اعتبر مدير قناة الخبر “كاي بي سي”، مهدي بن عيسى، أن ما تشهده الساحة الإعلامية من انتشار للقنوات الخاصة تفسير لحاجة المجتمع الجزائري. وأوضح المدير الجديد، في أول حوار صحفي له بعد تعيينه خلفا للمدير السابق علي جري، أن قناة “الخبر” ترتكز أساسا على “المعلومة والنقاش والتبادل”، مشيرا إلى أن هناك العديد من البرامج والمفاجآت التي ستثري الشبكة البرمجية للقناة، وشدّد في هذا الإطار على ضرورة التكوين وإعطاء البعد الوطني للقناة، من خلال الاهتمام بالمدن الداخلية والمحلية.بداية من هو المدير العام الجديد لقناة “الخبر” مهدي بن عيسى؟ أنا من مواليد 1972 بالجزائر، كانت لي رغبة كبيرة منذ البداية في دراسة السينما، وقد شدد والدي حينها على ضرورة الالتحاق أولا بجامعة الجزائر، باب الزوار تخصص فيزياء، حيث قضيت سنتين من الدراسة، قبل مواصلتها في فرنسا تخصص “تاريخ الفنون” في مدرسة “لافيمست” وهي مدرسة أوروبية كبيرة متخصصة في السينما، وكانت دراستي في كلية الإنتاج. بعد ذلك سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد شاركت في عدة أفلام أمريكية شهيرة مثل فيلم “وايد وايد واست” للمخرج براي سنوفيلت، تخصص حقوق المؤلف. عدت فيما بعد إلى فرنسا وشاركت في تأسيس مجلة علمية مع قناة “أرتي” الفرنسية، وقد ساعدت كثيرا من المخرجين في إنتاج الأفلام القصيرة وذلك لمدة أربع سنوات، ثم شاركت في تأسيس جمعية “كاينة سينما” لدعم الإنتاج السينمائي الجزائري، وكان لي طموح العمل أكثر وقررت العودة إلى الجزائر.ما هي إستراتجية عمل القناة على المدى القصير في ظل الظروف السياسية والحصار والمعركة التي تتعرض لها؟مهما كان لدي مشروع على المدى القصير، لا يجب إهمال التخطيط على المدى البعيد، ويبقى الرهان الحفاظ على صورة واسم “الخبر”. نحن دائما في صراع مستمر ونواجه التحديات، والدليل على ذلك أننا في الجزائر لا نناقش العديد من القضايا، لا نفتحها ولا نتحدث عنها، لدينا قوانين مؤطرة وغير مطبقة، نؤسس للجان بلا قانون، نضع قوانين عفا عنها الزمن وتجاوزتها التكنولوجيا والتطور الاقتصادي العالمي. السؤال هنا هل نضع في الجزائر قوانين من أجل تحسين الوضع العام والتطوير والتنمية؟ أم نضع القوانين لعرقلة المشاريع وتوقيف عجلة التنمية؟ لو طرحنا هذا السؤال بشكل مباشر على الشعب الجزائري سنجد كيف أن الخيار الأول هو الأكثر والغالب. مهنتي في الإعلام اختزال كل ما يحدث في هذه البلاد، القناة هي مرآة لكل ما يحدث في الجزائر، في مقابل المواعيد الديمقراطية بحثنا عن حياة تسودها الديمقراطية الحقيقية، عملنا هنا هو الإخبار والتأثير وأن نكون مرآة ثقافية.في سنوات الثمانينيات والتسعينيات مع انتشار ظاهرة الهوائيات المقعرة “البرابول” في الجزائر، كنا نستقبل حوالي 300 قناة أجنبية في الجزائر، كنا الشعب الأكثر مشاهدة ومتابعة لكل ما هو خارجي وكنا الشعب الذي لا يعرف عنه شيء “مجهول خارجيا”، كنا الشعب الذي لا يتحدث أبدا. التلفزيون هو أداة ليس فقط للتنوع والاتحاد كما يقول البعض، ولكنه أيضا لتبادل الأفكار والالتفاف حول السلام، الشعب الذي يتحدث والمجتمع الذي يتكلم هذا هو أساس السلام والأمن.هل يمكن العمل في إطار غياب القوانين؟الضرورة تبرر المبادرة والحركة، والمجتمع الجزائري بحاجة إلى القنوات ولهذا تم إنشاؤها، المشكل أن المشرع الجزائري لم ينظر إلى المستقبل ولم يجهّز نفسه، ولكن يمكن القول بشكل مباشر إن الآخرين لا ينتظرون وهم يتقدمون، فالطبيعة لا تحتمل الفراغ، حتى الروح لا تحب الفراغ، وفي حال ما إذا قرر المجتمع المدني والمشرع الذي يضع القوانين تحضير الأرضية للعمل الإعلامي، وفي حال العكس فهذا يعني أنهم لا ينظرون إلينا، ولا إلى طموحاتنا وهذا يعني وجود اختلال. على البرلمان مثلا دعوة رجال الإعلام ومديري القنوات الخاصة ورجال الثقافة وأيضا تقنيي الإعلام من أجل مناقشة الوضع الإعلامي والاتصالي وتدارك التخلف، أنا جد قلق حول التأخر الذي نعيشه في بلادنا، خصوصا تجاه الإعلام، حيث إن التلفزيون هو طبيعة التقدم الحقيقي. غياب القانون هو مشكل الإعلام في الجزائر، وعلى القوانين أن تواكب المستقبل.بعد عملية بيع مجمع “الخبر” كان الحديث قويا حول مدى رغبة المالك الجديد في الحفاظ على الخط الافتتاحي للجريدة؟ كل الرجال الذين يعملون في قاعة التحرير ممن يكتبون في الشأن المسرحي أو السينمائي أو السياسي وحتى المصورين، هم رجال يتغذون من خلال وعي مشترك. أولا كمدير لا يحق لي إملاء ما يكتبه الصحفي، وإذا كنا نريد أن نصل إلى خط افتتاحي متكامل، يجب أن نتجاوز الأوامر العليا، والخط الافتتاحي هو خميرة قاعة التحرير، من خلال الوعي والثقافة والوعي السياسي لدى العمال وحب الاكتشاف.ما هو مفهوم حرية التعبير بالنسبة إليك؟بالضبط كما قلت سلفا، إنها حب الاكتشاف والتساؤل، حرية التعبير هي أن ألاحظ أشياء وأطرح بشكل طبيعي وفطري العديد من الأسئلة، دون أن يقال لي هل من الصحيح أن أطرح أسئلة أم لا. باختصار، حرية التعبير هي “فضول سؤال”، تماما بالنسبة للإجابة تكون حرة.تتواجد قناة “الخبر” في ظل محيط إعلامي منافس، وبعض القنوات تحظى بدعم كبير سواء مباشر أو غير مباشر من طرف الدولة، كيف تستعدون لتخطى هذه التحديات؟ “ربي يزيدهم”، أنا لدي دعم من نوع آخر أشعر به هنا، هو دعم الجمهور وثقة القراء، بفضل خارطة العمل الإعلامي التي تعتمد على التبادل والاستماع والبعد المحلي لعرض حقيقة الجزائر. لسنا في مشروع إعلامي موجه من أي جهة، ولا أقول إن المؤسسات الأخرى موجهة، لا أتحدث عن الآخرين، بالنسبة لي وكشخص ديمقراطي أقول أنا سعيد بالنسبة لهم، وأيضا كشخص ديمقراطي أقول أشعر بحالة من القلق حول صحة البلاد، لتلك الأسباب ليس فقط الأمر مقلقا اقتصاديا وإنما أيضا لصورة ومكانة الجزائر في الخارج.متى تنطلق قناة “الخبر” رسميا تحت إدارة المدير الجديد مهدي بن عيسى؟ هل تنتظر شهر رمضان لتنطلق الشبكة الجديدة؟تعلم أن إمكانية تغيير شبكة القناة في أسبوع أمر مستحيل، يحتاج الأمر إلى وقت وتحضير واستعداد. أنا موجود في القناة منذ أقل من أسبوع وحاليا أتحاور مع قاعة التحرير والعاملين من خلال فتح النقاش العام، من أجل ضبط رؤية مشتركة للقناة، ويمكنني القول بشكل عام إن قناة “كاي بي سي” هي العمود الفقري الذي يرتكز على “المعلومة والنقاش والتبادل”. لدينا برامج قيد التحضير حاليا، وكل شيء سيعرف في حينه، وبالنسبة لشهر رمضان لدينا مفاجآت للجمهور.ماذا يمكن أن يضيفه مهدي بن عيسى؟بالنسبة لي علامة “الخبر” وعمالها من صحفيين وتقنيين ركيزة القناة الأساسية. سنقوم في المرحلة القريبة بتطوير آليات العمل، من خلال دورات تكوينية في الخارج والداخل للفريق العامل في القناة. أشعر أنه لدى عمال وصحفيي القناة إمكانيات كبيرة وطاقة غير مستثمرة بشكل كامل والكثير من الطموحات والأفكار وهذه مادة دسمة. الفضاء الإعلامي الجزائري يحمل بريق الجزائر العاصمة فقط، ولكن لا يجب أن يكون ذلك أساسيا، فالجزائر بلد كبير، ويجب الاستثمار في التنوع الذي تتميز به الجزائر، ولا يجب الانغلاق على العاصمة، لدينا الشرق والغرب والجنوب الكبير وهذه مواد هامة سنعمل عليها، لا يجب إقصاء أي جزائري ولا يجب أن نشعر سكان المدن الداخلية بالعزلة وأن هناك إقصاء وتهديدا للتنوع في الجزائر، بل يجب أن نؤكد على أن القانون يجب أن يكون مرآة المجتمع.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات