+ -

يبدي حسان تيجاني هدام، مدير عام صندوق الضمان الاجتماعي في هذه المقابلة مع “الخبر”، حرصا على إنهاء جدل حاد بخصوص مستحقات العلاج التي تطالب بها السلطات الفرنسية منذ سنوات. فهو يقول إن الجزائر دفعت ما عليها، فيما تم إلغاء مبالغ أخطأت مستشفيات باريس عندما طالبت بها. وفي الحوار يتناول هدَام عدة ملفات، منها الجهة المسؤولة عن تقدير المرض الذي يستدعي العلاج في الخارج والآجال الممنوحة لأرباب العمل للتصريح بالأجراء.

كنت ضمن الوفد الحكومي بقيادة وزير العمل والضمان الاجتماعي، عندما تنقّل إلى باريس الأسبوع الماضي، حيث تم مع المسؤولين الفرنسيين بحث قضية الديون المترتبة عن العلاج في المستشفيات الفرنسية، هل يمكن القول إن هذا الملف طوي نهائيا؟ تم حل هذا المشكل نهائيا، فخلال الزيارة التي أداها معالي وزير العمل، أمضينا على بروتوكول مع مستشفيات باريس، وتحديدا بيني أنا وبين مدير عام مؤسسة الرعاية العمومية لمستشفيات باريس مارتن ايرش، رأيي أن الأمر يتعلق بمشكل مالي وليس نزاعا ولا دينا وتم تصفية الوضعية إلى غاية 31 ديسمبر 2015.تم حل المشكل، بمعنى أن الجزائر دفعت ما عليها من مستحقات لمستشفيات باريس؟ ما كان ينبغي أن نسدده من أموال فعلناه، ولكن أيضا شرحنا لهم بالأدلة بأن بعض الوضعيات التي يترتب عنها أثر مالي، كانوا مخطئين فيها. ومن جهتنا اعترفنا ببعض الأخطاء، المهم فيما جرى أن الخلل الإداري الذي كان بين المستشفيات الفرنسية وصندوق الضمان الاجتماعي الجزائري تمت إزالته.ما هي قيمة المستحقات التي دفعها الصندوق للهياكل الطبية الفرنسية؟ أموال كبيرة سدّدناها، وبالمقابل تم محو مبالغ كبيرة أيضا بعد أن اعترف الطرف الفرنسي بخطئه عندما طالب بها.هل صحيح أن التعاقد سيكون في المستقبل بين هيئتي الضمان الاجتماعي في البلدين؟ في إطار الزيارة التي ستقود الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس إلى الجزائر، يومي 9 و10 أفريل المقبل، سيوقّع معالي وزير العمل والضمان الاجتماعي محمد الغازي، مع نظيرته الفرنسية، بروتوكول اتفاق يخصّ الضمان الاجتماعي في البلدين، ينص على وجود وسيط بينهما يتكفل بتسديد مستحقات العلاج للمستشفيات، وهذا الاتفاق كفيل بحل كل الاختلالات الإدارية التي واجهتنا في السابق.الحملة التي أطلقها الصندوق منذ شهور لدفع أرباب العمل إلى التصريح بالأجراء تنتهي في غضون يومين، ما هي نتائجها الأولية؟ قانون المالية التكميلي 2015 يتضمن تحفيزا لأرباب العمل للتصريح بعمالهم، وهذا الأمر إجباري لأن القانون يفرضه. يجب التنويه إلى أن الإجراءات التشجيعية جاءت استثناء وكمساعدة لأرباب العمل، إذ تعرض عليهم جدولة لتسديد ما عليهم من أموال متأخرة، بالمقابل يتم إعفاؤهم من دفع قيمة المخالفات جراء هذا التأخر. وهذه القيمة تكون أحيانا أعلى من المبالغ الأصلية التي ينبغي دفعها. بهذه المناسبة أدعو أرباب العمل إلى الانخراط في التدابير القانونية قبل نهايتها في 31 مارس، لأنها فرصة قد لا تتكرر.هل حققت العملية كل أهدافها؟ أستطيع القول إننا أنجزنا 50 بالمائة من الهدف المسطّر، وأنا شخصيا راض على ذلك، مع الملاحظة أن التوافد في الأيام الأخيرة على التصريح بالأجراء أصبح لافتا. وقد وجّهنا تعليمات لوكالاتنا بالولايات لتمديد ساعات العمل لاستقبال أرباب العمل الراغبين في تقديم التصاريح.وأشير هنا إلى أنه يوجد أكثر من 360 ألف رب عمل الذي يقوم الصندوق بمراقبتهم في إطار عمليات مبرمجة وأخرى فجائية، إضافة إلى العمليات المنظمة بالتنسيق مع مصالح المفتشية العامة للعمل، وعليه وبالنسبة لسنة 2015، فإن عدد أصحاب العمل الذين تمت مراقبتهم يقترب من 60 ألفا، وتم تسجيل أكثر من 162 ألف مخالفة تتمثل في عدم التصريح بالنشاط إلى عدم التصريح بالعمال والتصريح الجزئي بالأجور. أما عدد أرباب العمل الذين تقدموا بطلب جدولة دفع مستحقات الاشتراكات الأساسية إلى غاية شهر جانفي 2016، فقد وصل إلى 8792 طلب بمبلغ إجمالي بأكثر من 27 مليار دج، والمبلغ المحصل إلى غاية اليوم يقارب 13 مليار دج، أي بنسبة 50 بالمائة، في حين بلغت قيمة مبلغ غرامات التأخير الملغاة حوالي 29 مليار دينار. وفيما يخص عدد العمال الذين تمت تسوية وضعياتهم في إطار قانون المالية التكميلي 2015، فقد تجاوز 3 آلاف أجير. وأشير هنا إلى أن إجراءات التحصيل الجبري، تبقى قائمة على أرباب العمل الذين لم يبادروا بتسوية وضعياتهم. وأنت تمنحني الفرصة تماشيا مع توجيهات السيد وزير العمل للانفتاح على وسائل الإعلام، للتأكيد على أن التحصيل بالنسبة لصندوق الضمان مهمّ للغاية، لأنه المورد الوحيد الذي يسمح بدفع الآداءات للمؤمّنين اجتماعيا وللذين يقعون تحت مسؤولياتاهم، فواردات الصندوق كهيئة ذات تسيير خاص تتمثل في اشتراكات العمال حصريا.الإجراءات القانونية الخاصة بالتصريح بالعمال، تتضمن إنزال عقوبات تصل إلى السجن، هل تعتقد أن تخويف مخالفي القانون يدفعهم إلى تسوية وضعيتهم؟ العقوبات المطبّقة ضد أرباب العمل الذين لم يحترموا الآجال القانونية للتصريح بأجرائهم، مالية تصل إلى 200 ألف دينار عن كل عامل غير مصرح به، زائد عقوبة سجن تصل إلى ستة أشهر، وفي حالة التكرار تصل العقوبات إلى 500 ألف دينار مع عقوبة السجن لمدة قد تصل 24 شهرا. وإن تم الأجل إلى غاية 31 مارس 2016 بالنسبة لأصحاب العمل، الذين يتقدمون طوعيا لتسوية وضعيات عمالهم غير المصرح بهم والاستفادة من امتيازات قانون المالية، غير أنه وفي حال وقوف المراقب على أي مخالفة فستطبق عليهم كل الإجراءات القانونية. وقد جاء قانون المالية التكميلي 2015 أيضا، بتدابير تعتبر سابقة في قانون الضمان الاجتماعي الجزائري، فهي تمنح فرصة للأشخاص الناشطين دون حماية اجتماعية، أن يحصلوا على تغطية في مجال الضمان الاجتماعي عن طريق “الانتساب الطوعي” والحيازة على بطاقة الشفاء التي تمكنهم من تعويض الدواء الناتج عن المرض والأمومة بالنسبة للنساء. ويشمل التأمين ذوي الحقوق أيضا بالنسبة للنساء، مقابل دفع اشتراك شهري نسبته 12 % من الأجر الوطني الأدنى المضمون، أي 2160 دينار لمدة ثلاث سنوات.ويقترب عدد المنتسبين في هذا الإطار، 5 آلاف بصفة إرادية، ولذلك فأنا أكرر دعوتي إلى جميع أرباب العمل، أن يسارعوا بتسوية وضعياتهم تجاه الضمان الاجتماعي، سواء التصريح بالعمال الأجراء الذين لم يصرحوا بهم بعد، أو تسديد الاشتراكات والتقرب من مصالح الضمان الاجتماعي والاستفادة من الإعفاءات بعد استيفاء الشروط القانونية، كما أدعو الأشخاص الناشطين ودون تغطية اجتماعية للتصريح بأنفسهم للاستفادة هم وذوي حقوقهم مهما كان عددهم من الامتيازات الاستثنائية التي يمنحها لهم قانون المالية التكميلي لسنة 2015.المواطن يشعر بالغموض في قضية التكفل بعلاجه في الخارج، ما هي حدود الصندوق في هذا الجانب؟ عندما يكون العلاج غير ممكن في بلادنا، يمكن للمؤمّن له اجتماعيا وذوي حقوقه أن يودع ملف طلب العلاج بالخارج، على مستوى اللجنة الوطنية الطبية. هذه اللجنة هي ذات طابع انتقالي، بمعنى أنها تختفي عندما يتحقق تأهيل الهياكل الطبية في بلادنا. فالأصل هو أن العلاج يتم في الجزائر، ولكن ريثما يتحقق ذلك تستمر هذه اللجنة في مهمتها التي يؤديها ثلاثة أطباء أساتذة من المستوى العالي وأصحاب خبرة كبيرة. هؤلاء تابعون لوزارة الصحة، يتولّون دراسة الملف الطبي بمساعدة أطباء من كل التخصصات، وهم من يقدّرون إن كان المريض يستدعي العلاج هنا أو في الخارج. ودور صندوق الضمان الاجتماعي في هذه العملية يأتي في نهايتها، إذ يتولى منح التعهد بتغطية تكاليف علاج المريض في المستشفى الذي تحدده اللجنة الطبية. ومن الحلول التي اهتدينا اليها لتخفيف الضغط على المستشفيات وتقليص تحويل المرضى إلى الخارج، تعاقد الصندوق مع عيادات خاصة.في ظل الصعوبات المالية التي تواجه البلاد، هل بإمكان الصندوق أن يحافظ على توازنه؟ كما قلت لك الصندوق يعيش بفضل اشتراكات العمال، والسيد وزير العمل حدد هدفا في 2015 و2016 كأجل زمني للتحصيل. نحن نقوم بعمل جبار من أجل تطوير الأداءات لفائدة المؤمّنين، وينبغي أن يعلم المواطنون أنه لا توجد أية علاقة بين توازنات صندوق المالية وتقلبات سعر النفط. فتحصيل الاشتراكات هو ما يعطينا قوة، وإلى يومنا هذا بإمكان الصندوق الحفاظ على توازنه، بل حققنا فائضا ولو أنه ضئيل ووضعناه في البنوك العمومية لنجني الفوائد، ولكن ضروري أن نستشرف المستقبل لتحقيق ديمومة لهذا الاستقرار المالي، الذي بفضله سيستمر الصندوق في الوفاء بحق المواطن الدستوري في الضمان.هذه الحقوق تتجلى في التكفل بالمرض والعجز، وفي حالة الوفاة والأمومة، وكذلك حوادث العمل والأمراض المهنية، إضافة إلى ذلك يسيّر الصندوق المنح العائلية لحساب الدولة. وفي حالة التوقف عن العمل بسبب المرض يتم التعويض بنسبة 50% من الأجر خلال الخمسة عشر يوما الأولى وبنسبة 100 بالمائة من الأجر بعد هذه المدة. وبخصوص الأمومة، يتم التكفل بالتأمين عن الأمومة بنسبة 100 %، وتستفيد المرأة العاملة من عطلة أمومة تقدّر بـ 98 يوما، أما منحة العجز فتساوي 75 بالمائة من الأجر الوطني المضمون.وفي العموم يتجاوز عدد المستفيدين من أداءات الضمان الاجتماعي 35 مليون من مختلف الفئات، نذكر منها العمال الأجراء وذوي حقوقهم وهم الزوج والأولاد والأصول، إلى جانب فئات أخرى كالطلبة والمتربصون في مجال التكوين المهني وفئة المعاقين والمجاهدين والمستفيدين من منح وريوع الضمان الاجتماعي، والمستفيدون من المنح الجزافية للتضامن مع الأشخاص المرضى أو المسنين وغير الناشطين، وفوق هذا يساهم الصندوق في مجانية العلاج بالمستشفيات بشكل لافت، إذ يضخ سنويا 6500 مليار سنتيم لوزارة الصحة. أما الجديد في أعمال الصندوق، أن الأشخاص الذين ينشطون وليست لديهم تغطية اجتماعية، أصبح بإمكانهم اليوم الاستفادة من تغطية اجتماعية لمدة 3 سنوات بموجب قانون المالية التكميلي لسنة 2015. ولتأدية كل هذه الأعمال بفعالية، أصدرنا تعليمات لمديري الوكالات، بضرورة حسن استقبال المواطن والتكفل بانشغالاته والسهر على تحسين الخدمة العمومية.عدد كبير من المؤمّنين يشتكي من محدودية بطاقة الشفاء بخصوص تغطية كل أصناف الأدوية، هل توجد إرادة في توسيع قائمة الأدوية المسموح بتعويضها؟ لا يوجد أي نظام حماية اجتماعية في أي بلد يغطي كل أصناف الأدوية، دعني أبلّغ قراء جريدتكم بأن أكثر من 4 آلاف ماركة دواء يجري تسويقها بالجزائر، وأكثر من 1200 دواء لديه تسمية دولية مشتركة. والقليل من البلدان النامية من هي في مستوى الجزائر بشأن تعويض مستحقات الأدوية، كما أن بطاقة الشفاء فريدة من نوعها ولا مثيل لهذا النموذج في أية دولة عربية ولا إفريقية، ومنذ إصدار بطاقة الشفاء وبداية العمل بنظام الدفع من قبل الغير، انتهى عهد الطابور في مراكز الدفع.ومعروف لدى أهل التخصص، أن منظمة الصحة العالمية حددت قائمة بـ400 دواء كحد أدنى معنية بالتعويض، وقليل من البلدان من يتقيّد بها. في العموم توفّر السلطات المشرفة على قطاع الضمان الاجتماعي، تغطية لكل الأدوية إلا الدواء غير المعني مباشرة بشفاء المريض. مع العلم أن الدواء يعوّض بنسبة 80 بالمائة، وتصل النسبة إلى 100 بالمائة عندما يتعلق الأمر بمرض مزمن. في البلدان المتقدمة كفرنسا، لا يتم تغطية الدواء في بعض الأحيان إلا بـ60 بالمائة وأحيانا 40 في المائة و50 في المائة، رغم أنه ضروري للعلاج.وبخصوص قائمة الأدوية القابلة للتعويض دائما، أود أن أوضّح أن هناك لجنة وزارية مشتركة تضم 03 قطاعات وهي الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، التجارة والعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، وهي تتكفل بدراسة وتحديد قائمة الأدوية القابلة للتعويض. وطبقا للقرار الوزاري المؤرخ في 06/03 /2008 يقوم الصندوق بتعويض هذه الأدوية التي تحيّن بصفة منتظمة والتي لا يمكن للصندوق بأي حال من الأحوال أن يخرقها، بينما هناك بعض الأدوية خاضعة لشروط خاصة للتعويض تمنح لفئة خاصة من المرضى، في حين هذه القائمة تحتوي على كل الأدوية التي تكون ضرورية لصحة المواطن.وحتى يكون للمواطن صورة كاملة عن هذه القضية، فإن عدد الأدوية المعوّضة من قبل الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء لفائدة المؤمن لهم اجتماعيا وذوي حقوقهم تأتي كما يلي: حسب الاسم التجاري 4.180 حسب التسمية الدولية المشتركة 2.090، أما بخصوص نفقات المنتجات الصيدلانية التي هي في ارتفاع مستمر، فقد بلغت فاتورة الدواء 176.686.330.553 دج سنة 2015، وخلال شهر جانفي 2016 وحده بلغت الفاتورة 15.168.466.165 دج.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات