"الخبر في حجم لوموند وضربها يشوه صورة الجزائر"

38serv

+ -

يرى فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية، أن حجة “الاحتكار” التي يسوقها محامو وزارة الاتصال للقول ببطلان صفقة بيع أسهم “الخبر” ضعيفة ولا أساس لها. واعتبر قسنطيني، في حوار لـ«الخبر”، ما صدر من تصريحات على لسان وزير الاتصال، حميد ڤرين، بخصوص تسويد بعض العناوين الصحفية صورة البلاد، “تهمة خطيرة” لا يصح أن تصدر عن مسؤول. كما ندد الحقوقي المقرب من رئاسة الجمهورية  بحرمان بعض الصحف من الإشهار العمومي، وقال إن ذلك تمييز غير مقبول. “بوتفليقة بريء من تصرفات ڤرين” ”اتهام وزير الاتصال الصحفيين بتسويد صورة الجزائر تصريح خطير”  “لا توجد مادة صريحة في القانون تمنع الصفقة لأن الشركة التي اشترت أسهم الخبر ليست هي مالكة جريدة ليبرتي” كان لك موقف مغاير لما رأته وزارة الاتصال في صفقة تحويل أسهم “الخبر”.. كيف ترى تطور القضية؟ أنا أظن أن النص القانوني يحمل قراءة واحدة، وهو يسمح للمعني بالأمر (شركة ناس برود فرع سيفيتال) بشراء الأسهم، لكن ما دام في الأمر خصومة حاليا وتم التوجه إلى العدالة، فما علينا إلا أن ننتظر ما ستفصل فيه. لا بد من الثقة في العدالة، وأعتقد من جانبي أنها ستفصل طبقا للقانون.لماذا استغربت رفع وزارة الاتصال دعوى قضائية ضد “الخبر”؟ صراحة أنا لم أفهم كيف أقدمت الوزارة على رفع دعوى قضائية لإبطال صفقة البيع، فهذا النوع من القضايا في اعتقادي لا يعالج في المحاكم، ثم ما الفائدة التي نجنيها من تسييس الموضوع، لأن مجرد دخول وزير الاتصال كطرف يعني مباشرة التسييس، وهذا مناف لمبادئ الديمقراطية ودولة القانون.ما هو مبعث التخوف من رفض صفقة التنازل عن بعض أسهم “الخبر” في اعتقادك؟ لو كان هذا الرجل (يقصد إسعد ربراب) ليس جزائريا لأعطينا للوزارة بعض الحق في التخوف منه، لكن ما دام جزائريا مثلنا فله نفس الحقوق والواجبات مثل غيره من المواطنين. أتساءل ما هو الداعي لتضخيم هذه القضية؟..ما رأيك في الأدلة التي يرددها محامو وزارة الاتصال؟ لم يقنعوني أبدا عندما يقولون مثلا إن صفقة شراء أسهم “الخبر” تكرس الاحتكار في قطاع الإعلام. أنا أتساءل أين هذا الاحتكار؟ هل امتلاك جريدتين يسبب الاحتكار؟ في بعض الدول الديمقراطية، هناك من يملك 5 أو 6 جرائد وقنوات ولا يطلق عليهم محتكرين. وعلى فرض أن ما يقولونه صحيح بخصوص الاحتكار، وفق القانون العضوي للإعلام، لا توجد أي مادة صريحة تمنع صفقة لأن الشركة التي اشترت أسهم “الخبر” ليست هي المالكة لجريدة “ليبرتي” حاليا.هل يعقل في اعتقادك في دولة تتغنى بالديمقراطية أن تتعرض جريدة لمضايقة وزير الإعلام؟ طبعا هذا ليس منطقيا، لأن الصحافة هي العمود الفقري للديمقراطية ودولة القانون. الصحافة تلعب دورا أساسيا ووجودها ضروري وينبغي احترامها مهما كان الخط الافتتاحي الذي تحمله الصحيفة، فمن حق الجميع أن يعبر عن رأيه في كنف احترام أخلاقيات المهنة. هل تعتقد أن ڤرين يتصرف بإيعاز من مسؤولين كبار في الدولة في هذه القضية؟لا أظن أن مسؤولين كبارا في الدولة يدخلون في مناورات من هذا النوع. وأخص بالذكر هنا رئيس الجمهورية الذي لم يسبق له أن أوقف صحيفة أو تهجم على صحفي. الرئيس على دراية تامة بالدور الجوهري الذي تقوم به الصحافة. القضية في اعتقادي موجودة على مستوى وزير الاتصال حميد ڤرين.أنت تنفي إذن أن يكون بوتفليقة وراء قضية “الخبر”؟لا أعتقد أن رئيس الجمهورية من وحي أفكاره وطريقته في الحكم خلال كل هذه السنوات، يمكنه أن يقدم على أمر كهذا، فهناك من تهجم عليه بالسباب في الحملات الانتخابية وكان مترفعا على الرد.على ذكر ڤرين. ما رأيك في ما قاله من أن هناك صحفيين يسودون بكتاباتهم صورة الجزائر ويزرعون الشقاق؟إذا كان الوزير لا يشاطر أفكارا بعينها فهذا من حقه ويستطيع الرد عليها بكل حرية، أما أن يقول إن الصحفيين يشوهون صورة الجزائر فهذه تهمة خطيرة وليس لها أي أساس. أي منطق هذا؟ وكأنه يقول من ليس مع رأيي فهو ضد الدولة الجزائرية ! هذا غير لائق لأننا كلنا جزائريون ومن حق كل واحد منا التعبير عن رأيه بكل حرية، والاحترام مطلوب بين الجميع.تبدو من نبرة كلامك مصدوما من هذا التصريح؟ ما أستغربه أن هذا الشخص (وزير الاتصال) كان صحفيا، والصحفي ليس دوره أن يتزلف (قالها بالعامية “يشيت”) لأي كان، ومن صميم دوره أن ينتقد المسؤولين ويلعب دوره كاملا في إطار قوانين الجمهورية.أنت كحقوقي، كيف ترى التمييز الممارس بين الجرائد في توزيع الإشهار العمومي؟ لا بد أن يتم توزيع الإشهار العمومي بين الجرائد وفق معايير عادلة ومتوافق عليها. التمييز الموجود حاليا وحرمان بعض الجرائد من الإشهار مناف للمبادئ الديمقراطية، وهذه التفرقة غير المبنية على أي أساس هي ضد الدستور.ما هو السبب في اعتقادك في استمرار هذه الوضعية؟ صدقني، هناك بعض الاختلالات التي لم نعد قادرين على تفسيرها. الدستور الجزائري ينص على حق المعارضة في النشاط، ويعتبرها مكونا أساسيا من المنظومة السياسية للبلاد، وعلى السلطات أن تحترم المعارضة، وبالقياس على ذلك الصحافة التي تحمل رأيا مخالفا وأحيانا معارضا للسلطات. هذا ليس منّة من أحد بل هو أساس الممارسة الديمقراطية السليمة في البلاد، لأنه مثلما لا توجد عدالة دون محامين لا يمكن أن تقام ديمقراطية دون صحافيين. إذا كانوا يريدون بنا العودة إلى زمن الفكر الواحد فليقولوا ذلك صراحة، أما إذا كانوا يريدون الديمقراطية فعليهم أن يعترفوا بأن للمعارضة والصحافة الحرة دورا جبارا في هذا الشأن، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال التقليل من شأنهم.ما يجري حاليا مع “الخبر” وغيرها من الصحف والقنوات التي يتم التضييق عليها، هل يشوه في اعتقادك صورة الجزائر في الخارج؟ هذا مفروغ منه، فعندما تحارب أي دولة الصحافة مثلما يجري عندنا، فلا تنتظر إلا أن تتشوه صورتها في أعين المنظمات والهيئات الدولية، ويكون صيتها سيئا بين الدول. لهذا الصحافة لا تحارب أبدا.هل تعتقد أن حرية التعبير صارت مهددة في الجزائر؟ أعتقد أنها تمر بفترة صعبة للغاية، نتمنى أن يتم تجاوزها. عندما تصبح جريدة هامة مثل “الخبر” محل متابعة قضائية، فذلك يعني أننا في مرحلة تضييق على حرية التعبير. “الخبر” هي أكبر الجرائد سحبا في البلاد، والتعامل معها لا يمكن أن يتم بهذه الطريقة. بالنسبة لي “الخبر” في الجزائر هي مثل “لوموند” في فرنسا، من حيث القوة والتأثير، فهل يعقل أن تحارب الدولة الفرنسية “لوموند” مثلا؟أنت تتحدث عن دولة لا توجد بها أصلا وزارة اتصال.. هل أنت مع فكرة إلغائها في الجزائر أيضا؟ حقيقة، كثير من الدول الديمقراطية تجاوزت فكرة وزارة للاتصال، وفي الجزائر على أهل الشأن أن يفكروا في التصور المناسب لتسيير القطاع.هل يعقل أن يتحدث وزير عن إلغاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة مع أنها وردت في القانون العضوي للإعلام الذي مر على مجلس الوزراء والبرلمان بغرفتيه وصدر في الجريدة الرسمية؟ هذا ليس معقولا. مادام سلطة الضبط وردت في القانون العضوي للإعلام، فيجب أن تنصب وتباشر صلاحياتها المنصوص عليها في القانون، ولا يجوز لأحد إلغاؤها ولا أن يحل محلها، حتى وإن كان وزيرا للاتصال. يجب الرجوع إلى العقلانية والحوار لحل مشاكل قطاع الصحافة، أما الانفعالية فلن تزيد الأمر إلا تفاقما.لوحظ مؤخرا انفلات في قناة تلفزيونية صارت تشتم وتمارس الابتزاز دون حسيب ولا رقيب. أين وزارة الاتصال أو سلطة الضبط من كل هذا؟ شاهدت مثل كل الجزائريين كيف قام أحد المحامين بسب وشتم هيئات ومؤسسات الدولة على إحدى القنوات. هذا يدخل في خانة السب والقذف وهو غير مسموح. من موقعي كحقوقي، أقول إنه لا يجوز التحريض على الأشخاص أو سبهم وكذلك بالنسبة للمؤسسات، وعلى السلطات المختصة أن تتدخل لوقف هذه التجاوزات.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات