"الصحفي والسلطة مسؤولان عن ذيل الترتيب في حرية التعبير"

+ -

يرى وزير الاتصال سابقا، ناصر مهل، في مقابلة مع “الخبر”، أنه لا الصحافيين ولا السلطات قادرون على إرساء أخلاق مهنة الصحفي. ويحملهم مسؤولية التصنيف السيئ للجزائر في مجال حرية الإعلام.كيف تنظر إلى المشهد الإعلامي بعد 4 سنوات من مغادرتك منصب وزير الاتصال؟ غادرت منصبي ولكني لم أطلق مهنتي كصحفي، فقد مارست هذه المهنة مدة طويلة ولازلت صحفيا. فيما يخص الساحة الإعلامية من زاوية الاحترافية،  فأنا أعتقد أنه لازالت أشواط طويلة أمامنا. وإذا أردت رأيي في انتشار الصحافة الوطنية، فقد حققت أشواطا كبيرة. بالنسبة للسمعي البصري بإمكاني القول إنه تم إنجاز أشياء إيجابية بخصوص تعاطي القنوات الناشئة مع الشأن السياسي ونقل انشغالات وهموم المواطنين وقضايا البلد في هذا المحيط المجاور المتدهور.الصحافة الوطنية لعبت دورا في استقطاب اهتمام المواطنين بخصوص خطورة الأوضاع، وقد أظهرت استماتة في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد.مراجعة قانون الإعلام 1990 جرت خلال توليك الوزارة، وقد نصت على كسر احتكار الدولة لقطاع السمعي البصري. لماذا لم يتم فتح هذا المجال رغم مرور 4 سنوات على تعديل القانون؟ حتى أكون صريحا، لما غادرت الوزارة في سبتمبر 2012 كنت قد أعددت مع مجموعة من الخبراء، إجراءات لتطبيق هذا القانون وضبط جميع جوانبه، وبخاصة ما تعلق بسلطة ضبط السمعي البصري. ولا أدري ما جرى من بعدي بشأن مصير القانون، بكل صراحة.هل تعتقد أنه كانت هناك فعلا إرادة سياسية من جانب السلطات لفتح قطاع السمعي البصري على رأس المال الخاص؟ بالطبع. أتذكر أن توجيهات رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء كانت صارمة وواضحة بخصوص فتح هذا القطاع، لكن الرئيس حذر من التجاوزات والفوضى ودعا إلى الحذر. فالسمعي البصري له حساسية وتأثير مباشر على المواطنين.قطاع واسع من المراقبين ينتقدون استمرار ضغط السلطات على وسائل الإعلام المصنفة غير موالية لها. هل تعتقد أن حرية التعبير مكفولة في بلادنا؟ تقدمنا في هذا المجال كثيرا. فقد ألغينا العقوبات السالبة للحرية في تعديل قانون الإعلام 2012، استجابة لتعليمات واضحة من رئيس الجمهورية. وحرية التعبير كممارسة في الميدان موجودة، وأستطيع القول إننا متفوقون في هذا الجانب على المستوى العربي والمتوسطي. ولكن مفهوم حرية التعبير تخضع لقراءات متعددة، فمن هو موجود في الحكم لديه قراءته ومنظوره، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يمارس مهنة الصحافة. والمؤسف أن بعض الصحافيين يستعملون حرية التعبير للإساءة للأشخاص والمؤسسات.لا خلاف حول ضرورة أن يتحلى الصحفي بالموضوعية والدقة في نقل الأخبار، ولكن مطلوب من السلطات أن ترفع يدها عنه وأن تتوقف عن توزيع الإشهار وفق مقاييس الولاء. أليس كذلك؟ في 2012 حضرنا أنفسنا للإسراع في سن قانون للإشهار، الذي لو صدر لكنا ربما تمكننا من تنقية الأجواء التي ينشط فيها هذا القطاع. ولكن ذلك لم يتم، ولا أعلم لماذا لم يتم ومن الأفضل أن لا أخوض كثيرا في هذا الجانب حتى لا أبدو منتقدا لمن جاءوا من بعدي إلى هذا القطاع. فأنا أريد أن أنأى بنفسي عن القذف والشتم، والتاريخ يحكم على كل شخص.وحتى لا أبتعد عن سؤالك، أقول إن الضغط من أي كان غير مقبول. ولكن ينبغي أن نعرف كيف كان يسير الإشهار آنذاك.. كانت هناك تدخلات عديدة في شؤون هذا القطاع..تدخلات من أية جهة أو جهات ؟ أفضل الحديث بصفة عامة عن هذا الأمر دون الخوض في التفاصيل، المهم أنني كنت حضرت برنامجا لتطهير هذا القطاع ولكني لم أنجزه بحكم إنهاء مهامي كوزير.تقول إن حرية التعبير حققت أشواطا إيجابية. ولكن لماذا برأيك تبقى الجزائر مصنفة عالميا في المراتب الدنيا في هذا المجال؟ كلنا يعرف دور منظمة “مراسلون بلا حدود” التي تقف وراء هذا التصنيف، فهي تتحمل مسؤولية التشكيك في هوية مرتكبي الجرائم خلال العشرية السوداء، وكانت إحدى المنظمات التي أذكت حملة “من يقتل من” وهذا شيء معروف. وأمين عام هذه المنظمة روبير مينار الذي وقف وراء هذه الحملة، نعرف تاريخه، فهو عنصري ولا يزال عنصريا.ولكن للأمانة، حتى نحن مسؤولون عن تصنيفنا في ذيل المراتب.من المسؤول؟ الصحافيون أم السلطات؟ الاثنان. الصحافيون يستعملون أحيانا حرية التعبير لأغراض غير مهنية. والسلطة لها أيضا ممارساتها السلبية. في مهنة الصحافة ينبغي أن يتحلى الصحفي والناشر بالمسؤولية فيما يكتب وينشر. وهناك أمر في غاية الأهمية يتضمنه قانون الإعلام، غير أنه لا يثير انتباه الكثيرين، هو الوصول إلى مصادر الأخبار. ينبغي في رأيي تنظيم وظيفة القائمين على الاتصال، وأن يتم إشراك الصحافيين في هذا المسعى. وقد قلت هذا في التلفزيون العمومي في وقت سابق، ورأيي أن السلطة هي أيضا لا تعرف كيف تمارس الاتصال. لقد أجرينا عدة ملتقيات وأياما دراسية لتطوير أداء الحكومة في الاتصال، ولكن التطور لم يحدث. لاحظ معي أن الناطق الوحيد باسم وزارة، هو من يتحدث باسم الخارجية. الناطق باسم الوزارة الأولى غير موجود، وكذلك رئاسة الجمهورية. وإذ أقول هذا الكلام، أحرص على التأكيد بأنني لا أطمح لأي منصب.لا يتوقف وزير الاتصال الحالي عن رفع شعار الاحترافية وأخلاقيات المهنة. هل برأيك أن أخلاقيات الصحافة من صميم مهام الحكومة، أم أن ذلك من اختصاص أهل المهنة؟ استحدث أهل المهنة عام 2000 مجلسا لأخلاقيات المهنة، ولكن الصحافيين فشلوا في تطوير هذه الهيئة التي لم يعد لها أثر. وإذا كان الصحافيون عجزوا عن تنظيم شؤون أخلاقياتهم، فكيف يمكن للسلطة أن تنجح في هذا؟ رأيي أن قدامى ممارسي الصحافة بإمكانهم أن يقدموا إسهامهم في هذا المجال، وأعيد وأكرر بأنني لا أطمح لأية وظيفة ولا أي دور في قطاعنا.لماذا الآليات التي جاء بها قانون 2012 لم تنصب إلى يومنا؟ اطرح سؤالك على من هو في المسؤولية، أما أنا فلم أعد مسؤولا على قطاع الإعلام.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات