليس فيها أحزاب، بل فيها أجهزة للتأييد والمساندة لرئيس يحكم ولا يحضر للرئاسة أو الحكومة.هذه الأحزاب البائسة صدعت رؤوس المواطنين بعظمة التعديلات الدستورية التي قام بها برلمان حفافات هذه الأحزاب، بعد 10 سنوات كاملة من الحديث عن هذه التعديلات، وفي النهاية تمت التعديلات وصدر الدستور وطبع ووزع... ولكن لاشيء تغير في الحكومة وفي البرلمان وفي أجهزة الحكم عما كان عليه الحال قبل تعديل الدستور؟!فما جدوى هذا التعديل إذن؟! ولماذا يرفض الرئيس تطبيقه في الواقع، سواء على مستوى الهيئات أو القوانين؟! فإذا كان الوضع قبل الدستور هو نفسه بعد الدستور، فلماذا إذن هذا الدستور؟الرئيس وأحزاب التحالف أصبحوا فعلا يشكلون مصادر للعبث والتضليل.. العبث بالمؤسسات وتضليل الشعب بالإصلاحات الوهمية... والحال أن الجميع ما يزال غارقا في مسائل تنظيمية على مستوى الأحزاب، وليس تلك المتعلقة بمؤسسات الدولة.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات