+ -

يسدل الستار خلال أيام، على تظاهرة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، وبعد سنة كاملة من الحراك الثقافي، لا تزال محل تقييم من طرف المثقفين والمشرفين عليها من مختلف القطاعات، بين فشلها ونجاحها، وتأخر إنجاز الهياكل وفوز قسنطينة بمجموعة من المنشآت الثقافية الجديدة حوّلتها إلى قطب ثقافي، تقف “الخبر” عند رأي المواطن والمثقف والمسؤولعلى السواء، لتخرج بنظرة قد تسمح بتقييم التظاهرة عن قرب، فأهل مكة أدرى بشعابها. الشارع القسنطيني يتحدث لـ”الخبر”حضرت النخبة وغاب المواطن قصد”الخبر” عددا من مواطني قسنطينة، خاصة بالمدينة القديمة التي احتضنت جميع الفعاليات وتعد قلب قسنطينة النابض، فمنهم من أبدى جهله تماما بما وقع في مدينته، فيما اكتفى البعض بكلمة ناجحة أو فاشلة دون إضافة أخرى، والبعض قال إنها لا تعنيه، إلا أن الاستنتاج الذي خلصت إليه هذه الجولة، هو أن الشارع لم ير ثقافة عربية في المدينة وتقوقعت في فضاءات ثقافية موجهة للنخبة فقط، إلا أن هذا –حسبهم- لا يعني أن التظاهرة لم تقدم شيئا لعاصمة الشرق.التقشف أفسد العرسيرى “فاتح .خ” شاب جامعي كان على قدر كبير من الوعي وعلى دراية بخفايا المدينة وجدناه بالقرب من ديوان الوالي، قال إن هذه الأخيرة حركت جزءا بسيطا من الفعل الثقافي في المدينة، لكنها بالمقابل غطت نشاطات الجمعيات والمفكرين والمثقفين المحليين، حيث أن النشاطات الانتقائية أقصت الكثير من الأسماء الثقيلة واعتمدت الكم على حساب النوع، فلا مثقفو الخط العربي أو التاريخ العربي-على حد قوله- أو حتى مظاهر العربية في المدينة أميط اللثام عنها وحظيت بالعناية والتركيز، في شاكلة “زنقة العرب” الحقيقية في قسنطينة وهي السويقة وهنا بدا متأثرا على حال المدينة، ثم عاد ليتحدث عن ما أسماه مؤسس الحرف العربي إن صح التعبير في المدينة، وهو ابن باديس الذي قال إن مآثره وميراثه لم تحظى بالعناية اللازمة. واستخلص في الأخير، أن التظاهرة لم تشارك في حراك ثقافي عربي صحيح مع المواطن، بل أقصته بشكل تام، وفي وجه مستغرب قال إنه لم يشارك  في أي نشاط أو حتى زيارة قاعة “أحمد باي” لبعدها وسوء التوقيت.وفي مواصلة لجس النبض لدى المواطن، التقينا بفيصل من سكان عين امليلة ويرتاد قسنطينة كثيرا، قال إنه متابع لما يحدث في قسنطينة بدرجة كبيرة، وله صداقات كثيرة بها، اعتبر أن نهاية التظاهرة تزامنت مع الحالة الاقتصادية الصعبة وحالة التقشف، مما جعل منها حالة نقد سلبي أكثر منها حالة تتبع، كما يرى أن البرنامج الثقافي غير مدروس من عدة نواحي، سواء في الترتيب أو في الإعلام، فمن المفروض أن يكون البرنامج الثقافي يتناسب مع ما يراه الجمهور، لكن ما لوحظ،  يضيف أنه اقتصر على استثناءات وغطى ما يحتاجه النخبوي رغم أن التظاهرة موجهة للجمهور بشكل عام، وأوضح أنه لم يشهر بشكل جيد للبرنامج، حيث من المفروض أن تظاهرة عربية ببعد إقليمي يكون لها صدى إعلامي أكبر مما هي عليه، حيث لم تتم مشاهدة القائمين على التظاهرة يقدمون ويشهرون لها على مستوى الفضاءات الإعلامية العربية، وهو ما اعتبره فشلا إعلاميا، كما أن المشاريع لم تكتمل رغم الأموال الممنوحة للتظاهرة وتعاقب ثلاثة وزراء عليها، فلم يكن البرنامج مستقر، حيث تم التركيز أكثر على الحفلات الفنية واستقدام المطربين، ولا معنى هذا تحت مسمى عاصمة الثقافة العربية، وقال “لكن لا يمكن أن نخفي الجانب الآخر ماذا قدمت من إيجابيات في تحريك الحياة الثقافية والاقتصادية”.قسنطينة وكيف الوصول إلى عرسك؟مباشرة وعلى مسافة مشي على مستوى جسر سيدي راشد، الذي سقطت حجارته مؤخرا وأصبح لا يسع كل القسنطينيين، التقينا بـ “وسيلة. ز” تعمل في إطار عقود ما قبل التشغيل في إحدى دور الشباب بالقرب من محطة نقل المسافرين بباب القنطرة عند نهاية الجسر، قادمة من بلدية زيغود يوسف الحدودية مع ولاية سكيكدة، والتي أخذت وقتا قبل أن تجيب عن سؤالنا، حيث  ذكرت أن عاصمة الثقافة العربية لم تكن حدثا مميزا ولم تحوي برنامجا مكثفا، باعتبار أن الكثير من المحاور والفعاليات كانت تقام كل سنة بعاصمة الشرق، والفرق الوحيد أنها أدرجت في إطار التظاهرة، سواء تعلق بالأسابيع الثقافية أو المهرجانات الشعرية والغنائية أو غيرها، فيما قالت أثناء العودة معنا إلى وسط المدينة، أنها تتابع عبر إذاعة قسنطينة وهي في مكتبها، نشاطات المسرح وكذا الطبع والنشر والتي كانت من أبرز المحطات كفعل ثقافي. كما نبهت وفي لحظة توقف بالقرب من باب الجابية بمدخل السويقة، أن حصر أغلب الفعاليات في مناطق معينة جعل الجمهور المستهدف أقل بكثير من الممكن، وتقول أنا أتحدث عن نفسي، أقطن ببلدية زيغود يوسف وللوصول إلى قاعة العروض الكبرى يلزمني على الأقل 4 وسائل عبر 4 خطوط للوصول إليها. علما أنها كلها في الفترة الليلية، لتواصل أن النقل يعتبر من أعقد المشاكل بقسنطينة التي يصعب فيها التنقل من بلديات الضواحي لوسط المدينة لحضور المسرحيات، دون الحديث عن قاعة أحمد باي البعيدة التي كانت مركزا لجميع الفعاليات التي تستهوي الجمهور بصفة عامة، وبحب وقبل أن تفارقنا قالت “قسنطينة كسبت عدة منشآت بمناسبة عاصمة الثقافة العربية، على غرار دار وقصر الثقافة يمكن أن تعيد للمنطقة إشعاعها الثقافي في حال استغلالها كما يجب .قاعة “أحمد باي” الإنجاز المميز للمدينةوبين مدخل السويقة وقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة بوسط المدينة، بقليل من الأمتار، صادفنا “علي.ح” أربعيني، تاجر من سكان الحي الشعبي”عوينة الفول”، وقد طلبنا أن يحدّثنا عن رأيه حول المنشآت الثقافية على غرار قصر الثقافة، فأجاب أنه سعيد جدا بقاعة “أحمد باي” التي وصفها بأهم المنشآت التي استفادت منها قسنطينة في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، لأنها ولأول مرة في تاريخها تكتسب قاعة كبيرة من هذا الحجم، علاوة على موقعها الرائع المتواجد بعيدا عن ضجيج المدينة الذي تعود عليه، كما أبدى إعجابه بفندق “ماريوت” الذي زاره لمرة واحدة، وقال إنه سيسمح لعاصمة الشرق باستقبال الوفود الفنية والرياضية والثقافية وبشكل يسمح لقسنطينة، باحتضان تظاهرات كبيرة في مختلف المجالات، خاصة وأنه من مناصري شباب قسنطينة ويحلم أن تصبح عالمية ويمكن لأي فريق أن تستضيفه دون عقدة نقص هياكل الاستقبال، كما قال إنه سعيد بالوجه الجديد الذي أعطي لمقر مديرية الثقافة وقاعة محمد العيد آل خليفة، حيث منح ذلك وجها آخر جميلا لوسط مدينة قسنطينة التي يعشقها خاصة في الليل بعد أن تصبح خالية من المارة.أما “راضية. ب” التي تعمل في مؤسسة خاصة بوسط المدينة، قالت “إن التظاهرة كانت ستكون حدثا كبيرا لو استغلت بدرجة جيدة، مضيفة أن برنامج المنشآت والمضامين انطلق متأخرا وغير منتظم إلى حد كبير، إلى جانب لاتوازن توزيع النشاط، حيث أن مراكز تعرف نشاطا كبيرا وأخرى خاوية على عروشها وفارغة من البرنامج الثقافي، حيث أوضحت أن 60 بالمائة من البرنامج أخذ الطابع الموسيقي الفني بإغفال الفكري والأدبي منها.     

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات