+ -

يواصل الدينار الجزائري سقوطه مقابل العملات الرئيسية، ليحطم أرقاما قياسية تعكس درجة التأثير التي يعاني منها اقتصاد رهين إيرادات المحروقات، وعجز متنام للميزانية والخزينة، فقد بلغ سعر صرف الدينار في آخر تداولاته لشهر مارس الجاري 123.97 دينار جزائري لكل وحدة أوروبية، بينما بلغ 110.20 دينار لكل دولار، ليبتعد سعر الصرف عن القيمة المحددة في قانون المالية 2016 بكثير والمقدرة بـ98 دينارا جزائريا لكل دولار. يتضح أن السلطات العمومية تنحو باتجاه التخفيض التدريجي للدينار الجزائري، وهو ما يساهم في تقليص العجز “حسابيا” في ميزان المدفوعات والميزانية والخزينة والميزان التجاري، إلا أن تآكل القدرة الشرائية والقيمة الاسمية للدينار الجزائري يؤثر سلبا على العديد من المؤسسات الجزائرية، بداية بالشركات العمومية الكبيرة التي تقوم عادة باستيراد تجهيزاتها ومدخلاتها وموادها الأولية التي تعرف تضخيما في قيمتها، وهو ما يدفع الكثير منها على غرار ما أعلنته اتصالات الجزائر إلى الاستدانة، رغم دفع السلطات العمومية هذه المؤسسات إلى إطلاق قروض سندية كأحد البدائل، لكن الوضع الحالي لا يشجع القيام بعمليات كبيرة لتمويل المشاريع بهذه الآلية.ويعرف الدينار منذ 2015 بالخصوص، انخفاضا متدرجا في التعاملات الرسمية، وقد قدر بنك الجزائر في جانفي 2016 قيمة انزلاق الدينار الجزائري مقابل الدولار الأمريكي في الفترة الممتدة ما بين جانفي وسبتمبر 2015 بحوالي 19.5 في المائة، بينما انزلق مقابل الأورو بـ2.1 في المائة، وهذا الانخفاض المحسوس أثر سلبا على أسعار استيراد المواد.وسجلت نسب التضخم زيادة محسوسة في 2015 ويرتقب أن ترتفع أكثر هذه السنة فوق عتبة 5 في المائة، في وقت تتجه المؤسسات إلى تقليص حجم خسائرها الناتجة عن تقلبات الصرف برفع الأسعار، وهو ما سيزيد من أعباء الأسر والعائلات الجزائرية التي تآكلت قدراتهم الشرائية، في وقت تدعوهم السلطات العمومية إلى الانخراط في عمليات قروض سندية لدعم مؤسساتها ومساعدتها في عمليات الاستثمار وتجسيد المشاريع وسط تقلص هامش حركتها ومحدودية القدرة على اللجوء إلى الإقراض البنكي، علما أن واردات المؤسسات الجزائرية من المدخلات والمواد الأولية تتراوح ما بين 40 و70 في المائة، وهي بالتالي تتأثر سلبا من جراء خسائر الصرف.على صعيد آخر، تعرف العملات الرئيسية في السوق الموازية انكماشا منذ أكثر من شهرين، حيث فقد الأورو خلال فترة وجيزة قرابة 15 في المائة من قيمته، إذ تراجعت تعاملات العملة الأوروبية الموحدة من مستوى قياسي غير مسبوق 195-196 دينار للأورو، إلى حدود 176 دينار للأورو مع منحى تنازلي، والأمر نفسه ينطبق أيضا على الدولار الأمريكي في التعاملات غير الرسمية. ويلاحظ أن عمليات الشراء والبيع تقاربت كما تتقارب القيمة المسجلة للدينار بين الدائرة الرسمية وغير الرسمية تدريجيا، علما أن السوق الموازية تعكس القيمة الفعلية للدينار الجزائري.وفي خضم التحولات التي يعرفها الدينار الجزائري، فإن العديد من المتعاملين الاقتصاديين يدعون إلى إرساء سوق آجل للعملة لضمان رؤية أوضح في عمليات شراء وبيع العملة وتفادي مخاطر الصرف التي تهددهم، كما يتم المطالبة بإقامة مكاتب صرف لضمان ضبط التعاملات التي تبقى خارج الدائرة الرسمية في جزء كبير منها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات