حمى كثافة البرامج تصيب البيوت الجزائرية

38serv

+ -

تقضي سامية الموظفة في مؤسسة خاصة ساعات في تحميل مواضيع الامتحانات وحتى الدروس من مواقع الإنترنت، وأضافت مونية الماكثة في البيت إلى ميزانية عائلتها ثمن نسخ وطباعة المواضيع في مقاهي الإنترنت، بينما تتحايل نعيمة الموظفة في الدائرة الإدارية لتغادر قبل انتهاء الدوام، حتى تتفرغ مساء لتدريس طفلها.. هن أمهات ليس لتلاميذ مقبلين على امتحان شهادة البكالوريا، بل في السنة الأولى والثانية فحسب.

هكذا تمضي أيام أولياء تلاميذ الطور الابتدائي، خاصة السنة الأولى والثانية، حيث “تجند” الأولياء لمواجهة مشكلة عدم الاستيعاب التي يشتكي منها أبناؤهم، رغم أن أغلبهم مروا على الأقسام التحضيرية ورياض الأطفال أو المدارس القرآنية.وهو حال السيدة سامية التي التقينا بها تنتظر ابنتها التلميذة في السنة الثانية ابتدائي أمام مدرسة مليكة خرشي بالقبة، وما إن أثرنا مشكل ضعف الاستيعاب عند التلاميذ حتى استرسلت في الحديث “أعاني الأمرين منذ بداية الموسم الدراسي، ابنتي تعاني من ضعف مادة اللغة، رغم أنها درست 3 سنوات في الروضة، وعندما أثرت الموضوع مع معلمتها اعتبرت الأمر تقليلا من مجهودها”، وأضافت أنها تمضي ساعات أمام الإنترنت لتحميل مواضيع الامتحانات من المواقع المتخصصة، “وهذا يأخذ الكثير من وقتي، فأنا عاملة وأم لرضيع أيضا”.وهي أيضا حالة السيدة مونية التي أصبحت زبونة دائمة لمقاهي الإنترنت من أجل نسخ وطباعة مواضيع امتحانات اللغة والحساب، المادتان اللتان يعاني ابنها من ضعف في استيعابهما، وأكثر من ذلك حرمت ابنها من عطلة نهاية الأسبوع التي أصبح يمضيها في بيت عائلتها كي تدرسه شقيقتها المعلمة. “ليس لدي خيار، السنة الأولى هي القاعدة، وأنا ليس بإمكاني تدريسه يوميا، وليس لي المؤهلات لتدريسه، ولولا شقيقتي لكان الأمر أكثر تعقيدا، ولا ألوم معلمته، أعرف أنها تبذل جهدها وهي ملزمة بتقديم الدروس وفق البرنامج المسطر”.ولا تشاطرها الرأي السيدة نعيمة التي التقينا بها في مدرسة يوسف بن تاشفين في حيدرة، حيث حمَّلت المعلمين مسؤولية معاناة التلاميذ وأوليائهم، “أعتقد أن الطريقة التي يعتمدها المعلمون هي السبب الرئيس في ضعف استيعاب أطفالنا، هم في حاجة إلى تكوين وليس الانتقال مباشرة إلى التدريس بعد التخرج من الجامعة، أبناؤنا ليسوا فئران تجارب”.أما المعلمون فلديهم رأي آخر، إحدى معلمات الطور الابتدائي في مدرسة بالقبة في العاصمة، تحفظت عن ذكر اسمها، ترى أن المعلمين يدفعون ثمن كثافة البرنامج أكثر من التلاميذ، فهم في سباق يومي مع الزمن لإنهائه في الوقت المحدد، ويبذلون جهدا مضاعفا لإيصال المعلومة للطفل، ويواجهون ضغطا رهيبا من أولياء التلاميذ. وتتابع المتحدثة “بعض الأولياء تجرءوا حتى على الاتصال في وقت متأخر من الليل للسؤال عن مواضيع لم يستوعبها أبناؤهم أو عن الأسئلة المحتملة في الامتحانات، يعتقدون أن المعلم حياته مرتبطة فقط بأبنائهم وليس له حياة خاصة”.وهو ما ذهبت إليه زميلتها التي أكدت أن من أكثر ما يرهق المعلم ضغط الأولياء، “الأولياء يضغطون على أبنائهم ويضغطون على المعلم، الطفل أمامه سنوات ليدرك المعارف وليس فقط السنة الأولى، وهؤلاء يظنون أن الطفل أمام امتحان مصيري، وأن نقطة 7 على 10 في مادة اللغة هي نهاية العالم، فينقلون قلقهم إلى المعلم”.وبين قلق الأولياء والضغط الذي يعاني منه الأساتذة، يدفع أطفالنا الثمن، في انتظار ما سيسفر عنه البرنامج الجديد الذي اقترحته وزارة التربية بداية من الموسم المقبل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات