إيران تجني أولى"بركات" الاتفاق النووي

+ -

تشكل الزيارة التي قام بها الرئيس الإيطالي ماتيو رينزي لإيران مؤشرا جديدا للاختراق السياسي الذي حققته الدبلوماسية الإيرانية منذ افتكاك الاتفاق النووي مع البلدان الغربية نهاية 2015، ثم الجولة “الناجحة” للرئيس حسن روحاني، خاصة لإيطاليا وفرنسا، والتي عكست رغبة إيرانية في ضمان استثمار مكاسبها في الملف النووي لفائدة الجبهة الداخلية السياسية والاقتصادية. سمحت نتائج الانتخابات الإيرانية العامة، وحصول الإصلاحيين على صك من قبل الناخبين الإيرانيين، بتحقيق نوع من الشرعية السياسية للرئيس روحاني في توجهاته السياسية الخارجية، حيث بدا واضحا أن إيران ماضية في تجسيد استراتيجية تموقع في النظام الإقليمي الفرعي الشرق أوسطي، من خلال:-تدعيم قدرات إيران الاقتصادية، والعودة إلى السوق النفطية والغازية بقوة، وإعادة هيكلة اقتصادها المنهك من جراء سنوات الحصار.-دعم موقع إيران في أهم الملفات المطروحة، سواء من خلال تسوية الخلافات مع طهران أو تشجيع تسويات سياسية في اليمن، والإبقاء على دور مؤثر ومحوري في سوريا عبر التقارب الإيراني الروسي، وهو ما تجلى من خلال تحقيق صفقة منظومة الصواريخ “أس 300”، وتجديد الأسطول الجوي الإيراني بطائرات سوخوي وميغ.-تفعيل الدبلوماسية وتخفيف اللهجة تجاه الخصوم التقليديين، ومحاولة الحد من التوتر القائم مع السعودية.-التركيز على محاربة الإرهاب والانخراط في السياسات المعتمدة في سوريا من قبل روسيا، سواء من حيث الحوار السياسي أو الحسم العسكري ضد “داعش”، رغم الانطباع السائد بأن الانخراط الروسي العسكري المباشر في سوريا في سبتمبر 2015 حوَّل شكل الصراع من صراع أطرافه وأدواته الأساسية إقليمية (إيران وتركيا والسعودية وقطر)، إلى صراع مباشر بين إرادات دولية (روسيا والولايات المتحدة وأوروبا)، الأمر الذي خصم من رصيد وأوراق اللاعبين الإقليميين، ومنهم إيران.وعلى ضوء هذه التوجهات، فإن زيارة الرئيس الإيطالي تشكل نقطة هامة ودعما سياسيا ودبلوماسيا لإيران، فإيطاليا من بين الدول التي لم تقطع علاقاتها مع إيران وواصلت نشاطاتها، بما في ذلك في قطاع المحروقات، في وقت فرضت العديد من البلدان عقوبات قاسية على إيران بإيعاز من “الشيطان الأكبر” الولايات المتحدة أو بقرار من الاتحاد الأوروبي، وتمثل إيطاليا أحد الشركاء المهمين، وهي تشكل بوَّابة لإيران في أوروبا، وهو ما يفسر حجم الاتفاقيات والعقود الكبيرة التي وقعت في ظرف زمني قصير، لاسيما خلال زيارة حسن روحاني لروما التي توجت باتفاقيات بلغت قيمتها الإجمالية 21 مليار دولار، وإبرام 36 اتفاقا ومذكرة تفاهم.وتسوّق إيران وجهتها كأهم سوق في المنطقة، بتعداد سكاني يقارب 75 مليون نسمة، وقدرات طاقوية كبيرة من بترول وغاز، وهو ما يشكل منفذا هاما لبلدان أوروبية، كما سجل خلال زيارة روحاني أيضا لفرنسا والتوقيع على أكبر الاتفاقيات لفائدة شركة “إيرباص”، ويفتح ذلك شرخا في حائط العقوبات والعزلة التي كانت مفروضة على طهران ويعيد تأهيلها إقليميا ودوليا.ووجهت إيران من خلال الاتفاقيات الموقعة رسالةً مفادها أنها لا تنسى من وقَف بجانبها في أيام المحنة والأزمة، وأن طهران تمثل لاعبا رئيسيا لا يمكن تجاوزه في المنطقة. ويتيح رفعُ الحظر المصرفي واسترجاع جزء من الرساميل لإيران بأن تتمتع بهوامش حركة، في فترة تعيش العديد من البلدان الأوروبية أزمة حادة مسَّت حتى المجموعات النفطية والغازية التي استفاد بعضها من عقود مغرية في إيران، مثل “سايبام” فرع “إيني”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات