38serv

+ -

أوحت تصريحات شكيب خليل حول “براءته” من تهمة الفساد، وتنقلاته بين الزوايا القرآنية، بأن قوة في النظام تدفع به لقياس مدى قبوله كخليفة محتمل للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. لكن وزير الطاقة السابق تعترضه موانع دستورية، تلغي أي مشروع مفترض للقذف به إلى سدة الحكم، هذا في حال ثبت أن الجزائر دخلت “مرحلة ما بعد بوتفليقة”، وبأن الرئيس الحالي لا يريد عهدة خامسة.ثلاثة حواجز تواجه خليل، والجهة التي قدمت له ضمانات بعدم التعرض للتوقيف عندما يعود إلى الجزائر، تحاول ترشيحه لانتخابات الرئاسة المرتقبة في 2019. أولها أنه لم يشارك في ثورة التحرير، والدستور يجبر المولودين قبل عام 1942 الراغبين في الترشح للرئاسة، أن يثبتوا أنهم خاضوا الجهاد من أجل استقلال البلاد، بينما السيد خليل ولد في 1939 (بوجدة بالمغرب) وتحديدا في 8 أوت.الحاجز الثاني يتعلق بعائلة موظف البنك العالمي سابقا. فزوجته من أصل فلسطيني وتملك جنسية أمريكية، في حين أن الدستور يشترط أن تكون زوجة المترشح للرئاسة من أصل جزائري خالص. المانع الثالث أن خليل قضى سنواته الثلاث الأخيرة في بلد أجنبي، أما الدستور بعد التعديل الذي طرأ عليه بداية العام الحالي، يشترط على الراغب في الرئاسة أن يكون أقام بالجزائر خلال الـ10 سنوات التي تسبق الاقتراع الرئاسي. بعد قراءة هذه العوائق القانونية، سيكون النظام مضطرا لتعديل الدستور وإزالة هذه الموانع، إذا استقر الرأي على ترشيح خليل لخلافة بوتفليقة.وأمام خليل معوقات أخرى، وإن كانت أقل صرامة من الشروط الدستورية. فهو لا يملك تجذرا سياسيا بحكم أنه لم يسبق أن انتمى لأي حزب سياسي، بينما الرؤساء السبعة الذين حكموا البلاد لهم إما انتماء حالي أو سابق لجبهة التحرير الوطني. بوتفليقة عندما جهزه الجيش لخلافة اليمين زروال، وجد قوة هائلة من الأحزاب والتنظيمات والجمعيات وراءه، فهل سيتوفر لخليل هذا المعطى؟والأهم من هذا، هل يكفي أن يحوز خليل على ضوء أخضر من بوتفليقة والمحيطين به في الرئاسة، كي يصبح رئيسا؟ لأن العادة جرت أن الجيش هو من يصنع رؤساء الجزائر، وبوتفليقة واحد منهم. وإذا انخرط رئيس أركان الجيش ڤايد صالح في خيار الرئاسة المحتمل، أي تعيين خليل رئيسا، باعتباره من أشد الناس ولاء لبوتفليقة، هل سيمثل في هذه الحالة رأي كل المؤسسة العسكرية؟ ولكن بعد كل التغييرات التي جرت في “المؤسسة” وذراعها الاستخباراتي في السنوات الأخيرة، هل لا زال للجيش كلمة في تعيين رئيس الجمهورية؟ وفي كل الأحوال، فتقاليد وممارسات النظام بخصوص اختيار الرئيس، تفيد بأن ترتيبات صناعة رئيس لا تتم في الزوايا القرآنية، وإنما في وزارة الدفاع.وإذا تم تجاوز كل هذه المعوقات والحواجز، يواجه خليل مشكلة كبيرة تتمثل في وجود اسمه ضمن ملفات قضائية بدولتين أجنبيتين على الأقل، هما إيطاليا وسويسرا. معنى ذلك أن تهمة (وليس مجرد شبهة) الفساد التي تلاحقه في الخارج، يمكن أن تستعمل لابتزاز الجزائر في مواقفها كدولة سيدة، والنظام الجزائري يزعم أنه حساس وغيور على سيادة الجزائر.وإذ كان ثابتا أن بوتفليقة اعترضته شبهة الفساد عندما تمت تهيئته ليصبح رئيسا، فهو على خلاف خليل، ظل ملف تورطه في قضية تبديد أموال السفارات الجزائرية، داخل مجلس المحاسبة الذي أجرى تحقيقا في الملف، ولم تتطور الوقائع إلى تهمة وجهتها النيابة له ولا إلى صدور مذكرة اعتقال دولية ضده. فقد حرص الشاذلي بن جديد لما استلم الرئاسة في 1979، أن لا يصل “ملف بوتفليقة” إلى القضاء ما جنبه المتابعة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات