"نريد أن نمنح زخما أكبر لشراكتنا في قطاعات السيارات والخدمات"

+ -

شدد عمدة مدينة ميلانو الإيطالية، جوليانو بيسابيا، في حوار خص به “الخبر”، على رغبة الطرف الإيطالي في منح زخم أكبر للشراكة القائمة بين روما والجزائر في عدد من المجالات الاقتصادية منها السيارات والخدمات، مشيرا إلى توقيع الجانبين بمدينة ميلانو في أكتوبر الماضي ميثاقا مع والي الجزائر العاصمة، عبد القادر زوخ، يقضي بتدعيم التعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي، معتبرا أن هنالك إرادة مشتركة لإقامة توأمة بين ميلانو والجزائر العاصمة.ستقومون بزيارة رسمية إلى الجزائر، ما الذي تنتظرونه بصورة ملموسة منها، لاسيما أنه تمت الإشارة مرارا لرغبة الطرفين الجزائري والإيطالي في تنمية “علاقة شراكة وتعاون” بين الجزائر العاصمة وميلانو؟ أؤمن جازما بـ”ديبلوماسية المدن”، ففي عالمنا الراهن نجد أن للمدن مناصرين بأعداد متزايدة وبارزة، وبالتالي فإنه من الأهمية أن نعمل كشبكات وأن نتبادل أفضل الممارسات لمواجهة الرهانات والقضايا المستعجلة المشتركة، بداية بالتغيرات المناخية إلى التسيير المركب للتجمعات الحضرية التي تتسع بصورة مستمرة، وهو ما ينتج عنه معرفة متبادلة بين المؤسسات والمواطنين ومع الثقافات والتقاليد والديانات المختلفة. فضلا عن ذلك، فإن الإبقاء على الحوار مفتوح باستمرار بين المدن، يساعد بالخصوص في فترات الأزمات التي تبرز بين الحكومات، وهي أزمات ليست للأسف طارئة، بل موجودة باستمرار في العالم اليوم، لهذه الأسباب قبلت تلبية دعوة السيد والي الجزائر العاصمة، عبد القادر زوخ، حينما قمنا شهر أكتوبر الماضي في مدينة ميلانو بالتوقيع على ميثاق يقضي بتدعيم التعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي بين مدننا، مع إيلاء أهمية خاصة للتنمية الحضرية المستدامة، ويتعلق الأمر بالاتفاق الذي نسعى إلى العمل على تجسيده معا من الآن. وفي اعتقادنا أنه في عهد الثورة التكنولوجية، فإن سرعة الحركة ورد الفعل يعتبر قيمة مضافة.هل يمكن أن نرى قريبا اتفاق توأمة بين ميلانو والجزائر العاصمة، خاصة أن اتفاقيات مماثلة تجمعكم بمدن في المنطقة مثل قرطاج ودكار؟ التوأمة موجودة وحاضرة في الإرادة المشتركة للطرفين على المستوى العملي، ولقد باشرنا في ذلك، فقد وقعت الجزائر العاصمة على غرار 120 مدينة أخرى تمثل أكثر من 500 مليون مواطن “ميثاق السياسة الغذائية الحضرية لميلانو”، وهو أول ميثاق من نوعه يوقع بين رؤساء بلديات أكبر المدن في العالم، لترسيخ الحق في التغذية السليمة والمياه للجميع، ومحاربة التبذير والتنمية المستدامة، وهو إرث هام لتظاهرة “ايكسبو 2015” التي شاركت فيها الجزائر بنجاح.تعد إيطاليا شريكا اقتصاديا أساسيا ومن بين أهم الشركاء التجاريين للجزائر، هل تمهد زيارتكم لتعاون أكبر بين عاصمة “لومبارديا” والجماعات المحلية الجزائرية في قطاعات السياحة والاستثمار في البنى التحتية والثقافة والرياضة؟   تحولت إيطاليا مجددا سنة 2015 إلى أهم شريك تجاري للجزائر، وتساهم ميلانو في ذلك، بأن المدينة ومنطقة “ميلانو” تمثل 10 في المائة من الناتج المحلي الخام، وعليه يمكن القول إننا حصدنا ما جنيناه، خاصة في إطار “ايكسبو 2015” على مستوى التنسيق بين المؤسسات، فميلانو بمثابة الجسر التقليدي بين شمال أوروبا والضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، والتي تنظر إليها بانفتاح وصداقة، واليوم نأمل في أن نمنح زخما أكبر لشراكتنا، لتكون أبعد من الشراكة التاريخية التي تربطنا في مجال المحروقات، في قطاعات الميكانيك، السيارات والسلع الوسيطة ونصف المصنعة والخدمات، وزيارتي هذه التي يرافقني فيها المستشار البلدي المكلف بالتعمير، وهو سابقا نائب عميد المدرسة متعددة التقنيات بميلانو، جامعة التعمير القديم التي تعد جامعة امتياز عالمية، تعبر عن إرادتنا ورغبتنا في الانتقال بسرعة إلى إعداد مشاريع في مجالات ذات الاهتمام المشترك منها قطاعات الخدمات والبنى التحتية والاقتصاد الأخضر. تستقبل مدرسة كرة القدم “أسي ميلانو الجزائر” حاليا شبابا جزائريين من مختلف الثقافات والفئات، كيف تقيمون ذلك؟ وهل هنالك إمكانيات لتدعيم هذه المبادرة عن طريق مشاريع مماثلة؟ هذه فكرة جيدة، يتعين تطويرها أكثر في نفس الروح والجوهر، فاليوم من الضرورة بمكان الاستثمار في الأجيال القادمة، خاصة في مجال التكوين والرياضة ولاسيما كرة القدم التي تبقى أداة استراتيجية لتعلم كيفية التنافس بطريقة سلمية مسالمة، واستيعاب مبادئ العمل الجماعي ومدى أهميته للوصول إلى الهدف المنشود والتسجيل في الملعب والحياة على حد سواء، ففريقا ميلانو والأنتير من الفرق المحبوبة للميلانيين، فضلا عن الكثير من الناس عبر العالم، وتتويجاتهما وكؤوسهما العديدة تشهد على ذلك.أبديتم منذ 2012 الرغبة والأمل في إرساء علاقات قوية بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالنظر إلى وزنها وثقلها ودورها في إيطاليا، ما هي الآفاق المتاحة للشراكة في هذا المجال؟ هذا جدير بالاهتمام الكبير، فميلانو الكبرى ومنذ شهر جانفي 2015، أضحت مدينة كبرى بتعداد سكاني يفوق 3 ملايين نسمة، وتزخر بنسيج صناعي معتبر من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأحيانا مصنفة كامتياز عالمي حقيقي في قطاعاتها، على غرار مقاطعات ومناطق الإنتاج التي جعلت إيطاليا يذيع صيتها على المستوى العالمي، وهي عبارة عن مؤسسات ترى في التدويل الوجهة الأمثل للتنمية والتطور، وهي تبحث بالتالي عن إقامة شراكات وراء الحدود، خاصة في المناطق القريبة أي المنطقة المتوسطية، ولكن ميلانو أيضا غنية بالمؤسسات الناشئة التي نالت منا الكثير من التشجيع، لتحفيزها على إنشاء مناصب عمل للشباب، فضلا عن اعتماد النماذج والأساليب الجديدة للعمل في إطار اقتصاد المشاركة، لذا هناك فضاءات متعددة للتعاون وإرساء شراكات مع المؤسسات.نسجل أيضا في الوفد المرافق لكم مسؤولين عن قطاع النقل الحضري، ما الذي يمكن أن تقدمونه كمساهمة من قبل المؤسسات المتخصصة الإيطالية، خاصة أن الجزائر العاصمة تواجه مشاكل مزمنة في مجال الحركة الانسيابية لحركة المرور والتنقل. هل ترغبون أيضا في تطوير مشاريع إعادة الاعتبار للبنايات القديمة ومعالجة النفايات الاستشفائية؟ وهل بالإمكان رؤية شركات إيطالية في تسيير النقل والمساهمة في مشاريع المخطط الاستراتيجي لمدينة الجزائر 2010-2029؟ من جانبنا نأمل في ذلك، فميلانو اليوم تعد القاطرة في مسار عصرنة الاقتصاد الإيطالي. بالمقابل، الجزائر بلد كبير يخوض مسار تنويع نظامه. وبالتالي، فإن فرص التعاون والشراكة المثمرة مناسبة. فخلال لقاءاتي مع الهيئات والمؤسسات وضمن البرنامج المسطر سأقوم بتقديم “نموذج ميلانو” المدينة الكبرى ذات البعد الدولي التي تتصف بالشمولية والإبداع والابتكار، مدينة موجهة للمستقبل دون أن تنسى ماضيها، مثلما يشهد على ذلك ناطحات السحاب التي تحرس القصور المعاد تهيئتها في الأحياء التاريخية، وهو ما يشكل مزيجا مثيرا، كما أقدم المؤسسات المرتبطة بالبلدية، التي تقوم بالتنسيق مع الامتياز المجتمعي لميلانو ببناء المدينة الذكية ميلانو التي تمثل نموذجا ومرجعا في إيطاليا وأوروبا، خاصة في مجال التنمية الحضرية المستدامة لتسيير “ذكي” للمياه والنفايات.ميلانو تعد حاليا وجهة سياحية وتحتضن إرثا ثقافيا إلى جانب النسيج الصناعي، لدرجة تصنيفها كقلب صناعي وتجاري ومالي وجامعي لإيطاليا، كيف ترون ذلك؟ ميلانو، اليوم، قطب معترف به لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الصناعة والخدمات وفي المجال السياحي، فهي تجني ثمرة سياسات الاستقطاب بارتفاع معتبر لتدفق السياح من مختلف مناطق العالم، فقد أحصينا 1.5 مليون سائح خلال الشهرين الأولين من السنة فقط، وهو ما يسمح لنا بتجاوز أكبر العواصم على غرار موسكو وبكين، بفضل الثقافة وعروض الأزياء والنقل الفعال والاستقبال التي تشكل أوراقا رابحة. وحسب تقدير الصحافة الدولية، فإن ميلانو تعد “المكان التي يتعين أن نمون فيه سنة 2015”، وستكون كذلك خلال السنوات المقبلة بالنسبة للمؤسسات والباحثين والطلبة وكل من يقرر زيارة جمالها، فهي مدينة أنيقة، منفتحة على العالم، حية، بسحر حصيف، مثير، وهو سحر يتعين اكتشافه.                       

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات