+ -

 بعد ظاهرة افتعال التصحيحيات في الأحزاب، جاءت ظاهرة معالجة التصحيحيات في الأحزاب بالمؤتمرات الاستثنائية التي تتحوّل إلى مؤتمرات عادية.. حدث هذا مع أحمد أويحيى في الأرندي، وباركته الرئاسةǃالتسيير الأمني والإداري للأحزاب هو الذي أوصل هذه الأحزاب إلى حدوث الظواهر غير السياسية، كالتصحيحيات والانقلابات السياسية.. وهذه الظاهرة هي المسؤولة عن ظهور النضال بـ “الشكارة” والنضال بالمصالح في هذه الأحزاب، وتطوّر التدهور السياسي التنظيمي للأحزاب حتى أصبحت الأحزاب الحاكمة لا تتحكم في أمور أحزابها.. فما بالك بالتحكم في تسيير البلد الذي تحكمهǃ هل من الصدفة أن الأفالان الآن فيه العديد من التصحيحيات وتصحيح التصحيح، إلى درجة أننا أصبحنا لا نعرف من هو الصح.. ومن هو المنحرف الذي ينبغي تصحيحه.المفارقات العجيبة أن الرئيس بوتفليقة الذي بنى سياسته على تأييد أحزاب التحالف له، أصبح هو الذي يؤيد هذه الأحزاب.. وليس العكس.. حتى أن بعض الناس رأوا في رسالة الرئيس التي هنأ فيها أويحيى نوعا من ولاء الرئيس لأويحيىǃ فهل أويحيى الموظف عند الرئيس أصبح مهما إلى درجة أن الرئيس يعلن الولاء له؟ǃ أم أن الأمر يتعلّق باستمالة الرئيس بهذه التهنئة لأويحيى كي يطلب منه لاحقا الاصطفاف خلف من يريد الرئيس أن يجمع له الحشد لخلافته؟ǃنتذكر أن أويحيى عندما تعرّض إلى “هزة” تصحيحية في الأرندي قبل 10 سنوات في نزل الأروية الذهبية، قام بوتفليقة بإعطاء أوامر لإنقاذ أويحيى من السقوطǃ وحدث ذلك.. وعندما قابله في رئاسة الجمهورية قال له: لو تركتك لسقطتǃ فأجابه أويحيى: “شكرا لك سيدي الرئيسǃ”.اليوم قد يكون رئيس الأرندي، الذي هو الرئيس، هو الذي كان وراء النجاح الباهر الذي حققه أويحيى في هذا المؤتمر.. ولهذا فإن الرئيس بوتفليقة يهنئ نفسه..الرئيس بوتفليقة بارع في تسيير الأمور بالانقلابات وبالأزمات.. بخلقها للناس ثم حلها أو مساعدتهم على حلهاǃ وهذه الأساليب في إدارة الأمور لا تسمح بقيام أحزاب مقبولة أو مؤسسات دستورية قوية، ولكنها تسمح فقط بجعل الرئيس هو رئيس كل شيء وقادرا على خلق الأزمات للجميع وقادرا على حل الأزمات للجميعǃالرئيس سكت على سعداني عند مهاجمته لأويحيى باسم الأفالان؛ لأن الرئيس بوتفليقة هو رئيس الأفالان.. ولكنه اليوم برسالته لأويحيى جعل سعداني يؤيد بوتفليقة في شكره لأويحيى؛ أي أن الرئيس يقوم ببهدلة الجميع من أجل أن يبرز أفضاله على الجميعǃبوتفليقة فعلا اختار بعناية فائقة مثل هذه النماذج البشرية للمسؤوليات في الأحزاب والدولة، لوجود القابلية العالية للبهدلة لديهم ولاستعدادهم للقيام بالدور.. وعكسه في الوقت نفسهǃ ودون الشعور بالإحراج أو الخجل من الإتيان بالفعل.. وعكسه.ففي هذه الأجواء لا يمكن أن يتحدث أحد عن الإصلاح وعن المؤسسات الدستورية للدولة.. وعن الأخلاق السياسية.. والبلاد تدار بهذه الأساليبǃ

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات