طيف محمد نجيب يخيم على يوميات عائلة غنيم في بلعباس

38serv

+ -

بدت مدينة بن باديس الواقعة على بعد 40 كم غربي عاصمة الولاية سيدي بلعباس، أمس، وكأنها لم تستيقظ بعد من هول الفاجعة التي ألمّت بعائلتي شعيبي وغنيم، في أعقاب مقتل ابنيهما ميلود ومحمد نجيب، بنفس الأسلوب تقريبا على يد خاطفيهما، وخلال ظرف زمني لم يتعد الثلاثة أشهر.“الخبر” زارت المدينة الحزينة بعد 36 يوما من حدوث المأساة.دخلنا مدينة بن باديس، في حدود منتصف نهار، يوم أمس، فبدت جدرانها وأركانها تحتفظ بجملة من الأسرار، بخصوص جريمة القتل الثانية التي راح ضحيتها الطفل غنيم محمد نجيب ذو الثماني سنوات، قصدنا المقر السكني الخاص بأهل  الضحية، أين استقبلنا الأب جيلالي وعيناه مليئتان بالحسرة والألم الممزوجة بالدموع.“طيف ولدي لا زال بيننا”وبمجرد اطلاعه على هويتنا، راح الأب جيلالي يتحدث إلينا عن صعوبة ما تعيشه العائلة وكل أفرادها وحتى الجيران والأحباب منذ تاريخ الـ06 مارس، يوم اكتشاف جثة محمد نجيب وسط أغصان شجرة بحقول “بايار” على مستوى الطريق المؤدي إلى قرية “صفصاف”. مضيفا “طيف ابني البكر لا زال وسط أركان المنزل، كيف لنا أن ننساه” قبل أن تحمر وجنتاه واغرورقت عيناه بالدموع لبرهة من الزمن ليقرر مواصلة الكلام قائلا: “صراحة يصعب تصديق ما حدث لابني، لقد كان بمثابة الابن والأخ لكل أفراد العائلة”. فجده لا زال يتذكر آخر اللحظات التي قضاها معه، كما كان الفقيد مدلل جدته التي لا زالت الدموع تسيطر على يومياتها، فما بالك بأمه التي تحولت حياتها إلى جحيم..”.جيلالي استطرد قائلا: “سبق ونظّمنا اعتصاما بوسط المدينة لنطالب بالقصاص، وها نحن اليوم نجدد مطلبنا الرامي إلى إظهار الحقيقة أمام العلن، لأنه لن يهدأ لنا بال حتى نتعرف على كل الفاعلين”.“لا تراودني شكوك تجاه أي شخص”وحول تصريحات رئيس فصيلة الأبحاث للمجموعة الإقليمية للدرك الوطني بسيدي بلعباس خلال الندوة الصحفية الأخيرة، الذي كشف عن أدلة تؤكد مشاركة أكثر من شخص في الجريمة، قال محدثنا “كل ما يهمني هو كشف الحقائق وجميع المتورطين في مقتل ابني، وهنا أؤكد بأنه لا تراودني أية شكوك بخصوص أشخاص معينين، لأن بعض الظن إثم، وما على المحققين سوى العمل على إظهار الحقيقة للرأي العام حتى تنجلي الضبابية التي خيمت على الطريقة التي رحل بها “حمودة” (الاسم المستعار للضحية) إلى العالم الآخر.“الشقيق عبد الرحيم مصدوم”وتتكون عائلة غنيم الصغيرة من الوالدين، إضافة إلى الابنين عبد الرؤوف ذي الثمانية أشهر وعبد الرحيم البالغ من العمر 6 سنوات، وهو ما جعل الأب جيلالي يتوقف عند وضعية هذا الأخير قائلا: “كان المرحوم بمثابة الرفيق والأخ بالنسبة لعبد الرحيم، الذي ما زال مصدوما من هول الفاجعة، مع أن ذلك لم يمنعه منذ الأسبوع الأول من شهر مارس من مواصلة التساؤل عند موعد عودة نجيب إلى المنزل بعد أن عملنا على إيهامه بتواجده عند الأقارب”. جيلالي يواصل سرد الوجه الآخر من المعاناة وهو يقول: “اتصلت بنا إحدى الطبيبات النفسانيات لتؤكد لنا بعد سماعها بحالة عبد الرحيم، ضرورة إخضاعه للعلاج الدوري حتى يتسنى له التخلص من كل آثار الصدمة لاحقا، خاصة وأن الفقيد وشقيقه كانا لا يفترقان”.“رعب وسط تلاميذ بن باديسويعترف والد الضحية، بأنه قد بات في حكم المحرّمات مغادرة ابنه عبد الرحيم للمنزل العائلي للعب مع أقرانه، مع أن الاعترافات التي استقتها “الخبر” من الشارع المحلي، كانت قد أكدت افتقاد غالبية الأطفال من فئة المتمدرسين، بمن فيهم أولئك الذين يدرسون بمدرسة “حمداوي بن أعمر” التي كان يتردد عليها المرحوم، الاستمتاع بالعطلة المدرسية الأخيرة، وذلك مخافة من أهاليهم ملاقاة نفس مصير كل من ميلود شعيبي ومحمد نجيب غنيم اللذين غدر بهما وبطريقة بشعة بعيدا عن الأعين. “التواصل مع أجهزة الأمن انقطع”❊ أشار والد الضحية نجيب خلال سرده معطيات ما بعد الفاجعة، بأن التواصل مع محققي أجهزة الأمن انقطع بعد فترة وجيزة من مراسيم جنازة ابنه، مؤكدا أنه تنقّل عدة مرات إلى  مقر محكمة بن باديس، أملا في لقاء قاضي التحقيق والظفر ببعض المستجدات “إلا أن ذلك بدا مستحيلا، في ظل التكتم التام الذي يحيط بالقضية التي تحولت لدى عائلتي إلى لغز محير، مع أنني أتفهّم الأمر بحكم الظروف التي عادة ما تحيط بسير التحقيق في مثل هذه القضايا” ختم محدثنا قوله.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات