"النظام أراد عزل "الخبر" فصدم بترقيتها إلى مصف رمز حرية التعبير"

+ -

يرى رئيس حزب “طلائع الحريات” علي بن فليس، في هذا الحوار مع “الخبر”، أن “النظام السياسي القائم أراد وضع “الخبر” في صورة كيان خارج عن القانون،وها هو يُصدم بترقيته إلى مصف رمز من رموز حرية التعبير وحرية الصحافة والحق في الإعلام، وأراد النظام السياسي القائم عزل “الخبر” حتى تسهل عليه عملية تصفيته، وها هو العكس الذي يحدث وأصبحت الخبر” شعارا وراية لكل من يريدون الإسراع بإحلال دولة الحق والقانون” ويصل بن فليس إلى النتيجة التالية في القضية “مهما كانت النتيجة، فإن “الخبر” ستكون المنتصر في كل حال من الأحوال في هذه المعركة غير المشرّفة لسلطات عمومية فرضتها على يوميتكم ويوميتنا تعسفا وظلما”. ”لا أكترث لتحركات خليل لأني أعلم أن النظام يتقن فن التمويه والمراوغة” ”معالجة موضوع هيئة تنظيم الانتخابات في الدستور الجديد لا يدعو للتفاؤل”تصفون “الخبر” بأنّها ضحية لـ”التطهير الإعلامي”، ماذا يعني هذا؟ نعم “الخبر” ضحية عملية تطهير إعلامي بتهمة جرم اللاموالاة، ورفض الاصطفاف مع زبائنية النظام السياسي القائم. هذا الوضع يعكس أولا الطابع الشمولي لنظام سياسي فرض قبضته الحديدية، على كل مفاصل الدولة، وها هو يحاول فرض ذات القبضة على كل ما يضمه المجتمع من قوي حية، أي من أحزاب سيدة مواقفها ووسائل إعلام غيورة على استقلاليتها، وعالم الأعمال الذي يأبى أن يسبح في فلك السلطة ومجتمع مدني لم تنجح إغراءات هذا النظام السياسي في استقطابه. وهذا الوضع يعكس ثانيا تداعيات شغور السلطة الذي مكّن فواعل غير دستورية، من الاستيلاء على مركز صنع القرار الوطني، فـ”الخبر” ضحية للاختلافات والتناقضات والصراعات بين هذه القوى، التي تجلت إلى العيان أصبح من الصعب إخفاؤها على العام والخاص.ونفس الوضع يعكس ثالثا مدى الارتباك والتخبّط الذي أصاب النظام السياسي القائم، ومن هذا المنظور لا يوجد أحسن دليل عن مستوى الانحطاط الغريب الذي وصل إليه تسيير أمور الدولة من صورة الارتجال والعفوية وانعدام الصواب والتعقل، التي يقدمها هذا النظام عن نفسه أمام الملء، فلو كانت الدولة دولة، ولو كانت الحكامة حكامة، ولو كان حكامنا حكاما حقا، لما وضعوا أنفسهم في هذه الوضعية بفعلتهم غير المحسوبة العواقب، التي باتت تثير السخرية تارة والتعجب والاستغراب تارة أخرى. وإلاّ كيف تفسر انقلاب السحر على الساحر؟، أراد النظام القائم إسكات صوت “الخبر” وها هي عشرات الآلاف من الأصوات تتعالى نصرة لقضية “الخبر” وتضامنا معها. وأراد النظام السياسي القائم وضع “الخبر” في صورة كيان خارج عن القانون، وها هو يصدم بترقيته إلى مصف رمز من رموز حرية التعبير وحرية الصحافة والحق في الإعلام، وأراد النظام السياسي القائم عزل “الخبر” حتى تسهل عليه عملية تصفيته، وها هو العكس الذي يحدث وأصبحت “الخبر” شعارا وراية لكل من يريدون الإسراع بإحلال دولة الحق والقانون. ومهما كانت النتيجة، فإن “الخبر” ستكون المنتصر في كل حال من الأحوال في هذه المعركة غير المشرّفة لسلطات عمومية فرضتها على يوميتكم ويوميتنا، تعسفا وظلما.نرى أن سقف الحريات عالي جدّا في مخيّلة السلطة، ومُنعدم على أرض الواقع، ما هي الأسباب؟ هذه حكاية الواجهة وما وراء الواجهة وهي الحكاية القديمة قدم البشرية. فالواجهة التي اختارها نظامنا السياسي لنفسه وهو الوحيد الذي يصدّق بما يراه فيها، هي واجهة أنيقة وخلابّة تعرض فيها دولة القانون والمواطنة الأصيلة والسيادة الشعبية والحقوق والحريات المحفوظة والمحترمة، وما إن أردت معرفة ما وراء الواجهة وجدت وضعا مغايرا تماما، وأطل عليك بيت دولة الحق والقانون المهجور والمواطنة الغائبة والسيادة الشعبية المسلوبة والحقوق والحريات المقموعة. السبب في كل هذا هو طبيعة منظومتنا السياسية بعينها، فالمنظومة السياسية الذي ابتلي بها بلدنا شر البلية هي منظومة شمولية ومنظومة تسلطية ومنظومة فردانية إلى أبعد حد يمكن للخيال تصوره. ومنظومة بهذه السمات لا يمكن بتاتا أن تتعايش ومقتضيات دولة الحق والقانون أو أن تتكيف مع قواعدها وثوابتها وضوابطها. وأضيف أن منظومة كهذه لا يمكنها إطلاقا أن تتحوّل من النقيض إلى النقيض، أي أن تنتج أي نموذج ديمقراطي كان، فلم يسبق وأن عرف التاريخ ديمقراطيات أنجبتها الدكتاتوريات. وعليه فالمخرج بالنسبة لبلدنا يكمن في عصرنة منظومتنا السياسية عن طريق التغيير الديمقراطي، ولا يمكن الوصول إلى هذا المخرج عن طريق تعديل أو ترميم أو ترقيع أو تلميع صورة المنظومة السياسية القائمة.ألا تعتقد أن العنف أضحى السمة الغالبة على السلطة في تعاملها مع المواطنين؟ العنف أصناف ولا يعني بالضرورة العنف المادي أو الجسدي، فيمكن للعنف أن يكون سياسيا أو إعلاميا أو اقتصاديا أو اجتماعيا. فالمنظومات الشمولية أو التسلطية لا تبن على أساس مؤسسات دستورية بكامل صلاحياتها، وإنما على أساس أجهزة من صنعها وتابعة لها، وهذه المنظومات لا تكترث بشرعيتها ويكفيها أن تضمن ديمومتها باحتكارها للقوة بكل أصنافها وأشكالها، وهذه المنظومات لا تولي أي اهتمام كان لوساطات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، تكون بمثابة الجسر بين الحكام والمحكومين وتكتفي بوجود زبانيات تدور في فلكها وتكون بمثابة الجدار العازل بينها وبين المجتمع. وأضيف أن أدوات العمل المفضلة لدى هذه المنظومات الشمولية هي الإغراء أو العقاب وشراء الذمم أو التضييق والولاء أو التصفية.فالعنف بكل أشكاله وأنواعه هو في ذهنيات وثقافة وممارسات كل الأنظمة الشمولية، بالأمس وفّرت الطفرة المالية غير المسبوقة لنظامنا السياسي سبل تفادي العنف واللجوء إلى شراء السلم الاجتماعي، أما اليوم وهو يدخل في مرحلة ضائقة مالية غريبة عليه، فإن نظامنا السياسي يجد نفسه مجردا من سلاح الإغراء وشراء الذمم، وكل ما هو متوفر لديه راهنا هو العنف والتهديد والتخويف والتفزيع والابتزاز. لقد لطخت الوفرة المالية من صورة نظامنا السياسي، وها هي الضائقة المالية تظهره في صورته الحقيقية.  تتحدثون عن شغور السلطة، لكن الرئيس والمؤسسات، حسب الرأي الآخر تمارس مهامها بصفة عادية، فأين وجه الخلل؟ كسائر الجزائريين ألاحظ وأعاين وأسجّل. وما ألاحظه وأعاينه وأسجله هو شغور كامل للسلطة، وإلا كيف تفسر أن مجلس الوزراء لم ينعقد منذ أربعة أشهر، والجزائر تمر بأدق مرحلة في تاريخها المعاصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟، وكيف تفسر أن مشاريع القوانين أصبحت مادة نادرة في البرلمان؟، وكيف تفسر أن الجزائر لا تزال إلى هذا اليوم، وبالرغم من كل الإعلانات والوعود بدون استراتيجية تصدي للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها البلد؟، وكيف تعلل عدم سماع شعبنا لكلمة واحدة من المسؤول الأول في البلاد منذ أربع سنوات كاملة؟،  وكيف تبرّر الغياب التام للجزائر عن أية قمة ثنائية أو دولية منذ 6 سنوات. إن شغور السلطة كارثة أولى ألمّت بالبلاد، والكارثة الثانية هي أن شغور السلطة هذا مكّن قوى غير دستورية من الاستيلاء على مركز صنع القرار الوطني، وفوق هاتين الكارثتين، هناك كارثة ثالثة أكبر وأخطر، وهي بروز صراعات وتناقضات واختلافات بين هذه القوى، وهو ما نتج عنه الإحساس القوي بأن شؤون الدولة بما فيها الشؤون الأكثر دقة وحساسية ليست مسيّرة بطريقة تدفع للطمأنينة والارتياح.  كيف تتابعون زيارات وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل إلى الزوايا؟ صدّقني أنا لا أتابع هذه الزيارات ولا أخصّص لها ولو ثانية من وقتي أو تفكيري. أعرف عن نظامنا السياسي أنه يتقن فن التمويه والمراوغة وصرف الأنظار عما يهمّه أو يشغله. تذكّر أنك لا تعيش في دولة ديمقراطية يطل عليك المسؤول، ليطلعك عن حقيقة أحوال البلاد ويتحمل عناء شرح الأوضاع ويتفانى في شرح قراراته. أنت وأنا نعيش تحت رحمة منظومة شمولية، وهذا النوع من المنظومات السياسية لا يرتاح إلا للعمال في ظلام الليل ولا في ضوء النهار، وهذا النوع من المنظومات السياسية ليس ميالا لاتّباع الطرق المستقيمة ويفضّل المسالك الملتوية، وهذا النوع من الأنظمة السياسية إن تظاهر وأنه يدلك على هدف من أهدافه، فتيقّن بأن هدفه الحقيقي مخالف تماما للهدف الذي يدلّك عليه. عيني أنا على الأخطار المحدقة بالبلد، وعنايتي منصبّة على كل التحديات المفصلية المطروحة علينا، والتي لا يوليها النظام السياسي القائم أبسط قدر من العناية أو التكفل، وعقلي منشغل بهذه الحكامة التائهة للشأن العام التي قد تؤدي بالجزائر دولة وأمة وشعبا إلى ما لا يحمد عقباه.هل من الممكن توقّع شكيب خليل رجل مرحلة ما بعد بوتفليقة؟ إنّنا نتفانى ونجتهد ونضحي لتكون هذه المرحلة التي تشيرون إليها من صنع الشعب الجزائري، وأن تكون نتاج قراره وحكمه، هذه هي غايتنا وعلة وجودنا في الحقل السياسي، ولن نتساهل ولن نتنازل ولن نساوم في حق هذه الغاية التي يرتبط بها مصير الدولة الوطنية بدون مبالغة في كلامي هذا.نرى تحاملا كبيرا من الموالاة على المعارضة، هل هو ضعف منكم أم العكس؟ هل المهم اليوم معرفة من هو الضعيف، ومن هو القوي من الموالاة أم المعارضة؟.الجزائر في وضعية الضعف والهشاشة والتقهقر وهذا يكفي ليجعلنا جميعا في موقع الضعف. ومن لا يعي هذه الحقيقة المرة فهو مخطئ. والجزائر في خطر حقا وهذا الكلام لا نتفوّه به للتخويف أو التفزيع، فمسبباته ومبرراته ودلالاته جلية للعيان ولا تخفى إلا على من لا يريد أن يبصر. وإذا كانت الجزائر في خطر وفي موقع ضعف ما الفائدة من تسجيل الموالاة والمعارضة نقاطا على حساب بعضهما البعض؟ هذا ما يسمى في العلوم السياسية “المعادلة الصفرية وهي المعادلة التي يتساوى فيها الخاسرون، لسنا في مبارزة مع الموالاة، والجزائر هي وحدها من تهّمنا ونريد تسجيل النقاط لصالحها دون سواها، والنقاط التي يتوجّب علينا اليوم وضعها في رصيد الجزائر تسمى العصرنة السياسية والتجديد الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي.تراهنون على هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، هل هي الحل في نظركم؟ معرفتي لمنظومتنا السياسية تجعلني جد حذر في مراهناتي، فمعالجة موضوع هيئة تنظيم الانتخابات والإشراف عليها في إطار المراجعة الدستورية الأخيرة، لا يدعو إلى التفاؤل ولا يبعث على الارتياح، فهذه المراجعة الدستورية أبقت على تحضير وتنظيم المسارات الانتخابية القادمة في يد الجهاز السياسي الإداري الذي لا تفلت أبسط رقعة منه من يد النظام السياسي القائم، ولا يتحرّك أي هيكل من هياكله خارج إرادته، وبذلك تكون هذه المراجعة الدستورية قد كرست صفته الآمر والناهي بالنسبة لكل هذه المسارات. فالحل، أيّ حل، لا يمكن أن يتجسد في مجرد هيئة، فهذه الهيئة لا تعدو أن تكون أداة في خدمة هدف سياسي يحتل موقعا مركزيا في كل التحول الديمقراطي الذي نتحدث عنه ونصبو إليه، وهذا الهدف السياسي المحوري يتمثل في إعادة الشرعية لسائر مؤسسات الجمهورية من القاعدة إلى القمة. فنقطة انطلاق التحول الديمقراطي ستكمن في سلطات شرعية ستتكفل بالسهر على هذا التحول، وبالتالي ومن أجل انتخاب سلطات ذات شرعية غير مطعون فيها، لا بد من هيئة مستقلة تضمن نزاهة وشفافية هذه الانتخابات، ولا يمكن لهذه الانتخابات أن تحظى بهذه الصفات، إلا إذا وضعت في منآى ومأمن من تدخلات الجهاز السياسي الإداري الحالي الذي أفقدته جريمة التزوير المشينة مصداقيته وحياده. هذا هو الدور الذي يمكن للهيئة الانتخابية أن تقوم به لا أكثر ولا أقل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: