+ -

 هل للمسلمين وجود في هذه الميادين؟ أين اختفوا مع أنّ آباءهم قادوا الحياة البشرية دَهْرًا؟ وبماذا يشتغلون؟ الواقع أنّ هناك خطًا أساسيًا في أسلوب تفكيرنا وعبادتنا لربّنا، لأنّنا لم نُعْطِ القدرة المدنية والعسكرية وزنها الصّحيح.وأغلب العابدين يرجّحون نافلة في مجال العبادات المحضة، على درس علمي أو ابتكار صناعي، وربّما ظنّ تلاوة وِرْد أرضى الله من اختراع آلة، أو صَوْن جهاز، أو إحكام إدارة، أو تدبير سياسة.إنّ التحدّي الثقافي الأجنبي يمتد حتمًا في هذا الفراغ العقلي والدّيني عندنا، وربّما أعانه هذا على استئصال شأفتنا والقضاء على رسالتنا.وعندي أنّ مطاردة الفقهاء والدّعاة الّذين يصنعون هذا الفراغ أهمّ من مطاردة تجّار المخدرات، وباعة الخمور، وإذا لم ننقذ مستقبلنا الحضاري من هؤلاء النّاس قضوا علينا يقينًا. ولا ينبغي أن نستحي من أن نكون تلامذة لمن سبقونا، وأن نتواضع لهم حتّى نعرف ما لديهم ونحسن رَتْقَ فتوقنا..لكن المأساة المثيرة للبكاء، أنّنا نرسل طلابًا ليكملوا نقصنا في هذه الناحية، فإذا الذاهب إلى موسكو يعود بفكر ماركسي، والذاهب إلى واشنطن يعود بفكر انحلالي تبشيري. والعلم النّافع القليل الّذي حصل عليه سرعان ما يتبخّر ولا تجد له أثرًا أو أثرًا ضُرّهُ أكثر من نفعه.والمرء إذا وَهَي دينُه يقاد من بطنه وفرجه أكثر ممّا يُقادُ من عقله وضميره وتلك حال مبعوثين كثيرين.. إنّ فقرنا العِلمي والصناعي شديد، ونحن أحَوَجُ أهل الأرض لنجدات تستبقي حياتنا وإيمانَنا، فهل يُسعِفنا شبابُنا في هذه الميادين؟ومع استيراد العلم الّذي لا وطن له، نحتاج كذلك إلى استيراد الوسائل الّتي لا وطن لها.. إنّ الارتقاء البشري في العالم جعل الإدارة فنًّا رفيع الأداء. ومَكّن الأخصائيين –بحسن النّظام- أن يختصروا أوقاتًا وأعمالاً كثيرة، وأن ينجزوا في ساعات ما ننجزه نحن في أيّام. وأن يضبطوا مفاهيم كانت رجراجة، ويبتوا في قضايا كانت معلّقة. ولأعطي هذا الموضوع جلاءً حتّى لا يكون نقل الوسائل ذريعة إلى نقل الأهداف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات