ليس غريبا ولا جديدا أبدا أن تعالج الحكومة أزمة الأساتذة المتعاقدين باستعمال وزارة الداخلية، وبالتحديد استعمال الشرطة، فالشرطة في الجزائر لم تعد وظيفتها حفظ الأمن العام فقط، بل أصبحت أيضا مسؤولة عن حماية الأمن السياسي والاجتماعي للحكومة باستعمال الهراوات وليس الخطب والبيانات والحوارات مع المحتجين الاجتماعيين والسياسيين.ǃوضع البلاد من الناحية السياسية تدهور كثيرا عما كان عليه في عهد الحزب الواحد.. فقد كانت الأفالان في عهد الحزب الواحد هي “المطافئ” السياسية لنظام الحكم، فإذا نشبت أزمة اجتماعية بين الحكومة والمحتجين سواء عبر العمال أو الفلاحين أو الشباب، فإن الذي يتدخل ليس الشرطة، بل الأفالان هي التي تقوم بدور “الحماية المدنية السياسية”، أي دور المطافئ السياسية، وينزل المسؤولون الأفالانيون إلى الميدان لإخماد الحرائق السياسية، وكثيرا ما تستخدم الأفالان النقابات العمالية في عملية الإطفاء.ǃ لكن اليوم أصبحت الشرطة هي التي تتولى أمر معالجة الحرائق السياسية والاجتماعية، عبر معالجة هذه الاحتجاجات بالهراوات بدل الحوارات؟ǃإنه لأمر غريب فعلا إذ أنه في الوقت الذي يشل التعليم بإضرابات الأساتذة المتعاقدين وبإضرابات النقابات المتضامنة معهم.. في هذا الوقت تقوم الأحزاب الحاكمة بما يشبه “الكرنفال” السياسي.. فتقوم قيادة الأفالان بالزيارة إلى الصين لعقد صفقات الشيفون لرجال أعمالها في المكتب السياسي، ويقوم الأمين العام بالعودة إلى الجزائر عبر باريس لتفقد مصالحه هناك.. ولا يوجد أي واحد من قيادات هذا الحزب زار المضربين في بودواو أو تحاور معهم، بل على العكس أصدر هؤلاء بيانات ينددون فيها بالأحزاب المعارضة التي زارت هؤلاء المضربينǃ وندد الأفالان بالاستغلال السياسي من طرف المعارضة لمحنة الأساتذة.ǃ ولسنا ندري لماذا لم تذهب قيادة الأفالان إلى هؤلاء لإقناعهم بأن حكومتها على حق فيما طرحته على الأساتذة من حلول؟ǃأما الأرندي فهو أيضا جد مشغول بموضوع عقد مؤتمر، ليس لوضع مشروع تجديد الحكم في الجزائر وعصرنة البلد.ǃ بل الهدف هو عصرنة طرق التحايل على مناضلي هذا الحزب من أجل إعادة انتخاب المنتخب سابقا كأمين عام لهذا الحزب، ويعتبر مناضلو هذا الحزب ما يقومون به عملا خليلا.ǃهكذا أصبحت أحزاب السلطة عالة على السلطة نفسها، فالإدارة الآن منشغلة بتزوير انتخاب أويحيى على رأس الأرندي أكثر مما هي مشغولة بموضوع سوء تسيير التعليم.ǃ لهذا تجد السلطة نفسها مضطرة للتعامل مع الأساتذة المضربين بالهراوات وليس بالسياسة والحوار.ǃ ولو كنت مديرا للأمن الوطني لاستعملت هراوات الشرطة ضد مناضلي الأحزاب الحاكمة عوض استخدامها لحماية حكومة هذه الأحزاب البائسة وليس الحاكمة؟ǃ[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات