38serv

+ -

 إنّ الاستعمار الثقافي يعتمد على تفوّق الغرب الكبير، بشقّيه الصليبي والشيوعي، إلاّ أنّ العامل الأكبر في نجاحه هو الفوضى العلمية والاجتماعية الّتي ترجع إلى سنين خلت...وقد شعرتُ بأنّ هذا الاستعمار يعين الجماعات الدّينية الّتي تنشر في رسائل أنيقة الطباعة أنّ الأرض ثابتة، وأنّ النّساء شياطين خلقن لنا، وأنّ الجلابيب البيضاء القصيرة من شعائر الإسلام.. إلخ. لأنّ هذا اللّون من الفكر الدّيني يأتي على الإسلام من القواعد. والجاهل عدوّ نفسه، وعدوّ دينه، وقد انتشر هؤلاء الجهّال في ميادين الدّعوة على نحو تقرُّ به عين الاستعمار، ويقلق منه الحماة الحقيقيون.وعندما حكم “اشتراكيون” أقطار العالم العربي لم يكن همّهم تطبيق الاشتراكية بقدر ما كان همّهم البُعد عن الإسلام تمهيدًا للخلاص منه. وذاك سرّ ما وقع بيني وبينهم من عداوة.. وفي سبيل طرح الإسلام وراء الظّهور أخذت عناوين العمل هذا التدرّج. الاشتراكية الإسلامية ثمّ الاشتراكية العربية ثمّ التّطبيق العربي للاشتراكية ثمّ الاشتراكية فقط ثمّ الاشتراكية العلمية، وبديهي أن تكون المرحلة الأخيرة الاشتراكية الماركسية.إنّ الدكتور مصطفى السباعي، لمّا ألّف كتابه “اشتراكية الإسلام” كان يريد بعقل وحماس أن يسدّ الطّريق على الشيوعية، والكتاب ناضح بالإخلاص لله ورسوله. وقد رفضته الشيوعية لأنّهم يكفرون بالله ورسله، وتركوا المؤلّف المسكين لعلماء الدّين يسلقونه بألسنة حِداد حتّى قضوْا عليه. فماذا قدّموا علميًا وعمليًا أفضل منه. هل الخلاف على العنوان يدعو لهذه البغضاء؟ أم أنّ المقصود خدمة أنظمة معيّنة ترفض –بإباء وشمم!- أن يوضع على سلطانها قيد؟!ولا نذهب بعيدًا، هذا كتاب الله يقول للمتّقين واصفًا لهم ذروة الخير: “لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ” ولم يقُل لهم حتّى تنفقوا ما تحبُّون. ويقول: “الّذِينَ يُقِيمُون الصَّلاَةَ وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا”.. ولم يقل: وما رزقناهم ينفقون إنّه كلّفهم قط بإنفاق أموالهم كلّها.وفي مكان آخر يقول: “وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجَ أَضْغَانَكُمْ” أي أنّ الله لا يطلب من عباده أموالهم كلّها أو جلّها. ولو طلب فأخفى أيّ بالغ في الأخذ لأثاركم هذا واستفزّكم إلى الخصام والمغاضبة، إنّه سبحانه يعطي الكثير ويطلب القليل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات