38serv

+ -

القِبلة ليست مجرّد مكان أو جهة تتّجه إليها الجماعة في الصّلاة، بل هي رمز يميّز شخصية الأمّة الإسلامية ووحدتها ويميّز هدفها واهتماماتها ويميّز كيانها.. فهل هي الآن مستعدة لإدراك هذه المعاني وتطبيق مفهوم هذا الاتجاه؟ وإلى أيّ جهة تستقبل الأمّة الإسلامية الآن؟ألم يئن للأمّة الإسلامية أن تحوّل قبلتها وتحارب عدوّها الّذي يغزوها في عقر دارها، يغزوها في عقيدتها وسلوكها، يغزوها فيُشتِّت صفوفها ويجعل أبناءها كالوحوش الضّارية يقتل بعضهم بعضًا؟.. فأين هي من الإسلام؟ فالإسلام يدعو البشرية كلّها إلى الوحدة في الله لا تعصبًا منه، بل للخير والحقّ والصّلاح.فالمسلمون هم الغالبون، وهم الأعلون، وهم الأمّة الوسط، وهم خير أمّة أُخْرِجَت للنّاس، ولكنهم اليوم في شتات تائهين، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله!إنّ الإعجاز القرآني يتجلّى في أنّ توجيهاته الكريمة والأسس الّتي جاء بها القرآن لكي ينشئ الجماعة المسلمة الأولى، هي هي، ما تزال التّوجيهات والأسس الضّرورية لقيام الجماعة المسلمة في كلّ زمان ومكان، وأنّ المعركة الّتي خاضها القرآن ضدّ أعدائها هي ذاتها المعركة الّتي يمكن أن تخوضها في كلّ زمان ومكان. لا بل أنّ أعداءها التّقليديين الّذين كان القرآن يواجههم ويواجه دسائسهم وكيدهم ومكرهم، هم هم، ووسائلهم، هي هي، تتغيّر أشكالها بتغيّر الملابسات وتبقى حقيقتها وطبيعتها.وتحتاج الأمّة المسلمة في كفاحها وتوقّيها إلى توجيهات هذا القرآن، حاجة الجماعة المسلمة الأولى، كما تحتاج في بناء تصوّرها الصّحيح وإدراك موقفها من الكون والنّاس إلى ذات النّصوص وذات التّوجيهات، وتجد فيها معالم طريقها واضحة، كما لا تجدها في أيّ مصدر آخر من مصادر المعرفة والتّوجيه.ويظلّ القرآن كتاب هذه الأمّة العامل في حياتها، وقائدها الحقيقي في طريقها الواقعي، ودستورها الشّامل الكامل الّذي تستمد منه منهج الحياة ونظام المجتمع وقواعد التّعامل الدولي والسّلوك الأخلاقي والعملي.. وهذا هو الإعجاز!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات