أويحيى يدعو حكومة سلال للابتعاد عن "الشعبوية"

38serv

+ -

 أمام قاعة غصت بالمندوبين الذين جاءوا من كل الولايات، استعرض أحمد أويحيى، الأمين العام السابق بالنيابة، أوراقه واحدة تِلو أخرى، في محاولة لاستمالة انتباه الضيوف الخاصين الذين حضروا افتتاحية مؤتمر التجمع الوطني الديمقراطي “الاستثنائي جدا”. فهل هي عبارة عن رسائل تطمينية؟ أم هي عربون نوايا حسنة للجالسين في الصف الأول قبالة منصة المؤتمر؟ الجميع كان يتساءل ويتبادل النظرات بحثا عن الفهم.حضور عبد المالك سلال، بصفته وزيرا أول ومناضلا في الأفالان، وعلي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، فضلا عن المجيد سيدي السعيد الأمين العام للمركزية النقابية، فُسر على أنه دعم صريح لأويحيى، رغم غياب غريمه في الأفالان عمار سعداني الذي أوفد ممثلا عنه هو عضو المكتب السياسي السيد بعجي.والتحق رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح بالأشغال بعد توديعه رئيس كوت ديفوار الذي كان في زيارة رسمية للجزائر، فيما شكلت وجوه مثل وزير السياحة الأسبق الشريف رحماني الاستثناء، بعد طول غياب عن المشهد الحزبي والسياسي منذ تنحيته من الطاقم الحكومي قبل سنوات.أما أولى الرسائل التي بعث بها أويحيى للمؤتمرين والرأي العام الوطني، فكانت إبداءه تأسفه لحال الأغلبية الرئاسية التي أضعفتها انتقادات المعارضة المركَّزة، داعيا مكوِّناتها في هذا الصدد، وهم الأفالان في المقام الأول والشريكان حزبا تاج برئاسة عمار غول والحركة الشعبية الجزائرية لرئيسها عمارة بن يونس، قائلا “أملي أن عائلتنا السياسية ستصل مع باقي الأغلبية الرئاسية إلى بناء علاقات أقوى وتشاور أوسع والعمل معا في خدمة الجزائر”، مشددا على أن “قناعته” باستمرار الحزب في “دعم رئيس الجمهورية والحكومة التي تمثل الأرندي طرفا فيها” كما قال.كما أعرب أويحيى عن أمله في أن يصل الأرندي “إلى العمل أكثر مع باقي أو كل أحزاب المعارضة التي نكن لها الاحترام ونوجه لها التحية، نعمل مع أحزاب المعارضة في كل ما يأتي في إطار احترام مؤسسات الدولة ودستور الجمهورية”. وفي رسالته الثانية، اعترف أويحيى بوجود خلل ما في عمل الحكومة التي يرأسها عبد المالك سلال، وهي عدم قدرتها على إقناع المواطن بطبيعة الواقع الاقتصادي والاجتماعي الراهن، داعيا في هذا السياق الأغلبية الرئاسية إلى الابتعاد عن كل ما هو شعبوي أو لغة خشب لدى التعاطي مع هذا المسألة، حيث قالها صراحة “أملي أن تبقى عائلتنا السياسية بعيدة كل البعد عن الشعبوية والديماغوجية”.واسترسل في هذا الإطار حديثه بالإشارة إلى أن التجمع الوطني الديمقراطي “شريك متمسك بالعدالة الاجتماعية، عدالة تبتعد عن التفكير بالريع، لأننا في هذا الحزب لا ننسى المحن التي مرت بها الجزائر جراء الأزمة الاقتصادية التي عاشتها البلاد قبل 20 سنة”.الرسالة الأخرى التي بعث بها أويحيى إلى الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة والمؤتمرين الذين تجاوز عددهم الألف، من على منبر منصة المؤتمر بفندق الأوراسي أمس، أن كل مواقف الأرندي وخياراته تجعل منه “كيانا سياسيا في الطليعة السياسية للدفاع عن ديناميكية الإصلاحات” التي ينبغي أن تصل بالديمقراطية في الجزائر “إلى مصف الديمقراطية في بقية العالم، هناك أفكار تحترم، وهناك مواقف تختلف، وهناك أغلبية وهناك معارضة، لكن الأحزاب التي هي في الأغلبية، وخاصة عندما نصل إلى ظروف مثل التي نعيشها اليوم، حين فقدت البلاد 70% من مداخيلها، معناه يجب أن نبحث عن حلول تحافظ على المبادئ والتوازنات الكبرى”، داعيا الجهازَ التنفيذي في هذا المجال إلى لعب دوره في إشراك المجتمع والمواطنين في شرح طبيعة التوجهات وخُطط العمل لتجسيدها على الأرض.وهنا تحدث وزير الدولة مدير ديوان الرئاسة، المرشح بقوة للاحتفاظ بمنصب الأمين العام لثاني أكبر حزب للسلطة، عن واجب الحكومة، حيث أكد بوضوح “على الحكومة القيام بهذا الأمر، وتقوم به ونحن طرف فيه، على السياسيين المقتنعين الذين هم الأغلبية، العمل في الميدان لإقناع المواطن والمجتمع بضرورة التحولات والخروج من التحجر، وهو ما يجعلني أقول إن التجمع كان وسيظل بعيدا عن الديماغوجية والشعبوية”. ولدى تناوله موضوع الإصلاحات الجارية منذ 1999، ألمح أويحيى إلى أنها ما تزال تعاني من بعض البطء والتعطيل، رغم دعمه لها، وأوضح “لقد أصبحت الإصلاحات التي ندعمها ضرورة حيوية للبلاد بالنظر إلى تراجع أسعار النفط، أزمة لا تحبط العزم عندنا، لأننا مقتنعون بأن هذه الأزمة ستعطي دفعا للجزائر لكي تتحرر أكثر من التبعية للنفط، ولكي تبني اقتصادا متنوعا”.وبعد انتهاء أويحيى من كلمته، دُعي ممثلو وسائل الإعلام إلى مغادرة قاعة المؤتمر، لتستمر أشغاله في جلسة مغلقة، إلى غاية صبيحة بعد غد السبت، حيث سيعلن عن اسم الأمين العام.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات