لا أكاد أصدق أن الرئيس بوتفليقة يمكن أن يقدم على رفع دعوى قضائية ضد صحيفة “لوموند” الفرنسية. أغلب الظن أن محيط الرئيس هو الذي فعلها باسمه، لأن الرئيس بوتفليقة الذي نعرفه له عزة نفس عالية جدا، وهو في هذه يتشبّه بالجنرال ديغول الذي يرى نفسه فوق كل شيء، فكيف يصل الحال ببوتفليقة أن يضع نفسه في خصومة تضامنية مع صحيفة فرنسية حتى لو كانت “لوموند”؟العبثية التي طبعت رفع هذه الدعوى القضائية ضد “لوموند” باسم الرئيس بوتفليقة تجعلنا نقول: إمّا أن الرئيس لم يطّلع على الأمر أو أنه تمّ باسمه، أو أنّه لم يعد كما عهدناه ولا ما نعرف عنه في السابق من فطنة ونباهة سياسية وإعلامية لا تسمح له بارتكاب مثل هذه الأخطاء.هل نصدق أن الرئيس بوتفليقة الذي يأمر مصالح “أناب” بأن تغدق على صحيفة “لوموند” إشهارا قيمته أكثر من ربع مليون أورو في سياق الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة، مثل هذا الرئيس يمكن أن يرفع دعوى قضائية ضد هذه الصحيفة لتغريمها بـ10 آلاف أورو جراء نشر صورته خطأ في قضية “أوراق بنما”؟ماذا سيكسب الرئيس من استصدار حكم من القضاء الفرنسي هذا هو محتواه؟ هل وصل به سوء تقدير الأمور إلى هذا المستوى؟ أغلب الظن أم محيط الرئيس أصبح يرتكب المناكر السياسية والإعلامية باسم الرئيس، والرئيس بريء من مثل هذه الأمور، فلا يحتاج المرء إلى عناء كبير لمعرفة أن الهدف من رفع هذه الدعوى باسم الرئيس ضد “لوموند” ليس إعادة الاعتبار للرئيس، بل محاولة تأديب “لوموند” حتى لا تتجرّأ على نشر أسماء أخرى مستقبَلا، وهكذا يستخدم هؤلاء سمعة الرئيس حتى في الحروب الوقائية للمفسدين.لقد وجدت مسؤولا كبيرا في الدولة في جنازة المرحوم مصطفى شلوفي كاد أن يضرب رأسه على جذع شجرة عندما قلت له: إن الرئيس قد رفع دعوى قضائية ضد “لوموند”.. فصاح هذا المسؤول: لا لا، هل تحوّل رئيس الجزائر إلى مواطن فرنسي؟ يعالج هناك ويقاضي الجرائد التي تنتقد سياسته هناك أيضا؟ إنه هزال مستشاريه في الرئاسة وهزال الحكومة وهزال الوزراء والسفراء.. الكل يقدم على مثل هذه الحماقات باسم رمز البلاد.. هذا الأمر يفعله رؤساء دول الموز في إفريقيا وليس رئيس الجزائر، ومع ذلك فقد حدث هذا.. واليوم يتساءل الشارع الجزائري: هل قضية رفع الدعوى باسم الرئيس ضد “لوموند” لها علاقة بالحديث الذي أجراه ربراب مع هذه الصحيفة مؤخرا؟ وإذا كان هذا هو السبب فهل علاقة رئاسة الجزائر بـ“لوموند” أصبحت “بافلوفية”: “لوموند” تثير والرئاسة ترد باستجابة لا تليق بهذه المؤسسة؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات