قيل إنه دستور الجمهورية الثانية.وقيل عنه “هو الباب المؤدية إلى الدولة المدنية”.كان يفترض أن تنطلق مرحلة تكييف وتحيين القوانين العضوية مع الدستور الجديد. كما كان يفترض فك أسر القوانين العضوية لتعمل بكل طاقتها.فأين هو الدستور؟ادعت السلطة أنه سيكون الشافي. فردت عليها المعارضة بالتشكيك. وكان أن غضبت السلطة من معارضة قالت عنها إنها مشاكسة، ولا تشارك في مشاورات الإثراء، وتنشر التشاؤم بإصدار أحكام مسبقة.فأين هو الدستور؟أين هو ليفتي ويحكم ما إذا كان للجزائري حق استعمال منابر الزوايا للدعاية، من دون أن ينظر إلى انتمائه الجهوي أو السياسي، أو ثقله المالي.أين هو دستور الجمهورية الثانية، ليرافق، أو ليمنع جاب الله أو مقري أو بن فليس أو جلالي سفيان من الطواف بالزوايا. وليضمن حق رشيد نكاز في المعارضة، وفي السير لوحده، أو في حضور تجمعات تنديدا بالتمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات وفي الفرص؟الذين شغلوا الرأي العام بالحديث عن دستور الجمهورية الثانية، كانوا أول من يدير ظهره بمجرد توقيع الرئيس. وتجاهلوا أوامره بتكييف القوانين العضوية وفق ما ينص عليه الدستور المعدل.فلماذا التعديل، ثم لماذا الإعلان عن قرار أمر من الرئيس لن يطبق؟لم يكن مطلوبا من السلطة تعديل الدستور. لأن ما كان متوقعا حدث، وهو تغيير مواد من دون تغيير الأساليب ولا الحيل. قيل لها “لا تتعبي نفسك”. فقالت “دوري طلائعي، أقود وأحشد”. وبالفعل، قادت التعديل، وحشدت الأنصار لملء الفراغ من حولها.لقد ظهرت أشياء خطيرة مع الدستور الجديد. خطيرة إلى درجة التجني والتطاول على الدستور. وفي القضية التي أصبحت معروفة لدى الرأي العام الوطني، الخاصة برفض وزير الاتصال تكييف القانون العضوي للإعلام، وجه صريح ومباشر في سجن أحكام دستورية باسم مصالح مبهمة. فقد اعترف بعدم أولوية إنشاء هيئة الصحافة المكتوبة، مؤجلا إنشاء ما يجب إنشاؤه من هيئات تتكفل بتسيير قطاع الاتصال إلى أجل غير مسمى. فهل هذا كلام مسؤول؟لا يوجد ما يبرر تعطيل قانون عضوي بحجم قانون الإعلام، مدة 4 أعوام، بسبب رأي وزير بعدم جدوى ولا أولوية ولا أهمية العمل بقانون عضوي. فمن يحكم من؟ وبمن يحتكم؟ والتجميد العملي لقانون الإعلام يعد المؤشر على محدودية تأثير الثقافة الدستورية والقانونية.وقطاع الإعلام هو جزء من الكل. وإن أرادت الطبقة السياسية الغوص فيه، لكشف أعماقه، يمكنها الانطلاق من حقها الدستوري بإنشاء لجنة برلمانية للتحقيق في طرق صرف أموال الإشهار العمومي، وكيف يوزع الخاص منه. وستكون خطوتهم تلك امتحانا آخر لقياس درجة احترام الدستور من قبل الحكومة، ولرفع حقيقة الفساد المقنن والخفي، وتوضيح علاقة الإعلام بالإشهار. وهي علاقة ابتزاز بامتياز.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات