+ -

 مصيبة الجزائر ليست فقط في رداءة مستوى أداء حكامها، بل مصيبة الجزائر أيضا هي في رداءة مستوى حكام من يحكمون حكام الجزائر! بتعبير صريح مصيبتنا هي في رداءة حكام فرنسا.. بومدين، رحمه الله، كان مستواه السياسي في إدارة البلاد مقبولا، لأن من كان يحكم فرنسا هو ديغول! وعندما تدهور مستوى الحكم في فرنسا من ديغول إلى جيسكار، عاش بومدين أيضا أسوأ أيامه في الحكم. وكذلك الأمر بالنسبة للشاذلي وميتيران.أقول هذا الكلام لأنه لا يعقل ولا يخطر على بال أن يدلي دبلوماسي بتصريح مثل الذي أدلى به السفير الفرنسي بخصوص مسألة منح الأفضلية في الفيزا الفرنسية إلى جهة معينة من الجزائر! مثل هذا القول لا يقبله أي منطق لا دبلوماسي ولا سياسي ولا حتى أخلاقي!لكن السلطات الفرنسية، التي أصبحت لا تجد في الجزائر الحد الأدنى من السيادة والمسؤولية لدى مسؤوليها، تمادت في المساس بكل الأعراف الأخلاقية وليس السياسية والدبلوماسية فقط!الحكومة التي “تنزع” السروال لوزراء حكومة أخرى في المطارات، ولا يثير ذلك أي رد فعل بمستوى الحدث، مثل هذه الحكومة لابد أن تشجع على التمادي في المساس بما تبقى من سيادة حتى في أبسط مبادئها، هل يعقل أن يتحدث دبلوماسي بأريحية عن ممارسته للميز العنصري بين المواطنين في البلد الذي هو معتمد فيه كسفير ولا يحس بالحرج الدبلوماسي!يمكن أن نفهم ما قاله سفير فرنسا على أنه قلة كفاءة دبلوماسية، ولكن يمكن أن نفهمه أيضا على أنه قلة احترام للدولة التي يمارس فيها نشاطه الدبلوماسي.وأغلب الظن أن عدم احترام سفير فرنسا للسلطة في الجزائر هو الذي كان وراء هذا الخطأ الدبلوماسي الفادح. والدليل على عدم احترام السفارة الفرنسية للجزائر والجزائريين، هو قضية المبالغ التي تجمعها السفارة الفرنسية من الجزائريين في موضوع الفيزا.. فهناك ثلاثة أرباع طالبي الفيزا (وعددهم بمئات الآلاف في العام) لا تعطى لهم الفيزا ولا تعاد لهم المبالغ المالية التي تأخذها القنصلية الفرنسية مسبقا.. وقد تحولت مسألة مداخيل وعائدات القنصلية الفرنسية من الفيزا في الجزائر إلى أهم استثمار فرنسي في إفريقيا، إلى درجة أن عائدات هذا النشاط الفرنسي الدبلوماسي أصبح يمول كل النشاطات الفرنسية في إفريقيا، وليس في الجزائر فقط! والحكومة الجزائرية لم تحرك ساكنا لحماية مواطنيها من هذا الابتزاز الدبلوماسي الصارخ.. وإذا كان الحال هو هذا، فلماذا تحترم السفارة الرأي العام والجزائر؟! فالأمر لا يتعلق بالاحتجاج على صورة نشرها فالس، ولا يتعلق بمقال “لوموند”، بل يتعلق بهوان السيادة التي لها علاقة بما حدث في فال دوغراس قبل أعوام[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات