+ -

ما نصيحتكم لشخص عصى والديه وهجرهما منذ مدّة؟ إنّه ممّا لا يخفى على أحد ما يتحمّله الوالدان من مشقّة وعناء في سبيل سعادة أولادهما، والسهر على مصالحهم، وإنّه ممّا يجب أن يُعلَم أنّه مهما قدّم المرء لوالديه من ضروب البّرّ والإحسان فإنّه يبقى عاجزًا عن أن يوفيهما حقّهما أو أن يرد إليهما جميلهما، قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الإسراء:23، ومن أنواع الإحسان إليهما التزام الأدب معهما لعظيم فضلهما ولخطورة منزلتهما عند الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، مَن أحقُّ النّاس بحسن صحبتي؟ قال: “أمُّك”، قال: ثمّ مَن؟ قال: “أمُّك”، قال: ثمّ مَن؟ قال: “أمُّك”، قال: ثمّ مَن؟ قال: “أبوك” أخرجه البخاري ومسلم.ولنقرأ ولنتدبّر ولنتعظ بقوله صلّى الله عليه وسلّم: “رغم أنف ثمّ رغم أنف ثمّ رغم أنف مَن أدرَك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلَم يدخل الجنّة” رواه مسلم.فينبغي على المسلم أن يحسن إلى أبويه بكلّ قول أو فعل تحصل به محبّتهما ورضاهما وسرورهما، قال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الإسراء:23، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا يجزي ولد والدًا إلاّ أن يجده مملوكًا فيشتريه ويعتقه” رواه مسلم.وتجب طاعتهما في كلّ أمر يأمران به أو ينهيان عنه في غير معصية الله، ويحرم عقوقهما ونهرهما والتضجّر منهما، قال تعالى: {إِمّا يَبْلُغَنّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرّحْمَةِ وَقُلْ رَبّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبّيَانِي صَغِيرًا} الإسراء:23-24، وإنّ من البّرّ بالوالدين أن لا تدعوهما باسمهما وأن لا ترفع صوتك عليهما، رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه رأى رجلاً مع آخر فقال: مَن هذا الّذي معك؟ قال: أبي، قال: فلا تمش أمامه ولا تجلس قَبلَه ولا تدعه باسمه ولا تستبّ له. وأن لا تنظر إليهما وأنت عابس الوجه فيهما، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما برَّ أباه من شدّ إليه الطرف بالغضب. وفي بعض الآثار “لم يتل القرآن مَن لم يعمل به، ولم يبرّ والديه من أحدَّ النّظر إليهما في حال العقوق”.هذا، وإنّ برّ الوالدين لا ينقطع بموتهما بل يستمر بعد موتهما، فعن مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: “بينما نحن جلوس عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من برّ أبرّهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصّلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم الّتي لا توصل إلاّ بهما وإكرام صديقهما”، رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وغيرهم وهو حديث ضعيف.فننصح هذا الشخص بالتوبة الصادقة والرجوع إلى أبويه قبل موتهما أو موت أحدهما وهما غاضبان عليه فيخسر الدّنيا والآخرة والعياذ بالله.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات