عالم افتراضي يعيد رسم البسمة المفقودة

+ -

نجحت شبكات التواصل الاجتماعي فيما فشل فيه العديد من رواد المجتمع المدني والجمعيات التي تحظى بالاعتماد القانوني والتمويل، وتحول هذا الفضاء “الأزرق” إلى ما يشبه “النافذة” لكل من فقد الأمل من مرضى عجزت المستشفيات عن تخفيف آلامهم، وإرجاع البسمة لهم، بعد أن أوصدت جميع الأبواب في وجوههم.من الشاب عدلان كانت البداية، فبعد أن فقد الأمل في الوقوف مرة أخرى على قدميه إثر الخطأ الطبي الذي تعرض له في أحد المستشفيات العمومية، لم يجد سوى بوابة “الفايسبوك” الذي كان السبب الأول والرئيسي في التعريف بحالته الحرجة.. من هنا كانت بداية حملة تضامنية واسعة على شبكة التواصل الاجتماعي، فروج لحالته الصحية وفتح الباب على تهافت المتبرعين من الشخصيات المعروفة والفنانين، والمواطنين العاديين من فاعلي الخير.. حملة تضامن حوّلت مسكنه الهادئ بمنطقة الصومعة بولاية البليدة إلى خلية نحل حقيقية، لا تكاد تنقطع عنها قوافل المتبرعين ممن لبوا نداء الاستغاثة لتحقيق هدف واحد كان جمع مبلغ 4 ملايير سنيتم، حتى يتمكن الشاب عدلان من العلاج بإحدى المصحات المختصة في فرنسا.بعد “دمقرطة” الإنترنت، لاسيما بعد إطلاق متعاملي الهاتف النقال لخدمات الجيل الثالث، في انتظار طرح الجيل الرابع قريبا، تحول الفضاء الأزرق إلى أسرع وسيلة لنقل المعلومة الجوارية، فاقت الصحافة المكتوبة والسمعي البصري على السواء، هاتان الوسيلتان اللتان ظلتا طويلا أنجع الطرق في الحملات التضامنية، من منطلق أن شبكة التواصل الاجتماعي هذه تعد همزة وصل متاحة للكل، بما في ذلك فاعلي الخير من خارج الوطن، دون وساطة تضمن وصول التبرعات إلى مستحقيها مباشرة، وبفضل نقل المعلومة صوتا وصورة بمجرد نقرة على فأرة الكمبيوتر، أو على الهاتف النقال الذكي، يصل النداء للكبير والصغير، للمواطن وللمسؤول في نفس الوقت.لله يا محسنينبعد تجربة “عدلان”، تتالت نداءات النجدة والاستغاثة على صفحات “الفايسبوك” التي تحولت إلى واجهة لجمعيات خيرية افتراضية عممت العمل الخيري والتضامني، لاسيما بالنسبة لدعاوى التضامن مع المصابين بالأمراض النادرة، كما هو الشأن بالنسبة لأحلام، وهي طالبة جامعية تعاني من مرض نادر يصيب العضلات ويضعف الجسم كله، ويزداد مع التقدم في العمر. ويتذكر رواد العالم الأزرق أيضا الحملة التضامنية الوطنية التي اختار لها أصحابها عنوان “كلنا سعيد”، سعيد الذي كان بحاجة لإجراء عملية جراحية لزراعة كبد، وزراعة كلية في الخارج.وحظيت شريحة الأطفال بالاهتمام الأكبر في حملات التضامن والعمل الخيري، وحملت شعار “إنقاذ البراءة”، على غرار “كلنا ياسر”، “كلنا أمين”، وغيرها من الحالات الأخرى لم يكن ليسمع بها أحد أو يساهم في إعانتها لولا صفحات “الفايسبوك”.وعلى الرغم من أنّ هذا العالم الافتراضي أضحى بلا منازع قبلة لكل من أشاح وجه الأمل ظهره عنهم، وكل من دفعتهم المعاناة والآلام لنشر صورة تسري بسرعة النار في الهشيم، لا لتحرق ولكن لتدفئ بدفء قلوب الجزائريين المحبين للتضامن، فإنّ التحلي بالحذر والحيطة في التعامل مع الإعلانات المنشورة على جدران “الفايسبوك” بات ضرورة، في ظل تفنن المحتالين والمتربصين في كسب سريع تحت غطاء العمل الخيري والتضامني.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات