38serv

+ -

كيف تقيم وضع حرية التعبير في البلاد؟ لا يفوتني أن أستهل هذه المقابلة دون الوقوف مترحما على شهداء حرية الصحافة، وأن الجزائر هي البلد الذي قدم تضحيات هي الأكبر من الصحافيين فداء لحرية الصحافة في العالم. لقد عرفت صحافتنا الحرة بعد ذلك، أي بين التسعينيات وبداية القرن الجديد، ما يمكن تسميته إبادة تستهدف حرية التعبير والقلم، خاصة أن البلاد انتقلت من نظام الحزب الواحد إلى التعددية والحرية. كان كفاح الصحافيين الجزائريين لإرساء مجتمع يتوجه نحو الديمقراطية وترسيخ الحقوق الأساسية، ما جعل الصحافيين هدفا لهذه الإبادة. بعد ذلك تعرضت الصحافة إلى كفاح آخر عندما دفعت الثمن ضد الإرهاب والتطرف، كما تعرضت لمضايقات من نظام الحكم لما بدأت تهتم بكيفية إدارة شؤون الدولة، فتحولت مرة أخرى إلى هدف يجب تحطيمه، عبر حملات من قبل الإدارة ووزارات معينة مثل وزارة الدفاع الوطني، وهذا كله كان يعمل لصالح الصحافة الجزائرية التي يعلم الجميع أنها هي المكسب الأساسي الذي نجم عن انتفاضة 1988.وماذا عن مؤشر حرية الصحافة، في ظل المضايقات التي تخنقها؟ الجزائر في المرتبة 129 عالميا من حيث حرية التعبير والصحافة، وهذا التقهقر جاء بفعل المضايقات التي فرضت على القلم المستقل بسبب تشريعات لا تحمي العمل الصحفي، بدليل الأفعال المتصلة بالإبادة وغياب حسن النية الذي لم يكن مدرجا في القانون، وأن مكاسب قانون 1990 همشت نقل الصحافة من النظام التصريحي إلى الاعتماد الذي يعني تقييد والتسلط على حرية الصحافة.البعض يربط متاعب “الخبر” بجرأتها وبالجرعة الزائدة من الانتقاد للمسؤولين والسلطة؟ الانتقاد لا يكون محل مبالغة عندما يندرج ضمن إطلاع المواطن على ما يجري في البلد، وأن حق الانتقاد يساهم في تدعيم الحريات وترقية الحقوق الأساسية، وأن الانتقاد يكون محترما لحقوق الآخرين ويراعي شرفهم. لكن عندما يتعلق الانتقاد بإدارة شؤون البلد وكيفية التصرف في المال العام وتنظيم المجتمع، فإنه يظل عملا إيجابيا ومطلوبا في كل المجتمعات، لأن ممارسة الرقابة على الدولة أو نظام الحكم لا يتأتى إلا بحرية الصحافة والتعبير. أما اليوم فهناك تراجع بدليل أن جنرالا متقاعدا في الجيش زج به في السجن بسبب تصريح لإذاعة خاصة لأكثر من 6 أشهر، لأنه تفوه باسم قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، وبمجرد الإشارة إلى كيفية تسيير شؤون الجيش، وهو اليوم متابع بجناية. كما تم إغلاق قناة “الوطن” الخاصة بمجرد أن قامت باستجواب صحفي لقائد الجيش الإسلامي للإنقاذ، وأنه عوض أن يتابع هذا الأخير فضلت وزارة الاتصال غلق القناة !هل كنت تتوقع أن تدخل "الخبر" قفص الاتهام ولماذا؟ قضية التنازل عن حصص من رأسمال الشركة لشخص اعتباري هي شركة “ناس برود” أصبحت اليوم عملا يعتبر غير شرعي، ونحن نرى أن تدخل وزارة الاتصال في العملية يعد مساسا بحق دستوري، هو التصرف في الملكية وحرية التصرف فيها. أما فيما يخص إحالة الصفقة على العدالة من طرف وزارة الاتصال، فإنها تعد في حد ذاتها تصرفا لا أعرف كيف أصنفه، لأن الوزارة كانت على علم بالمفاوضات والصفقة، وعلى دراية بإبرام الصفقة، وكانت تعلم أن العقد التوثيقي قد سجل وتم إشهاره، فلماذا لم تتحرك الوزارة أثناء كل هذه الإجراءات، بل فضلت تفعيل إجراءاتها بعد إتمام الصفقة، هل الأمر يتعلق بعمل يستهدف ابتزاز ثروة المؤسسة. الرجل سعى لامتلاك حصص في شركة “الخبر”. أكتفي بهذا القدر من الكلام، لأن استمراري في ذلك سيفتح المجال أمام القارئ للتساؤل عما إذا كنا أمام عملية نصب واحتيال.من يقف وراء حملة “الإبادة” مثلما تقول؟ نظام الحكم لا يقبل بوجود صحافة حرة في البلاد لأنها باتت مهتمة بكيفية إدارة شؤون الدولة.كمحام، ماذا تعني محاكمة “الخبر”، هل أنت متفائل بحل للنزاع؟ قبل أشهر كنا نلاحظ مضايقات ممارسة ضد “الخبر” وزميلتها “الوطن” في شكل تهديدات للمعلنين والمقاولين والشركات بعدم منحهما الإشهار، ما أدى إلى الإضرار بتوازنات الصحيفتين، فاهتدى شركاء شركة “الخبر” إلى التنازل عن جزء من حصصهم من أجل مواجهة الأزمة التي تسبب فيها النظام الحالي. وعندما يقوم هؤلاء بعملية البيع يتم جرهم أمام العدالة على أساس المادة 25 من قانون الإعلام. والغريب في الأمر أن الوزارة التي تسهر على تطبيق القانون لم تسمح لحد الآن بوضع سلطة الضبط، ومن دون سند قانوني تقوم الوزارة بمراقبة نشاط وسائل الإعلام!اليوم يبدأ النظر في دعوى وزارة الاتصال ضد صفقة التنازل عن “الخبر” للسيد ربراب، ما المتوقع؟ اليوم سأتأسس في هذه القضية إلى جانب زميلي سليم بن حمودة في حق شركة “الخبر” بالمحكمة الإدارية، وسنلتمس إطلاعنا على عريضة الوزارة للرد عليها.وما توقعاتك لجلسة اليوم؟ جهاز العدالة عندنا ليس مستقلا. فهو أداة ووسيلة بين أيدي السلطة التنفيذية. من هذا المنطلق، فإن هذا الجهاز يخدم مصالح السلطة، وأنا لست متفائلا بشأن مصير الدعوى، التي تشكل بصفة عامة دعوى منعدمة الأساس القانوني. ودليلي على ما أقول أن وزير الاتصال ليس له أي صفة لمقاضاة “الخبر” وشركائها، لأنه ليس طرفا في النزاع وأن أحكام المادة 25 من قانون الإعلام لا يمكن تطبيقها على صفقة مبرمة بين شخص اعتباري هي “ناس برود” لا يملك أي نشرية أخرى وتحصل على جزء من الحصص الاجتماعية لـ”الخبر”، فما تدعيه الوزارة منعدم الأساس، بدليل أن السيد ربراب الذي له صفة الشريك كشخص طبيعي في شركة “ليبرتي” لا علاقة له بالصفقة التي تعني شركة “ناس برود”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: