38serv
قدم المخرج يحيى مزاحم، بقاعة الموڤار بالجزائر العاصمة، فيلمه الجديد ”لالة زبيدة والناس”، سيناريو ”حفيزة مريمش”، أنتج في إطار تظاهرة ”قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، من بطولة الممثلة التونسية سوسن معالج ومشاركة الممثلة التونسية سارة حناشي، ومجموعة من الممثلات الجزائريات، منهم الممثلة نورة بن زيراري والممثلة سليمة عبادة.
بعد أن قدم المخرج يحيى مزاحم عدة أعمال تلفزيونية، التزمت في معظمها بالوفاء للكوميديا، منها ”الزهر مكانش”، عاد بعد سنة واحدة من تقديمه لفيلمه ”السجن” الذي دخل في دهاليز سجن ”لامبيز” الشهير بمدينة باتنة خلال الثورة والعذاب الذي كان يشكّله هذا السجن يوميا للمجاهدين الجزائريين، ليختار مؤخرا حكايات النساء، أحزانهن وأفراحهن وغيرتهن، ويراقب تفاصيل جريمة قتل ارتكبتها بطلة الفيلم ”لالة زبيدة” - جسدت دورها سوسن معالج - بدافع الغيرة.كل هذه الفسيفساء الإنسانية من الألم والتعب، قدمها المخرج يحيى مزاحم مهتما كثيرا بتفاصيل الملامح الإنسانية عند الشعور بالألم والحزن والندم، لهذا يركز على عمق ملامح المرأة ”لالة زبيدة”، مستخدما تقنية خاصة في التصوير، قال عنها إنها: ”اختيار نابع من قناعته الخاصة”، لهذا جاءت طريقة التصوير لتخدم السيناريو وتحمل الفيلم إلى منطقة جد متقدمة من الإحساس وتفسير الحالة النفسية للبطلة ”لالة زبيدة”، بأداء مميز للممثلة التونسية سوسن معالج التي بذلت جهدا كبيرا من أجل أن تمحو كل ملامح اللهجة التونسية وتظهر بلسان قسنطيني، يصعب لمن لا يعرف جنسية الممثلة أن يكتشف ذلك. الناس في فيلم ”لالة زبيدة”، هم باقي الحكايات التي نعيشها يوميا، إنها تلك القصص التي لا تحتاج إلى تحديد زمن معين ومكان القصة، رغم أن تفاصيل المشاهد كانت توحي بأن الزمن حديث، والمكان مدينة قسنطينة وجسورها المعلقة التي يلجأ إليها المخرج في النهاية من أجل رسم مشهد الانتحار. رغم ذلك، يبقى المكان والزمن للحكاية هو الإنسانية، حيث ليس من المهم أن نضبط الأحداث على ساعة معينة لما تحمله هذه الدراما الإنسانية من مواعيد نجدها في أي مكان. يعتبر الفيلم الذي جاء بعد مجموعة من الأفلام التي أنجزت في إطار تظاهرة ”قسنطينة عاصمة الثقافة العربية” الأفضل، لم يكن خارقا للعادة، ولكن تميز عن أعمال سينمائية كثيرة تناولت مواضيع مشابهة، كفيلم ”وسط الدار” للمخرج سيد على مازيف، وإن احتاج هذا الفيلم إلى مزيد من الضبط في مشاهده من ناحية المدة، فمشهد الانتحار جاء سريعا وخاطفا رغم أهميته، بينما جاء مشهد البكاء على الضحية مترهلا حتى خرج من معناه. لكن السؤال الذي يخرج فيه المشاهد في النهاية، هل كان الفيلم طويلا إلى هذا الحد؟ هذا هو السؤال العام بعد مشاهدة فيلم ”لالة زبيدة”؟ فرغم أن الفيلم لم يتجاوز حدود الساعة ونصف ساعة، إلا أن القصة بما تحمله من ألم وحزن وانتقام وندم، كان إيقاعها بطيئا بالشكل الذي أراده المخرج من أجل أن يفسر كل شعور ويقرأ كل ارتعاشه خوف ونظرة قلق وحزن في عين ”لالة زبيدة”، بعد أن اندفعت بمشاعر الغيرة إلى القيام بجريمة قتل، لم تكن لتستطيع كيف تبتسم أو تشعر براحة البال، بعد ارتكابها للجريمة، وهو ما يدفعها في النهاية إلى أكثر الخيارات تطرفا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات