سوريا بين صوت السلاح والمساعي الدبلوماسية

+ -

تبقى المسألة السورية بأبعادها السياسية والعسكرية تتأرجح بين حسم عسكري صعب المنال ومعادلة سياسية شائكة، حطت الرحال بمدينة جنيف السويسرية، في مسعى جديد لإيجاد حل توافقي لمعضلة تمتد لخمس سنوات، وتسببت في تدمير بلاد الشام وقدراتها إلى حد أضحت فيه إسرائيل تدرج ضمن حساباتها الاستراتيجية سيناريو تقسيم البلاد وترسيم احتلال الجولان. وصل وفد الحكومة السورية، أمس، إلى مدينة جنيف لمباشرة جولة مفاوضات تحت رعاية روسية أمريكية، في وقت لاحت في الأفق مؤشرات تغير مبدئي في موقف المعارضة السياسية، حيث أعلنت، أمس، الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل أهم أطيافها، استعدادها للمشاركة في هيئة حكم انتقالي مع أعضاء حاليين من حكومة الرئيس بشار الأسد، ولكن ليس الرئيس نفسه.وأشار المتحدث باسم الهيئة، سالم المسلط، في اليوم الثاني من المحادثات التي تجري بوساطة الأمم المتحدة في جنيف، “هناك العديد من الأشخاص على الجانب الآخر يمكننا التعامل معهم في واقع الأمر”، وهو ما يعكس بالتالي تخفيض المعارضة لسقف مطالبها التي أضحت تقتصر على رحيل الرئيس بشار الأسد ومحيطه المباشر فحسب، مع إمكانية إيجاد توافق سياسي مع النظام القائم، إذ يبدو أن تجارب العراق وليبيا، فضلا عن التحولات الميدانية العسكرية قد دفعت بالمعارضة إلى إعادة حساباتها، للوقوف في وسط الطريق بين تنظيمات سياسية تسعى إلى اجتثاث النظام من جذوره، وبين نظام سياسي يسعى إلى كسب الحرب ميدانيا قبل الخوض في مفاوضات سياسية يقدم فيها تنازلات، قد تشمل رأس النظام السياسي على المدى المنظور.علما أن منظمة الأمم المتحدة بمعية أهم الفاعلين الولايات المتحدة وروسيا، حيث أكدت أن هيئة الحكم الانتقالي سيكون لها سلطات تنفيذية كاملة، فيما اعتبرت المعارضة أن الهيئة ستدعو لعقد مؤتمر وطني يشكل بدوره لجنة دستورية.ويعد إعلان ممثلي المعارضة السورية أيضا خطوة في مسار ومفاوضات ينتظر أن يكون طويلا وشاقا، في وقت لا يزال فيه الخيار العسكري مطروحا على خلفية تحضير الجيش السوري بدعم جوي روسي وبالتنسيق مع قوى إيرانية وحزب الله، مباشرة أكبر عملية عسكرية لاستعادة ثاني المدن السورية حلب، ضد التنظيمات المسلحة لاسيما تنظيم داعش والنصرة، حيث بدأت القوات السورية، أمس الأول وأمس، في جس نبض الدفاعات الخاصة بالتنظيمات المسلحة، لاسيما داعش في خندرات، مع تكثيف الغارات الجوية بدعم من سلاح الجو الروسي، يحدث ذلك في وقت شهدت فيه منطقة الجولان المحتل زيارة مفاجئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واعترافاته أن سلاح الطيران قصف الأراضي السورية واللبنانية عشرات المرات، ووجه رسائل ضمنية مع اطلاعه على سير تدريبات قوات الاحتياط بجيش الاحتلال على طول المناطق الحدودية الشمالية، بأن سيناريو تقسيم سوريا قائم وأن إسرائيل تسعى إلى ترسيم احتلالها للجولان، وحسمت أمرها ولن تتنازل عن الجولان.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات