38serv

+ -

أفاد مديرو يوميات وطنية بأنهم يتعرضون لضغوط من وزير الاتصال، حميد ڤرين، لتوجيه مادتهم الصحفية نحو دعم القضية التي رفعتها وزارته لإبطال صفقة بيع أسهم مجمع “الخبر” إلى شركة “ناس برود” للإعلام. يأتي هذا الاعتراف ليكشف للرأي العام الوطني حقيقة الحملة التي تشنها بعض الصحف والقنوات على “الخبر”. أمعن وزير الاتصال، حميد ڤرين، في “شخصنة” قضيته مع “الخبر”، من خلال التدخل المباشر في عمل بعض الصحف الوطنية، لإعطاء توجيهات محددة بالوقوف إلى جانبه، والهجوم على الطرف الآخر في القضية، بما ينفي تماما “خرافة” القضية التجارية التي يروجها الوزير، ويثبت أن ڤرين يريد أن ينتصر لنفسه بأي ثمن في هذه القضية التي جعلها شغله الأول والأخير.وبتدخل الوزير المباشر في القضية، يكون قد أثبت على نفسه، أيضا، تهمة “التسييس” التي يقذف بها غيره من الأطراف التي لا يسميها، إذ أن تدخله لتوجيه الصحف يأتي مناقضا تماما لسير القضية التي يفترض أنها موجودة على مستوى العدالة، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال للوزارة أن تستعمل وسائل الدول في توجيه الأمور لصالحها.وبحسب مديري بعض هذه اليوميات الذين تحدثوا لـ”الخبر” وتحفظوا على ذكر أسمائهم، فإن ڤرين اتصل بهم طالبا منهم مساندته في الدعوى التي رفعها ضد “الخبر”، من خلال إدراج مقالات يومية تهاجم “الخبر” وتروج لرواية وزارة الاتصال فيما يخص القضية، وكذلك الاستعانة بمحامي الوزارة في نقل التصريحات التي تدعم الوزير.وأوضح مدير يومية وطنية ناطقة بالفرنسية، أن الوزير اتصل به شخصيا لهذا الغرض، غير أنه اعتذر عن الخوض في هذه الحملة، مبررا في تصريحه لـ”الخبر”، أنه “من غير الأخلاقي أن تخوض صحيفة في شأن خاص بزميلتها في المهنة، وهذا أدنى واجب ينبغي أن يجمع الصحفيين في إطار التضامن المهني”.واللافت أن وزير الاتصال توجه إلى الجرائد الخاصة، بعدما استنفذ تعليماته إلى وسائل الإعلام العمومية، فقد ذكر زملاء في القناة الإذاعية الأولى أن مسؤولا في القناة نزل إلى قاعة التحرير، وطلب من الصحفيين توجيه كل المادة الخبرية بما يدعم القضية التي رفعتها وزارة الاتصال ضد “الخبر”، وذلك بتعليمات مباشرة من الوزارة نفسها، قد تكون من ڤرين أو من معاونيه.هذا التصرف يضاف إلى سلسلة التجاوزات التي يقوم بها الوزير منذ بداية القضية، فقد تسربت معلومات من إحدى الصحف العمومية، بأنه هو من يكتب الافتتاحيات التي تهاجم “الخبر” بأسماء مستعارة، إلى جانب تكليفه أحد معاونيه بالكتابة باسم مستعار في جريدة خاصة ناطقة بالفرنسية، الأمر الذي فضحه صحفيو هذه الجريدة المتضامنون مع “الخبر”.وتتلقى “الخبر”، في سياق ما يجري، كمّا هائلا من تعاطف الزملاء الصحفيين الذين يرفضون تماما ما يكتب وينشر على جرائدهم بخصوص قضية “الخبر”، ومنهم من أشار إلى أن هذا الأمر يأتي بضغوط فوقية جعلت الجو في قاعات التحرير أشبه بالجحيم لدى بعضهم، خاصة من الذين يرفضون أن يتم إقحامهم في هكذا متاهات.ووفقا لمديري اليوميات الذين تحدثوا لـ”الخبر”، فإن رضوخ بعض الصحف لتوجيهات وزير الاتصال، يأتي بسبب مخاوفهم من معاقبتهم بالطرق التقليدية المعروفة التي تستعملها السلطة في هذه الحالات، أي بإنزال حصتهم أو حرمانهم تماما من الإشهار العمومي الذي يمثل لهم جميعا المورد المالي الوحيد، بسبب ضعف عائداتهم من بيع جرائدهم نظرا لضعف السحب، أو من خلال تهديدهم بالحرمان من المطبعة العمومية، أو دعوتهم للتسديد الفوري لما عليهم من مستحقات خاصة بالمطبعة، وهو نفس الأسلوب الذي سبق ولجأت إليه السلطات بعد الرئاسيات الماضية مع عدد من الجرائد، منها “الجزائر نيوز” التي أوقف طبعها نهائيا، و”الفجر” التي كادت أن تتوقف عن السحب.وبالاعتماد على أسلوب الترغيب والترهيب، يريد وزير الاتصال أن يوجه مضمون ما ينشر في الصحافة، سواء تلك العمومية الخاضعة لسلطته أو الخاصة الواقعة تحت تأثير الإشهار العمومي، لفائدة حملة ممنهجة تستهدف إقناع الرأي العام الوطني بأن جريدة “الخبر” سيتم استعمالها لخدمة أجندات سياسية من قبل مساهميها الجدد، في حين أن الجريدة تؤكد أنها هي من وقعت ضحية السلطة لأكثر من سنتين، بضرب مواردها المالية، وتؤكد على أن خطها التحريري وهامش حريتها هو المستهدف من كل ذلك.هذا الواقع المؤسف الذي يمر به الإعلام في الجزائر، قد يظهر السبب الحقيقي والمباشر وراء إصرار الوزير على إلغاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي جاء بها القانون العضوي للإعلام، فوجودها ينهي تماما أمامه أي إمكانية للتدخل في عمل الصحافة المكتوبة، وكذلك يكشف خلفيات تعطيله إنشاء مجلس أخلاقيات المهنة المنوط به حماية الصحافة وأهلها من هذه الانحرافات.      

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: