توكل كرمان.. أول عربية تظفر بجائزة نوبل

38serv

+ -

يقال إن أصولها تركية من الأناضول، ويقال إنها يمنية من حاشد، هي مباشرة وصريحة، عدائية أحيانا، مدافعة عن حقوق الإنسان، وفية لقيم التسامح والديمقراطية، متمردة على وضع بلدها، سميت “بلقيس الثانية”. شخصية سياسية بامتياز يشهد لها تاريخها النضالي بالقوة والجرأة والرأي السديد.. سادس شخصية عربية حاصلة على جائزة نوبل للسلام. فخر للعرب عامة واليمن خاصة. هي مثال للأم الصالحة والمرأة القائدة والزوجة الصالحة، توكل كرمان، امرأة يمنية خرقت قواعد القبيلة وكسرت قيود البدوية، لتطلق لنفسها العنان وتقف في وجه النظام لتقول “لا”. اختلفت الروايات في معرفة أصولها، منهم من نسبها إلى محافظة تعز في جنوب اليمن، ومنهم من قال إن أصولها تركية تعود إلى ولاية كرمان. ولدت توكل في فيفري 1979 بمحافظة تعز باليمن، هي ابنة السياسي والقانوني عبد السلام خالد كرمان، القيادي الإخواني ووزير الشؤون القانونية الأسبق وعضو مجلس الشورى اليمني.نزحت أسرتها مبكرا إلى صنعاء تبعا لعمل والدها، فدرست هناك وحصلت على بكالوريوس التجارة عام 1999 من جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء، كما حصلت على الماجستير في العلوم السياسية، ونالت دبلوم تربية من جامعة صنعاء، ودبلوم صحافة استقصائية من الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الدكتوراه الفخرية من جامعة ألبرتا بكندا. متزوجة وأم لثلاثة أطفال، هي كاتبة صحافية وناشطة في مجال حقوق الإنسان في اليمن، ورئيسة منظمة “صحفيات بلا قيود” باليمن، منذ العام 2005. كما تعد إحدى أبرز المدافعات عن حرية الصحافة وحقوق المرأة وحقوق الإنسان في اليمن. معروفة بمقالاتها، ومواقفها ناقدة قوية وفاضحة للفساد وانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وتدعو إلى ثقافة الحوار والتعايش، وانتقدت التطرف والغلو والإرهاب ودعت إلى التجديد الديني. ساهمت في كتابة العديد من التقارير حول الحريات الصحافية والفساد في بلادها،كما قادت العديد من الاعتصامات والتظاهرات السلمية التي تنظمها أسبوعياً في ساحة أطلقت عليها مع مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان في اليمن اسم ساحة الحرية. اختارتها منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية كواحدة من 7 نساء أحدثن تغييراً في العالم، وعُينت كعضو في عدة هيئات ومؤسسات، منها: نقابة الصحافيين اليمنيين، اتحاد الصحفيين العرب، اتحاد الصحافيين العالميين، صحفيون لمناهضة الفساد، المنظمة الدولية للصحافة، منظمة العفو الدولية، الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي. لتمنحها السفارة الأمريكية سنة 2009 شهادة المرأة الشجاعة.كانت توكل كرمان تلميذةً في الصف الثاني الثانوي عندما قادت زميلاتها في تظاهرة صغيرة باتجاه مكتب مديرة المدرسة، احتجاجاً على تغيير إحدى مدُرّسات الفصل وإرسالها إلى مدرسة أخرى. لم تنجح التظاهرة في تحقيق هدفها، لكنها أعطت البنت الصغيرة خبرة أوليّة في طريقة تسيير التظاهرات. اليوم، كبرت توكل كرمان وصار اليمنيون يلقّبوها “المرأة الحديدية”، بينما يشبّهها آخرون ببلقيس ملكة سبأ. “كي تحصل على حقك، ينبغي أولاً أن تطالب به”، تقول الناشطة والصحافية التي أسّست منظمة “صحافيات بلا حدود” عام 2004، لتكون أول منظمة يمنية تُعنى بحماية حرية التعبير في مختلف الوسائل السمعية والبصرية. لكنّ السلطات استنسخت منظمةً بالاسم نفسه، ما جعل توكل تؤسس منظمة أخرى أطلقت عليها اسم “صحافيات بلا قيود”. وقد نجحت في تحقيق ذلك بعد نضال شاق.نشاطها الصحفي والسياسيمن الإنترنت كانت بدايتها الصحافية حين نجحت في تحويل هذا الفضاء الافتراضي إلى أرض واقعية كوّنت شبكة علاقات واسعة وأصدقاء من معظم الدول العربية، ومكّنها ذلك من إجراء حوارات صحافية مع شخصيّات بارزة في التيارات الإسلاميّة، مثل السوداني حسن الترابي، والإخواني المصري محمد مهدي عاكف، والزعيم التركي الراحل نجم الدين أربكان. ساعدها هذا على تثبيت حضورها في حزب التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الديني الوحيد في اليمن، بعدما نجحت في الانتساب إليه، ووصلت إلى عضوية مجلس الشورى فيه. لم يعمل هذا المنصب على كبح صوتها، بل ذهبت أبعد مما فعلت حين قرّرت خلع النقاب واكتفت بالحجاب. وقد تعرضت لضغوط كبيرة هدفت إلى ثنيها عن خطوتها. لا يمكن تصوّر صعوبة هذا القرار إلا حين نعرف أنّه سيجعلها تواجه رئيس مجلس شورى الحزب الدكتور عبد المجيد الزنداني، لكنّها صمدت ولم تضع اعتباراً لخطوتها تلك، إذ إنها في نظرها ناجزة وخالصة، ويجب أن ينصبّ تفكيرها على الخطوة التالية.قادت العديد من الاعتصامات والتظاهرات السلمية في ساحة أطلقت عليها مع مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان في اليمن اسم “ساحة الحرية” التي أضحت مكانا يجتمع فيه العديد من الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني والسياسيين، إلى جانب كثيرين ممن لديهم مطالب وقضايا حقوقية بشكل أسبوعي. قادت أكثر من 80 اعتصاما ما بين عامي 2009 و2010 للمطالبة بإيقاف المحكمة الاستثنائية المخصصة للصحفيين، وضد إيقاف الصحف، وشاركت في العديد من المهرجانات الجماهيرية في الجنوب المنددة بالفساد، كما أنها أعدت العديد من أوراق العمل في عدة ندوات ومؤتمرات داخل اليمن وخارجه حول: حقوق المرأة، وحرية التعبير، وحق الحصول على المعلومة، ومكافحة الفساد، وتعزيز الحكم الرشيد.دورها الأساسي في الثورة اليمنيةقبل أن تبدأ رياح الثورة في العالم العربي، كانت توكل من أوائل المطالبين بإسقاط الديكتاتورية، ابتداءً من النظام اليمني الذي طالبت بإسقاطه عبر مقال لها في موقع “مأرب برس” في 2007، كما قادت العديد من الاعتصامات والتظاهرات السلمية التي كانت تنظم أسبوعياً للمطالبة بالحد من قمع حرية الصحافة وإغلاق الصحف الحرة.وحين انطلاق الاحتجاجات في اليمن عام 2011، كانت توكل كرمان قيادية بارزة في تلك الاحتجاجات، وتعتبر أول من دعا إلى يوم الغضب في 3 فيفري، وهو يوم مماثل للثورة المصرية في العام 2011. عملها المتواصل في تنظيم الاحتجاجات وفضح الفساد والعمل على إسقاط الأنظمة القمعية عرضها للعديد من المضايقات والتهديدات، فقد تعرضت للاختطاف في 23 جانفي 2011 من قِبل مجموعة من عناصر الأمن بلباسهم المدني، وأودعت في سجن النساء بتهمة إقامة مظاهرات وتجمعات غير مرخصة والتحريض على ارتكاب أعمال شغب وتقويض السلم الاجتماعي العام، لكن اختطافها أثار موجة غضب عارمة في الشارع اليمني، تمثلت في احتجاجات جديدة في العاصمة صنعاء، الأمر الذي اضطر السلطات الأمنية لأن تفرج عنها في 24 جانفي 2011، لكن الأمر لم يقف هنا، فقد هُددت بالقتل من الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. إلا أن توكل كرمان بعد خروجها من سجنها واصلت تنظيم المظاهرات وحشد الساحات للاحتجاج.حصولها على نوبل للسلاممواقفها السياسية الواضحة والشجاعة من قبل امرأة عربية في مجتمع قبلي محافظ، دفعت القائمين على جائزة نوبل للسلام إلى منحها جائزة نوبل للسلام عام 2011 بالتقاسم مع إلين جونسون سيرليف وليما غبوي من ليبيريا، من أجل “نضالهن السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام”.تعرضها للمشكلات بسبب جرأتهاصراحتها جلبت لها غضب الإعلام الرسمي المصري المقرب من الحكومة والجيش، بعد أن هاجمت الانقلاب العسكري في مصر الذي أسقط أول رئيس منتحب في مصر، واتُّهمت بأن مواقفها من مصر نابعة من انتمائها للإخوان. اتهمت كرمان في عدة مرات بالتحريض للعنف وتقليب الآراء، فمرة تدعم ومرة تنتقد، وُصفت مرة بالشيعية وأخرى بالسلفية، واتهمت بالعداء للإسلام وللحجاب خاصة بعد إقدامها على نزع النقاب،كما اتُّهمت بنشر زواج النكاح في سوريا، وقضايا أخرى لم تلق صدى أمام قوة سيدة الربيع العربي التي طالما عُرفت بمناهضة الديكتاتورية وكسر قيود العبودية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات