وزير العدل، “الطيب الوطني” كما كنا نطلق عليه في الصحافة أيام الثمانينات، عندما كان يناضل مع الإعلام من أجل تكوين نقابة مستقلة للقضاة تحمي الحقوق والواجبات. “الطيب الوطني” هو الآن وزير العدل ويصرح أمام البرلمان “دعوا العدالة تعمل عملها..”. ما أجمل هذا الكلام لو قيل لوزير الاتصال.هذا الكلام يفترض ألا يوجّه إلى “الخبر” ومن يتعاطف معها، بل إلى الحكومة وإلى وزير الاتصال الذي لجأ إلى العدالة في قضية ليست من اختصاصه قانونا، ويمارس باسم الحكومة الإزعاجَ للعدالة في كل مرة تتأهب فيها العدالة للفصل في القضية، عبر رداءة بائسة حتى في رفع الدعوى.كان الواجب على وزير العدل أن ينبه الحكومة ووزير الاتصال إلى الكف عن إزعاج العدالة بممارسة قلة الكفاءة المتتالية في تسيير ملف قضية “الخبر”. هل من الكفاءة والمهنية الوزارية أن الحكومة التي تقف وراء هذا الوزير في إزعاج “الخبر”، كما ذكر الوزير الأول، هذه الحكومة وهذا الوزير لا يعرفان أبجديات رفع دعوى قضائية أمام القضاء، فيضطر الوزير إلى رفع الدعوى، ثم طلب تأجيلها ثلاث مرات، وفي كل مرّة يحوّر في مضمون الدعوى، وفي تغيير الغرفة، وفي تغيير القضاة؟ هل من الكفاءة الوزارية الحكومية أن من يرفع الدعوى يطلب تأجيلها لأنه غير ملم بالقضية؟ أليس الأمر هنا شديد الوضوح، وهو أن القضية سياسية رفعت على عجل أمام القضاء، ثم شرعت الحكومة في التخبط لأجل إيجاد مخرج قانوني؟ من يمارس الضغط على العدالة يا سيادة وزير العدل؟ هل هي الحكومة التي تفعل هذا أمام الشعب الذي يناصر “الخبر” المظلومة؟إذا كانت الحكومة لا تستطيع حتى رفع دعوى قضائية وفق الإجراءات التي حددها القانون الذي وضعَته هذه الحكومة، فكيف يطمئن المواطن إلى كفاءة هذه الحكومة في تسيير الشأن العام؟قلتم إن رفع دعوى قضائية ضد شكيب خليل كان خطأ.. فهل رفع دعوى قضائية ضد “الخبر” بهذه الطريقة ليس خطأ آخر أشد بؤسا من قضية خليل؟ هل من الصدفة أن من اعتمدت عليهم الوزارةُ من المحامين في رفع القضية ليس لأحدهم صفة المحاماة والثاني احتاج إلى عدة أسابيع كي يفهم القضية؟ هل الإجراءات التي اعتمد عليها محامو الوزارة في التأجيلات المتتالية للقضية، هل هذه الإجراءات التي جاءت في قانون الإجراءات المدنية، وُضعت لحماية المواطن من تعسف السلطة في الإجراءات؟ أم وضعت لحماية تعسف المواطن (“الخبر”) ضد السلطة؟ الجواب عندكم يا سيادة الوزير.إنه لأمر محزن حين نرى رداءة الأداء الحكومي بهذا المستوى، ورداءة في اختيار المحامين الذين تستند إليهم الوزارةُ في مثل هذه القضية التي تشغل الرأي العام.لا، ليست “الخبر” هي التي تزعج العدالة، بل وزير الاتصال والحكومة هم الذين يزعجون العدالة، إلى درجة أن القاضي ارتفع ضغطه وسكّره، وهو من أكفأ القضاة، وكاد يحدث له ما حدث لوالي عنابة رحمه الله.فكفّوا أيديكم عن العدالة وعن “الخبر”.. ليس من العيب أن تترك الحكومةُ العدالةَ تصحِّح لها الخطأ، ولكن العيب أن ترتكب الحكومة خطأ آخر بالضغط على العدالة لإصدار حكم معيّن، والأكيد أن مضاعفات الحكم المفروض على العدالة ستكون أشد سوءا من الخطأ الأساسي وهو رفع الدعوى من طرف الحكومة في قضية لا تعنيها، واستعمال التعنّت والظلم لدعم الخطأ بخطأ آخر أشد قد يضاعف متاعب الحكومة وليس متاعب “الخبر” وحدها، فالمبيت على الغيظ أفضل من الندامة[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات