العقيد محمدي السعيد اعترف بمساندة مولود فرعون للثورة

+ -

كشف الباحث الفرنسي، جوزي لينزيني، أن العقيد محمدي السعيد (المدعو سي ناصر) استقبل عائلة الراحل مولود فرعون في مكتبه بوزارة التربية الوطنية والصحة العمومية في ديسمبر 1962، وأمضى أمامهم على وثيقة “اعتراف بمشاركة الروائي مولود فرعون في حرب التحرير منذ بداياتها الأولى”. ذكر جوزي لينزيني أن يوميات مولود فرعون خلال حرب التحرير، ابتداء من سنة 1955، تمحورت أساسا حول مساندة الثورة، وبالأخص عقب لقاءاته المتكررة مع قائد الولاية الثالثة حينها العقيد محمدي السعيد. وجاء في كتاب “لينزيني” الصادر حديثا عن منشورات “القصبة” بعنوان “مولود فرعون.. كاتب ملتزم”، أن قائد الولاية الثالثة اتصل بمولود فرعون عبر مجاهد شاب يدعى سالم، والتقى به مرات عديدة في مركز قيادته بالجبل.وورد في الكتاب أن اللقاء جرى على مرتين، الأولى مع بداية الثورة لما كان كريم بلقاسم قائدا للمنطقة الثالثة، والثانية عقب مؤتمر الصومام في نهاية سنة 1956. وكان مولود فرعون قد كتب في يومياته يوم 9 سبتمبر 1956، التي نشرت عقب رحيله في مارس 1965، بخصوص علاقته بالمجاهدين، أنه غامر صوب الجبل، وبه حرقة البقاء وسط المجاهدين، للتعرّف عليهم أكثر والسعي لرفع كل شك بشأنهم.ويعتقد “لينزيني” أن فرعون كان يؤمن بأن الكاتب الذي يبقى في وضع “الشاهد السلبي، قد يتحول إلى إنسان متواطئ”. وهذا ما كان يرفضه فرعون الذي أبدى التزاما صريحا بقضية التحرر من الاستعمار، منذ أن نشر روايته الأولى “نجل الفقير”.بدأ فرعون كتابة يومياته في نوفمبر 1955 أي سنة بعد اندلاع الثورة، وتوقف عن الكتابة في جويلية 1959 بسبب ظروف الحرب، ليعود إليها مجدداً في جانفي 1960. وتقدم لنا اليوميات إيضاحات بشأن فكر فرعون وعلاقته بحرب التحرير. فكتب في أوت 1961 أن فرنسا لم تترك للجزائريين أي خيار غير العنف الثوري، واعتبر أن الاستعمار يعد ظاهرة سلبية، وروايته الأخيرة “مدينة الورود” التي ظلت غير منشورة إلى غاية سنة 2007 تقضي على كل الشكوك التي قد تحوم حول فرعون وعلاقته بالثورة الجزائرية، فقد قال كل شيء بصراحة ومن دون لف ولا دوران ودفع الثمن غالياً، إذ اغتالته منظمة الجيش السري قبل ثلاثة أيام من وقف إطلاق النار بين الجيش الفرنسي وجبهة التحرير الوطني. وتعد الرواية طفرة مغايرة في إبداع فرعون، حيث أدرك نهائياً أن فرنسا الجمهورية التي اعتنق مبادئها وقيمها لا يمكن أن تستجيب لتطلعاته، وهذا ما دفعه إلى الاقتراب من جبهة التحرير الوطني، كما ورد في كتاب “لينزيني”. وذكر المؤلف أن النقد الموجه لمولود فرعون بخصوص عدم اتخاذه موقفا صريحا من الثورة، يرجع إلى تأخر نشر “يومياته” التي يعثر فيها القارئ على التزام واضح بقضية الاستقلال. فاليوميات، حسب “لينزيني”، هي الكتاب الذي يرفع كل لُبس، ويُظهر المواقف الوطنية والثورية لفرعون التي بدأت سنة 1956، لما استجاب لنداء قادة الثورة، وانسحب من عضوية المجلس البلدي بقرية “تيزي هيبل”. وجاء في الكتاب أن فرعون كان متفهما لنضال جبهة التحرير الوطني، رغم أن بعض الكتاب الفرنسيين الذين لم يسايروا أطروحاته أرادوا استعماله لضرب الثورة، لكن بمجرد نشر “اليوميات” زالت كل الشكوك. وأوضح “لينزيني” أن مواقف فرعون من الثورة جعلته منبوذا وسط عائلته الفكرية والسياسية، ممثلة في الحزب الاشتراكي الفرنسي (آس. أف. اي. أو) الذي كان يستقطب المعلمين الجزائريين المتفرنسين، بدليل أن الاشتراكي “موريس ماشينو” كتب عام 1957 مقالا نقديا حول رواية “الدروب الصاعدة”، ووصف فرعون بـ«مزيف النقود”، فكان رد الروائي الجزائري صارما، وأحدث ما يشبه القطيعة مع أفكار اليسار التي ظلت على هامش التاريخ.ـ جوزي لينزيني “مولود فرعون.. كاتب ملتزم”، تقديم علي فرعون، منشورات “القصبة”، 370 صفحة، 2016.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات