38serv
الواقع كالسينما، مشاهد حقيقية وأخرى “سينمائية” و “الدنيا شاشة كبيرة”، والمواطن لم يعد بحاجة اليوم لأن تُشيَّد له قاعات سينما متعددة العروض، لذا نجد تناصًّا رهيبا في حكاية وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي سُخر له اليوم كل أنواع “الدهن الأبيض” من أجل محو آثار عناوين عريضة ظلت ترسم الصفحات الأولى للجرائد والإعلام الجزائري لمدة 3 سنوات، قبل أن يُفرش له البساط الأحمر في مطار وهران الدولي.تلك الحكاية نجدها في 10 أفلام أمريكية على الأقل تحكي قصص الفساد المالي واللاعقاب، وتحكي أيضا البراءة التي تمنح بعد سنوات الفساد، لنفهم قوانين مافيا الفساد ونراقب ملامح الجاني والمجني عليه، ونغوص في لحظة اللاعقاب عندما عاد شكيب خليل إلى الوطن.سوقت السينما الأمريكية للعالم منذ 10 سنوات حكاية أحد أكثر الأفلام إثارة، قصة فضيحة مالية لها علاقة بشركات النفط تماما كما قالت تقارير قادمة من حقول نفط حاسي مسعود، الفيلم بعنوان”ستسيل الدماء” (2007)، دراما أمريكية للمخرج بول توماس أندرسون، بطولة دانيال دي لويس وبول دانو، حيث تحيط الرشوة بآبار النفط في جنوب كاليفورنيا، في فضيحة “تي بوت دوم” الأكثر إثارة في تاريخ السياسة الأمريكية، والتي كانت فيما بعد عاملا أساسيا في تشويه سمعة الرئيس الأمريكي عام 1923.ولكن من يحرك خيوط اللعبة؟ ومن يرسم ملامحها في الجزائر؟ أليسوا هم أبطال فيلم “كل رجال الرئيس”، ربما حكاية الفيلم الأصلي الذي ألفه ودد وارد، يغوص الفيلم في دهاليز المهمة الصحفية، ويحكي سيطرة الحزب الديمقراطي على الحكم في انتخابات مزورة، فعنوان الفيلم يحملنا إلى إيحاءات كبيرة لواقع القضية والحكاية الجزائرية، حكاية شكيب والمحيطين به، من يدافع عنه ومن يقف إلى جانبه، أليس لعنوان الفيلم سحر كبير ودلالات أكبر؟الفضيحة وحدها لم تكن الأبرز في حكاية شكيب، بل حلم العودة وتحدي أعوان الأمن عبر المطارات، هنا قد يطل المشهد الثاني عبر فيلم “ماك جنتي العظيم” للمخرج بريستون سترجس (1940) الحائز على جائزة أوسكار أحسن سيناريو، وهي رحلة عودة الهروب ثم العودة بعد اختلاس أموال البنوك.في حقيقة الأمر، القضية ليس إلا فواتير سابقة و “تصفية حسابات” كما يقول المخرج الأمريكي فريتس لانز في فيلم “رغلامو دوكونت” (1953) مع بطله ديف بنوان.. قاتل أو مقتول مدان أم بريء، هكذا تحكي الجبهات المتصارعة في الجزائر، أصدقاء الأمس “رجل المخابرات في وجه رجال الرئيس” فليس للعدالة علاقة بحقوق الشعب والدفاع عن الموطن وأمواله، وإنما تصفية حسابات كما يوضح الفيلم، وكل ذلك “باسم الشعب”، أو كما قال المخرج الإيطالي دينو ريز عام 1971 فيلم “باسم الشعب الإيطالي”، مع اختلاف المعنى وتشابه العنوان.بينما تقف العدالة الجزائرية أمام “قضية خاصة” للمخرج البريطاني ميك فيغيس (1990) لمواجهة “أبناء المافيا”، في فيلم للمخرج أبراهام بلونسكي (1948)، بلا شك محيط واحد يدفع بالكاميرا لتحريك المشاهد الواحد تلو الأخرى، عندما يقف المحامي الشاب في فيلم “أبناء المافيا” في مواجهة رجال المافيا من أجل كشف الحقيقة، لم تكن المهمة سهلة، ولن تكون كذلك لأي محامٍ يريد كشف الحقيقة الكاملة، لكنها البراءة والصورة البيضاء التي تغطي المشهد الأسود وتزيل الشحوب من وجه الفضيحة، فنهاية الأمر هناك العديد من الأفلام التي كتبت بنص المثل الشعبي الشهير “خرج كالشعرة من العجين”.قد تتقاطع التفاصيل، وقد تختلف الشخصية، ولكن هناك خيطا رفيعا يجمع حكاية الصفحة الأولى في الجرائد الجزائرية هذه الأيام بتلك الأفلام، فالثروة ضاعت وسرقت، والنتيجة أنا أمام المرحلة القادمة بلا شك ونحن مع فيلم “كل رجال الملك” (1949)، وكيف سيلعب المال الفاسد في تحريك دواليب السياسية والإعلام ويتخذ قرارات المرحلة القادمة، والفيلم الذي أخرجه الأمريكي روبرت روزن يروي باختصار حكاية الإعلام والمال والفاسد وتبييض “إطارات الدولة”، أو كما كتب في مرحلة جد متقدمة من قضية شكيب خليل: “العفو الشامل عن إطارات الدولة الأكفاء”، عفو أريد به باطل، وهنا لا داعي لاستدعاء فيلم “المخبر” (1968) للمخرج غوردن دوغلاس، لأننا كما قال المخرج الأمريكي كريس فيشر في أحد أهم أفلامه عن الفساد “إنه عالم قذر” (2005).
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات