38serv

+ -

هل دخلت “الخبر” أسبوع الحسم أم أسبوع التأجيل؟ بموعد قاضي محكمة بئر مراد رايس الذي يقرر الأربعاء المقبل إن كانت صفقة تحويل أسهم من مجمع “الخبر” لشركة “ناس برود”، أحد فروع مجمع “سيفيتال” لرجل الأعمال إسعد ربراب، شرعية أم لا؟ على مدار الأسابيع الماضية، لم تخفت تلك الأصوات المدافعة عن حرية الرأي والكلمة، إلا أن تقول “كلنا مع الخبر”، كقلعة من قلاع حرية التعبير، في بلاد صار فيها الفرز الإعلامي فرزا طبيعيا، بين صنّاع “موت الصحافة” عن طريق فوضى ليست خلّاقة تعاظمت الأسبوع الماضي على وقع تشويه الحقائق وتأليبها لإسكات الأصوات الحرة، وبين صناع القلم الحر التواقين للحرية والرافضين لتعفين وضع عَفِنٍ أصلاً بفطريات غسل المخ الجزائري.لكن، وطيلة مسار قضية “الخبر” منذ الأسابيع الماضية، وإن كانت الصورة غير واضحة في بدايتها لدى الرأي العام، فقد تجلت لدى الجزائريين بمشهد أكثر وضوحا الأسبوع المنقضي، وبدا ذلك من خلال الردود التي تلقتها الحملة المسعورة على “الخبر” على نفس الأعمدة التي شهدت حملة التشويه، والردود هذه المرة ليست من الطبقة السياسية ولكنها من متابعي القنوات وقراء الصحف.وقراء الصحف، منهم من قصد “الخبر” فرادى وجماعات من عدة ولايات إلى المقر المركزي أو إلى المكاتب الولائية أو الجهوية للجريدة، لكن تلك الصورة التي بقيت حية ومتحركة لدى صحفيي “الخبر” وعمالها، تلخصت في ذلك المشهد المؤثر للغاية الذي صنعه معطوبو الجيش الوطني الشعبي عند زيارتهم الجريدة، حاملين لواء التضامن معها في محنتها مع مضايقات وزارة الاتصال، فرغم العجز الذي يعانون منه، فقد أبوا إلا أن يتكبدوا مشاق الحضور لإعلان مساندتهم المطلقة للجريدة التي قالوا إن إسكات صوتها هو إسكات لصوتهم. وهم نفر من أغلى أبناء الجزائر، ممن دفعوا أجزاء من أجسادهم ذودا عن البلاد، تضامنوا مع “الخبر” وهم على كراسي متحركة! “الخبر” مـــــــا آن لهــــــا أن تنتهـــــــي اتضح جليا وبعد كل هذه المدة التي أعلنتَ فيها حربا قذرة على “الخبر”، يا سيادة وزير “الاشهار”، وبعد أن قررتَ رفع دعوى قضائية ضد “الخبر” بهدف إبطال الصفقة التي تمت بين المساهمين ورجل الأعمال إسعد ربراب بالتنازل عن جزء من أسهم مجمع “الخبر” لشركة “ناس برود” أحد فروع مجمع “سيفتال”، أن تنصيبك لم يكن بهدف تحسين وضعية القطاع وجعله في مصاف الدول الكبرى، وإنما يعكس الحقد الذي تُسِرُّه ضد هذا العنوان الذي كوّن وضم إليه خيرة ما أنجبت الصحافة الجزائرية، الذين “فضحوك” لأن نيتك كانت تكميم الأفواه وقتل الكلمة الحرة في الجزائر.عند تعيينك على رأس وزارة الاتصال، كان الجميع في هذا القطاع يرجو أن تأتي بالجديد والحلول للمشاكل التي يعاني منها، وأن تدخل عليه تطورات جديدة تجعله يرقى إلى مصاف إعلام الدول المتقدمة، ولكنك جئت على العكس تماما، كيف لا وهدفك كان إسكات صوت آخر قلعة من قلاع حرية التعبير “الخبر”، وشقيقتها الناطقة بالفرنسية “الوطن”، ولتشفي غليلك وتنهي مخططك عقدت اجتماعا مغلقا وسريا مع بعض الخواص لمنع الإشهار عن هاتين الجريدتين، لتقضي بذلك عليهما نهائيا، إلا أن الاستماتة التي قوبلت بها من طرف صحفييها وكل العمال فيها جعلتك تفكر في طريقة أخرى تطبخها على نار هادئة، إلى أن جاءت الفرصة بإعلان المساهمين في مجمع “الخبر” عن التنازل عن جزء من أسهمهم بالمجمع لشركة “ناس برود” فرع من فروع مجمع “سيفتال”، فانتظرت حتى تمت الصفقة، وخرجتَ للجميع ضاحكا متبخترا لأنها فرصتك، وفرصة من وراءك ويخشى الظهور للعيان، في ضرب عصفورين بحجر واحد، أهمهما تركيع الأقلام الحرة التي كشفت حقيقتك من الألف إلى الياء.جمعتَ قواك، وكدت المكيدة، فرفعت قضيتين: أولاهما مستعجلة لدى محكمة بئر مراد رايس ضد مجمع “الخبر”، وحجتك أن الصفقة منافية لقانون الإعلام، فأثبتَّ أنك لا تفهمها من الأساس حتى وأنتَ وزير، وحاولت جاهدا تضليل الرأي العام وإقناعه أنت ومن يقف وراءك بأنها كذلك. ولتُحقق مرادَك وتبطل الصفقة، عينت محاميا أقل ما يقال عنه أنه لا يحفظ حتى أبسط المواد في القانون، والطامة الكبرى التي قضت على آمالك في التعجيل في إسكات صوت هذه الجريدة، وكل من يمثلها من مديرها العام إلى أبسط موظف فيها، حدث ما لم تتوقع حدوثه، حيث تجمهر لك العمال والصحفيون بالجريدة وأوصلوا صوتهم إلى أبعد نقطة في الكرة الأرضية، وأبوا أن تُكمَّم أفواهُهم وتُكبَّل أيديهم أو يركعوا لك ويسجدوا مهللين “السمع والطاعة يا ملك الإعلام في الجزائر”.ولم ينقض إلا أسبوع واحد على المحاكمة الأولى حتى جاءتك صفعة أقوى بكثير من سابقتها، يوم 11 من هذا الشهر، حيث زاد الحشد والتف المتضامنون من أحزاب وجمعيات ومنظمات وممثلي المجتمع المدني وحتى المواطنين والأوفياء من قراء الجريدة، ولم تمر دقائق على انطلاق جلسة المحاكمة حتى خرج محاميك مطأطأ الرأس خاوي اليدين، “ويديه فوق الراس”، بعد أن طرده رئيس الغرفة الثانية للمحكمة ذاتها، لأن هذا “المغبون” لا يصلح لأن يرافع في أي قضية، كونه مشطوبا من قائمة نقابة المحامين وممنوعا من ممارسة المهنة، فزاد “جنونك” أكثر وزاد خوفك من فقدان ما تبقى من ماء الوجه “لتقابل به”، وزاد معه يقين الجميع بأن القضية ليست قضية صفقة مخالفة للقانون لا تملك فيها حتى الصفة لرفع دعوى قضائية، وإنما قضية تصفية حسابات مع الجريدة.أفبعد كل هذا تُواصل في القضية وعندك شجاعة البقاء في هذا المنصب، وتمثيل الإعلام الجزائري البريء منك براءة الذئب من دم يوسف، أفبعد كل هذا لا زلت مصرا على أن تفرض على الجرائد ووسائل الإعلام السمعية البصيرية أن “يدخلوا في الصف”، ويعلنوا الولاء لمن لا يفرق حتى بين أبسط قوانين الإعلام؟ إنك وبإعلانك الحرب على “الخبر” لم تزدنا إلا يقينا بأنها كانت ولا زالت وستبقى مثالا للكلمة الحرة ومدرسةً للإعلام في الجزائر، وأنك بهذا قد كشفت لنا التعلق الكبير للقراء والجزائريين عامة بهذه الجريدة التي فدَت الجزائر بأحد أبنائها ومؤسسيها عمر اورتيلان رحمه الله، لترسيخ فكرة حرية الصحافة والإعلام في الجزائر، فأرنا ما قدمتَ للإعلام يا وزير “الإشهار” !

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: