38serv

+ -

هل ستعجل الصورة التي نشرها الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، عن الرئيس بوتفليقة في تغريدة على حسابه في “تويتر”، بخلق أزمة سياسية ودبلوماسية بين الجزائر وباريس ؟ ردود الفعل المتتالية التي حركتها السلطة، من خلال المركزية النقابية ومنتدى رؤساء المؤسسات، بمعية أحزاب الموالاة، الأفالان والأرندي، التي انتقدت بشدة “تصرفات” حكومة هولاند، تعطي الانطباع بأن محور الجزائر باريس قد دخل منطقة التكهرب من جديد، بعد فترة سمن على عسل استمرت منذ 2012، حتى وإن لم يصدر أي موقف رسمي من الجانبين يأذن بوقوع القطيعة.تكشف ردود الفعل الصادرة عن أحزاب الموالاة، بمعية تنظيمات أرباب العمل والنقابة المركزية، عن حالة من الغضب تسببت فيها تغريدة فالس التي لم تلق الترحيب لدى دوائر السلطة في الجزائر، لأنه نشر صورة للرئيس بوتفليقة في حالة من التعب، وهو الذي حظي باستقبال كبير في الجزائر، رغم الزوبعة الإعلامية التي رافقت زيارته للجزائر، على خلفية منع السلطات الجزائرية منح التأشيرة لصحيفة “لوموند” و«لوبوتي جورنال”. وسارت ردود الفعل باتجاه “اتهام” الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، بتعمد الإساءة للجزائر من خلال الصورة التي اختارها لبوتفليقة، وهو في حالة من التيهان. وهذا يعني أن فالس أخرج سرا ظل في طي السر والكتمان، وهو ما أعاد به إحياء الطرح الذي تحدثت عنه مجموعة الـ 19 المندثرة: هل حقا الرئيس هو من يحكم ويصدر القرارات فعلا.إن مسارعة أحزاب المعارضة إلى الحديث عن حالة الشغور، بعدما قبر هذا المطلب منذ عدة أشهر، بمجرد نشر صورة الرئيس المتعب من طرف مانويل فالس، هي التي تكون قد أقلقت السلطة وأجهزتها وكانت وراء ردود الفعل الغاضبة إزاء حكومة هولاند، المتهمة من قبل الموالاة بأنها حركت المواجع وألبت الرأي العام المحلي ضد السلطة، وهي وراء عودة خصوم السلطة إلى أطروحاتهم السابقة الداعية إلى تدخل المجلس الدستوري وتنفيذ المادة 102 من الدستور الجديد. هذه الغضبة ضد مانويل فالس حدثت على صورة بالرغم من أن التعليق المرافق لها كان إيجابيا ويشدد على أهمية العلاقات بين البلدين، وهو ما يفهم منه أنها كانت بمثابة الجرعة الزائدة التي أفاضت كأس الغضب لدى السلطات الجزائرية، التي وجدت نفسها تعود إلى المربع الأول من التشكيك، بخصوص الوضعية الصحية لرئيس الجمهورية، بعد جهد كبير قطعته مصالح الرئاسة في معالجة هذه القضية الحساسة، من خلال الصور التي كان يبثها من حين لآخر التلفزيون العمومي.بعد حنون وسيدي السعيد وعلي حداد، وقبلها حسين خلدون من الأفالان، جاء الدور، أمس، على الأمين العام للأرندي، أحمد أويحيى، ليطلق النار أيضا على مانويل فالس، وقائمة المنددين به ما زالت في بدايتها، حتى وإن كان أول من قال لفالس إنه غير مرحب به في الجزائر، هو مواطن جزائري قد تعرض للتوقيف من قبل عناصر الأمن وسط العاصمة، ولم نسمع عن أي صوت سياسي أو حزبي دعم هذا المواطن البسيط، ما يعني أن فالس تسبب في حالة إحراج كبيرة للسلطة في وقت حساس وفترة حرجة جدا، يميزها اقتصاد منهار وشح في الموارد المالية وغليان في الجبهة الاجتماعية وحالة تدهور أمني على الحدود.البعض حاول تفسير الأمر بأن النتائج الهزيلة لزيارة فالس للجزائر وراء فعلته هذه، التي وصفتها لويزة حنون بـ«الجريمة”، والبعض الآخر يرى العكس من ذلك، أنه رغم 38 اتفاقية المبرمة بين البلدين وأغلبها لصالح الطرف الفرنسي، غير أن ذلك لم يدفع باريس للتعاطي الإيجابي مع مطالب الجزائر سواء السياسية، على غرار قضية تقرير مصير الشعب الصحراوي، أو ما تعلق بالشراكة الاقتصادية ومنها إنشاء مصنع “بيجو”. وضمن هذا السياق، لا يستبعد أن تكون هذه القضية بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الغضب لدى الجزائر، بعدما لوحظ في المقابل تدشين “بيجو” لأضخم مجمع صناعي في المغرب والإعلان عنه عشية زيارة فالس للجزائر، وهو ما ينظر إليه على أنه نوع من الاستفزاز موجه ضد السلطة في الجزائر. في سياق متصل، ليس بعيدا أن يكون إطلاق النار على مانويل فالس على علاقة بحالة الوهن التي يعيشها الحزب الاشتراكي في فرنسا الذي خفت موازينه في الشارع الفرنسي وتراجعت حظوظ فوز مرشحه في رئاسيات 2017، في مقابل صعود أسهم حزب اليمين واليمين المتطرف، مثلما تشير إليه مختلف استطلاعات الرأي العام، ما يعني أن الجدل الثائر الآن حول حكاية صورة الرئيس والانتقادات الموجهة ضد حكومة هولاند ليست سوى مقدمة لتغيير خط السير، وبداية إنهاء سنوات الهدنة مع حكومة هولاند في عامها الأخير في السلطة، وهو ربما نفس السلوك الذي قامت به حكومة الاشتراكيين من تغيير موقفها من السلطة الحالية في الجزائر. لكن مع ذلك يبقى خط الجزائر باريس تحكمه البرودة كلما ازدادت الحرارة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات