"استهداف "الخبر" يعكس تعطلا في صناعة القرار داخل السلطة"

+ -

يرى حسني عبيدي، رئيس مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط بجنيف، وأستاذ محاضر بجامعة جنيف، في حوار لـ”الخبر”، أن استهداف “الخبر” من جانب وزارة الاتصال “يعكس تعطلا في صناعة القرار، في ظل غياب الرئيس بسبب المرض”. ويرى أن مسعى الوزير حميد ڤرين لإبطال صفقة بيع أسهم من شركة “الخبر” لإسعد ربراب، “الغرض منه غلق “الخبر” واستهداف رجل أعمال يرفض الالتحاق بطابور السلطة”.ماذا يعني بالنسبة لك استهداف “الخبر” من طرف الوزير حميد ڤرين، بهذه الطريقة الفجة؟”الخبر” ضحية مشهد سياسي يعيش احتقانا غير مألوف منذ العهدة الرابعة للرئيس الحالي. غياب الحراك السياسي والحزبي وهزال المجتمع المدني، إضافة إلى الموت السريري للنقابة، أوجد فراغا كبيرا في الحياة السياسية وجعل من الرئيس بوتفليقة الحاكم الوحيد، ومصدر جميع السلطات. لكن غيابه لأسباب صحية تسبب في وضع غير منتظر، وهو تعطل صناعة القرار المرتبطة بشخص لم يعد قادرا على صناعته. كما أن تجريد جهاز الأمن من صلاحياته الأساسية، وإبعاد الجنرال توفيق أزاح آخر سلطة مضادة أو موازية ومؤازرة لبوتفليقة. السلطة الحالية ترى في “الخبر” كابوسا يجب التخلص منه. ولذلك فإن السكوت عن السطو المنظم على “الخبر”، سيشجع السلطة على الاستمرار في هذا الاتجاه الخاطئ والمحفوف بالمخاطر على السلم المدني، وعلى قدرة الجزائر على مواجهة التحديات الراهنة. أخشى على النظام القائم سلوك منطق انتحاري، يجر البلد إلى نفق مظلم.قانون الإعلام 2012 ينص على إنشاء سلطة الضبط للصحافة المكتوبة، مستقلة عن الحكومة، تعهد إليها عدة قضايا منها مقاضاة الصحف. لماذا يتجاوز وزير الاتصال هذه الآلية، ويحل محلها لمقاضاة “الخبر” بغرض إبطال صفقة التنازل عن جزء من أسهمها لإسعد ربراب؟ لأن وزير الاتصال لم يبق له من الاتصال إلا الاسم. أين الاتصال مع المواطن ومع المؤسسات؟ ما قام به مؤشر قوي على استهتاره بالمؤسسات الجزائرية، بتجاوزه لصلاحياته. نحن أمام وزير لا يملك حق التصرف في مفرداته، فيكف يمكن أن يتصرف في قطاع حيوي مثل الاتصال؟ الإعلام والاتصال لا يحتاجان إلى توزير. هيئة مستقلة للاتصال تكفي لإدارة قطاع الاتصال. لذا فإن مهام الوزير تتنافى مع رغبة الجزائريين في إعلام حر ومستقل. عندما يصبح وزير الاتصال، الذي من المفروض أن يسهر على حرية التعبير والصحافة، طرفا قضائيا فإنه بذلك يصبح مدعيا عاما يسلط سيفه على إعلام أعزل. كما أن تحرك الوزير ضد صفقة “الخبر” هو تحرك انتقائي وموجه يهدف لغلق يومية تقلق النظام، وإرسال رسالة إلى رجل أعمال ناجح يرفض الالتحاق بطابور السلطة. هل لهذه المضايقات علاقة بالوضع الذي يوجد عليه النظام، في ضوء حالة الرئيس الصحية السيئة؟ في خضم هذا الفراغ السياسي والبائس والجمود السياسي، تبدو يومية “الخبر” مؤسسة غير مرحب بها من قبل نظام سياسي لغم جميع الأحزاب، وأفرغ العمل السياسي من محتواه. أكثر من ذلك، أصبحت “الخبر” تقوم من غير قصد بجميع الأدوار المعطلة والتي أنهتها السلطة الحاكمة. وهي المراقبة والترقب وتدوير الرأي السياسي، وإعطاء الكلمة لمن يرغب فيها. أي القيام بوظيفتها. تلك الوظيفة التي أصبحت تؤرق النظام، الذي لا يمكن أن يتعايش مع من يرفض مراقبته ومع من يجرؤ على توصيل خبر أو رأي لا يحمل ختم الرئيس، ومن وقف في طابوره. إن معركة “الخبر” مع النظام هي معركة كل الجزائر مع الحق في الخبر والحق في الوجود خارج عباءة سلطة متهالكة. تنشط بالجزائر 45 قناة خاصة خاضعة كلها للقانون الأجنبي. لماذا وزارة الاتصال تمنح الاعتماد (وليس رخصة) لخمس منها دون البقية؟ هذا ما أشرت إليه سابقا من انتقائية مقصودة. يمكن لأي قناة أن تبث إلى الأبد ومن دون رخصة ما دامت لا تخرج عن بيت الطاعة. لكن مصيرها الغلق إذا تجاوزت الخطوط الحمراء، حتى وإن كانت مسجلة ومعتمدة. وهذا سبب كاف للحديث عن التعسف في استعمال القانون من قبل سلطة عمومية. بمثل هذه التصرفات تعطي الحكومة وجها لا يشرف الوطن، ولا يعبر عن آمال وتطلعات ملايين الجزائريين الذين يستحقون مستقبلا أفضل من الذي يرسمه لهم وزيرهم للاتصال وحكومة لا أمل فيها”.          

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: