"إيران لا تسعى لأن تكون إمبراطوريةً بل بلدا إسلاميا نموذجيا"

+ -

 اعتمدت إيران استراتيجية تعرف بتسمية “إيران 2025”، أعدتها هيئة تشخيص النظام برئاسة رفسنجاني. إلى أي مدى تتطابق مع السياسة الإيرانية الإقليمية والدولية؟ وما هي معالمها؟ خطة إيران 2025 ترسم خطوط التنمية الثقافية والسياسة والعلمية التكنولوجية على المستوى العالمي. تتحدث الخطة عن مؤشرات النمو في جميع المستويات بعد مرور هذه السنوات. اقتصاديا تُفرض الخطة على الحكومة الإيرانية لتنمي الإنتاج المحلي وقدرات التصدير الاقتصادي، إلى أن يكون الاقتصاد الإيراني في المنطقة في الصدارة. هي تتحدث عن أرقام معينة في مجمل الحقول الاقتصادية من جميع زواياه. كذلك ترسم مخططاً إقليمياً فيما يخص الثقافة والعلاقات الثقافية مع الدول العربية والإسلامية في المنطقة. إن خطة إيران 2025 لا تتحدث بلغة الاستعلاء وإنما بلغة الحصانة والنمو الداخلي، إلى جانب تنمية العلاقات الاستراتيجية مع الدول العربية والإسلامية، لأننا نعرف أن دولة لا تملك القدرة على أن تنمي طاقاتها دون الانفتاح على الدول المتقاربة، ودون إنشاء علاقات طبيعية مع التكتلات الاقتصادية والسياسية الاستراتيجية مع العالم الخارجي.الرؤية الاستشرافية المستقبلية في خطة إيران 2025 من أهم العناصر الحاسمة في مجمل الخطط التنموية الخمسية. اقتنعت السلطات والقيادات الإيرانية بأن البلاد التي لا تملك الرؤية المستقبلية ومخططات بعيدة المدى لن تستطيع أن تطور نفسها وسط الأحداث المفاجئة والانشغال بها.هناك دول في المنطقة متقدمة على إيران في بعض المؤشرات الاقتصادية، مثل الصناعة التركية التي تفوق القدرات الاقتصادية الإيرانية في بعض الزوايا. إن الخطة ترسم معالم وخارطة نمو اقتصادي يوفر لإيران فرصة التقدم على تركيا في بعض المحاور الاقتصاديةمن المعروف أن إيران منذ أن انتصرت ثورتها بقيادة الإمام الخميني تواجه أزمات عالمية وإقليمية، وأن هناك تحالفات إقليمية وعالمية لضربها والحيلولة دون استقرارها، ناهيك عن إنمائها الواسع. ومن الواضح أن التخطيط الاستراتيجي البعيد المدى، وسط هذه التحولات والتطورات الأمنية وغير الأمنية والعقوبات الواسعة والحصار الخانق، يشبه المعجزة، لأن البلاد المستهدفة والمهددة التي تواجه أعداء شرسين في جميع المجالات الثقافية والسياسية والعسكرية، ومن الصعب أن تنجح في برامجها التطويرية التنموية. غير أن تطورات كبيرة قد وقعت رغم كل هذه الحرب العالمية على إيران، ما أقنع الدولة الإيرانية بأن استمرار هذه التنمية ممكن بنموذج إداري واستراتيجي معين. وهذا ما انعكس على الخطة أيضاً. ولعل الاتفاق النووي مع القوى العالمية من شأنه أن يخفف العقوبات والحصار والضغوط الدولية، ولعله يساعد على تحقيق المزيد من أهداف هذه الخطة الاستراتيجية.هذه الخطة لا تريد تحويل إيران إلى إمبراطورية، وإنما إلى بلد إسلامي نموذجي يثبت أقدامها وأوضاعها ويطور ثقافتها واقتصادها وسياستها، رغم التحديات العالمية ضدها من المنطقة والغرب. إن العقلية الاستراتيجية الإيرانية لا تأمل سلطة على أحد أو هيمنة على أحد، ولكنها لا تقبل أيضا أن تضعف أمام العدو الخارجي أو العملاء في المنطقة في تسهيل مخططات إسرائيل للقضاء على التجربة الإسلامية الإيرانية.كيف تنظرون إلى التقارب الإيراني الروسي؟ وهل يمكن أن يتوسع إلى حد تشكيل محور في ظل الأزمات القائمة وبروز مخاطر تنظيم “داعش”؟ العلاقة الإيرانية الروسية اليوم استراتيجية. هذا أمر لا شك فيه. غير أن الحقيقة المرة هي أن المكان الصحيح في التحالف الاستراتيجي الإيراني ليس مع روسيا بقدر ما هو مع الدول الإسلامية. في الواقع تمتنت العلاقة الإيرانية الروسية وقويت في ظل التهديد الأمريكي لمصالح إيران في المنطقة، وكذلك السياسات الرخوة والضعيفة لبعض الدول العربية في المنطقة، والتي قبلت بهيمنة السياسة الأميركية على أدبياتها ومخططاتها.إن الاتحاد السوفيتي كان عدواً تقليدياً للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الثورة، وكانت في صدام تماما كغريمها الأميركي، ولكن ظروفاً جديدة طرأت على معادلات المنطقة الاستراتيجية وخلخلة خطيرة في علاقات إيران مع بعض الدول العربية كمصر والسعودية أبعدتها عنها وقربتها إلى روسيا.من جهة ثانية علينا الالتفات إلى أن التواجد الروسي في سوريا أتى في سياق التحالف الاستراتيجي الروسي السوري التقليدي، ولا يمكن اعتبار الدور الروسي في سوريا ضمن التحالف الإيراني الروسي، وإنما ضمن علاقتهما هما بعضهما ببعض، وشعور روسيا بأن سوريا لو خرج من المنظومة الروسية نهائيا فإنها قد تخسر كل شيء في الشرق الأوسط.قرارات الأمم المتحدة ضرب العقوبات الهمجية غير الأخلاقية وغير العادلة على إيران كان بمشاركة القرار الروسي في مجلس الأمن، ما يقنعنا بأن السياسة الروسية لم تكن يوما ما متطابقة أو متحالفة مع إيران، ولكن ظروفا طارئة في المنطقة وتعرضها لأبشع العمليات الإرهابية غيرت المعادلات إلى إشعار ثان.لو كانت العلاقات الروسية الإيرانية استراتيجيةً بالمعنى الصادق للكلمة لما يستغرق تسليم صواريخ أرض جو من نوع “أس 300” كل هذا الوقت، ولكن لاحظنا أن روسيا تمشت في سياساتها مع الإرادة الغربية، غير أن الغرب استمر في حصار روسيا وضرب العقوبات عليها، وسعت السعودية لتوجيه رصاص الرحمة على الاقتصاد الروسي من خلال ترخيص النفط إلى ما هو أرخص من الماء، ومن ثم قضايا أخرى كثيرة سببت التقارب الإيراني الروسي. ونحن اليوم نستطيع القول إن روسيا وإيران مقتنعتان تماماً بأن نوعاً من التحالف الاستراتيجي بينهما بات أمراً ملحاً وسط كل هذه التهديدات التي صوبت نحوهما.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات