38serv
أكد المؤرخ علي قنون من جامعة باريس 1 بفرنسا، أول أمس، في محاضرة بمركز “الكراسك” بوهران، بأن “ما أطلق عليه الأزمة البربرية سنة 1949 هو في الأصل صراع بين تيار بزعامة مصالي يدعو للمشاركة في الانتخابات، ومناضلين غالبيتهم من منطقة القبائل، طالبوا بتغيير استراتيجية وتسيير الحزب والمرور إلى العمل المسلح برئاسة الدكتور لمين دباغين”. استهلّ الباحث محاضرته، بتقديم نبذة عن ارتباط مسألة الهوية بظهور مفهوم الأمة كمفهوم حديث، لتفسير عدم طرح الهوية قبل 1830، لأن السائد آنذاك هي العلاقات القبلية والعصبية. اعترف الباحث بشحّ الوثائق والكتابات حول الأزمة “البربرية”، لأنها من القضايا المسكوت عنها، مما دفعه للاعتماد على أرشيف الاستعلامات العامة والمخابرات. كما تطرّق للخطاب الاستعماريومحاولاته بتطبيق السياسة القبائلية والأسطورة القبائلية، من خلال تمدرس مكثف بالمنطقة والسماح للسكان بتطبيق قانون العرف القبائلي، عكس بقية مناطق الوطن، على غرار ما فعله بالمغرب بعد إصدار الظهير البربري في 1930”. أشار الباحث بأن “هذه السياسات أفرزت قلة قليلة من النخب الاندماجية، لكن في الغالب هذه الخطط فشلت فشلا ذريعا، بدليل أن غالبية الأعضاء المؤسسين لأول حزب ينادي بالاستقلال نجم شمال إفريقيا في 1926 كانوا من أبناء المنطقة، ما عدا مصالي من تلمسان وحاج علي عبد القادر من غليزان”. اعتبر أن أحداث الثامن ماي 1954 ساهمت في ظهور التيار المنادي بالعمل المسلح، وبروز نخبة مثقفة، على غرار بناي واعلي، عضو القيادة الوطنية ولمين دباغين، ولقد كانت فيدرالية منطقة القبائل هي من قدّمت تقريرا يدعم طرح العمل المسلح في مؤتمر 1947 في الجزائر، لكنهم تعرضوا للتهميش. لكن تزوير الانتخابات من طرف الإدارة الاستعمارية بقيادة الحاكم “نايجلان” ضد حزب انتصار الحريات الديمقراطية، رجّح الكفة لصالح دعاة العمل المسلح ضد دعاة الانتخابات والنخبة التقليدية للحزب، المتهمة بالدكتاتورية ونقص الديمقراطية داخل الحزب. وفي جويلية 1949 أصدر مجموعة من المناضلين، صادق حجرس، مبروك بلحوسين وهنين، أول نص سياسي بعنوان “الجزائر الحرة ستعيش” للرد على موريس فيوليت الذي كتب “هل ستعيش الجزائر؟”، دافع فيه المناضلون على مفهوم “الجزائر- جزائرية” لا تقصي أي مكون من مكونات الهوية الجزائرية وتدافع عن اللغات المحلية وركزوا في النص الذي يحمل إمضاء “إيدير الوطني” على رفضهم التفرقة وتكريس الوحدة الوطنية، للتنديد بخطاب حزب انتصار الحريات الديمقراطية، حول جزائر عربية إسلامية، سعيا من مصالي لكسب مساندة الجامعة العربية. استغلت قيادة الحزب الأمر لاتهام المعارضين للحزب “بالبربيريست” كحيلة لتحييدهم وإقصائهم، وحتى مصالي رفض طلب المناضلين للقاء بهم لدراسة الوضع وتوقيف حملة التشهير والقذف ضد المناضلين بأنهم “بربيريست”. كشف قنون بأنه “لا وجود لوثيقة مكتوبة تشير لكلمة “بربيريست” وحتى المناشير المضادة للعرب والعربية التي تحدّث عنها الحزب لإطلاق حملة التصفية، لم نعثر ولو على نسخة واحدة في أرشيف البوليس والاستخبارات الفرنسية، مما يدل بأنها مجرد تهم واهية لإخفاء صراع سياسي”. أكد الباحث بأن مناطق أخرى، على غرار الجزائر ووهران انتفضت ضد قيادة الحزب وقامت بتجميد الاشتراكات ونشاط العديد من أقسام الحزب، حسب كتابات المناضل بوشبوبة الذي كان مسؤولا في المنطقة. وفي مارس 1949 صدر بيان عن محند سعيد علي يحي، مسؤول فيدرالية فرنسا، طالب فيه بجزائر جزائرية وعزل مبارك فيلالي، ليكون ذلك إيذانا لانطلاق حملة تصفية ضد المناضلين المنحدرين من منطقة القبائل، وصلت لحد العنف الجسدي من طرف “كومندوس خاص”، واستعمال السلاح ضد المناضل علي فرحات من طرف كريم بلقاسم في أوت 1949، كما نجا مبروك بلحوسين وسعيد أوبوزار من الموت بأعجوبة في العاصمة. وفي الفترة نفسها تعرّض العديد من المناضلين للتوقيف من طرف البوليس الاستعماري، على غرار بناي وعلي بوهران وعمر أوصديق، بطريقة غريبة أثارت شبهات حول وجود وشاية من الحزب. دحض الباحث في التاريخ قضية “حزب الشعب القبائلي” واعتبرها مجرد نسج من خيال الصحافة الاستعمارية”، بعد دخول علي فرحات المستشفى إثر إصابته برصاص كريم، سارعت صحيفة “إيكو دالجي” لنشر تصريح منسوب لعلي فرحات يكشف فيه عن وجود حزب الشعب القبائلي ضد حزب الشعب الجزائري، لكن علي فرحات يومين بعد صدور المقال توجّه لمقر صحيفة لإيداع تكذيب رفضت نشره كتب فيه بأن حزب الشعب القبائلي لا وجود له ولن يوجد ولا يوجد إلا شعب جزائري واحد”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات