ذكر الروائي رشيد بوجدرة، أنه يستعد للاحتفال بالذكرى الخمسين لدخوله عالم الكتابة الإبداعية، موضحا أن ذلك يتزامن مع شهر جوان القادم، حيث ظهرت أولى مجموعته الشعرية عام 1965. وارتأى بوجدرة أن يلتقي مع قرائه بمناسبة العيد العالمي للمرأة، حتى يبرز مدى انشغاله بها في عوالمه الروائية. أوضح بوجدرة، أنه قضى خمسين عاما كرّسها للكتابة الإبداعية، موضحا أنه اهتم في أعماله بالمرأة ومعاناتها، منذ أن نشر روايته الأولى بعنوان ”التطليق” سنة 1967. واعتبر بوجدرة خلال نزوله ضيفا على المقهى الأدبي لدار ”الحكمة” أول أمس، بمقر اتحاد الكتّاب الجزائريين بالجزائر العاصمة، أن ”المرأة رغم ذكائها وقوتها وجمالها ما تزال مضطهدة إلى اليوم، ليس في الجزائر والعالم العربي والإسلامي فقط، بل في الغرب أيضا، حيث تأخّر حصولها على حق الانتخاب في بلد مثل سويسرا”. واعترف صاحب رواية ”الحلزون العنيد”، أن المرأة تعتبر لديه بمثابة محرك ديناميكي للكتابة الإبداعية، إضافة إلى كونها محرك أساسي للعائلة، ومختلف القطاعات إلى جانب أنها تمنح الحياة”. وتحدّث بوجدرة عن الظروف التي حملته لدخول عالم الكتابة الإبداعية، وتوقّف عند الظروف التي عايشتها والدته من اضطهاد من قبل والده، وقال: ”لم أشف إلى حد اليوم من جراح والدتي وعذاباتها، ولولا تلك المعاناة والآلام لما أصبحت كاتبا، ورغبتي في الكتابة تولدت في تلك الأجواء المشحونة بالمعاناة”.
وأوضح بوجدرة بخصوص مواقفه السياسية: ”أنا لم أتفق مع السلطة السياسية منذ 1962 ودخلت في نوع من المعارضة، لأنني أردت تحرير الإنسان الجزائري، بعد أن تحررت الأرض، وكان حلمي وأنا مراهق أن تتغيّر الأمور بالنسبة للجزائر نحو الأحسن، وقد سجنت لمرات عديدة بسبب مواقفي، كما اخترت المنفى لمدة خمس سنوات بسبب الخوف”. مضيفا: ”واليوم، أعتقد أن النظام الجزائري أصبح نظاما طلائعيا وتقدميا فيما يتعلق بحقوق المرأة مثلا، بينما المعارضة هي التي أصبحت رجعية متزمتة، وهنا يكمن التناقض فيما يخص ملف قانون حماية المرأة. ويمكنني أن أختلف مع السلطة في قضية ما وأختلف معها في قضايا أخرى”. ولدى حديثه عن روايته الأخيرة ”الربيع” الصادرة بالجزائر عن منشورات ”البرزخ”، اعتبر بوجدرة أنها جاءت ”كنتيجة لتراكم سنوات عديدة بعد ”الربيع العربي”، وقال: ”كتبت هذه الرواية بعد موجة الثورات العربية، وأعتبرها بمثابة قراءة للواقع وفكرت منذ البداية أن الربيع العربي سيكون حماقة ضد الشعوب، واعتمدت في تحليلي على الفكر الماركسي الجدلي التفكيكي الذي يعتمد على وسائل التحليل التاريخي والتراكم للتغيير، لأنني أعتقد أنه ليس من الطبيعي أن نعتمد على الغضب لتفجير الثورة، مثلما حدث في تونس، وذلك يعتبر تحليلا ساذجا وسطحيا لا يمكن أن أعتمده”. ويرى بوجدرة في المقابل أن الثورة والتغيير تستدعيان التفكير والمنهجية والبناء وإعداد برنامج وشخصية كاريزمية مؤثرة، وأضاف: ”الثورة حسب تحليل تروتسكي هي فعل واعي عميق وطويل وعنيف وشرس، وليس عرضي وطارئ وسطحي ساذج مثل ثورات الربيع العربي”. موضحا أن ”الربيع العربي” تمت فبركته في الغرب وطبخ بنكهات خاصة في مخابر الأجهزة الاستخباراتية العالمية مثل جهاز المخابرات الأمريكية وكواليس حلف الناتو، مضيفا أن مشاريع الاستعمار القديم ما تزال قائمة. وذهب بوجدرة إلى حد اعتبار أن ”فرنسا هي التي قررت تفكيك نظام القذافي”. ولم يستغرب صدور بيان عن الحلف الأطلسي قبل يومين، يتحدث عن خطأ تدمير ليبيا واجتياحها. وكان لقاء بوجدرة مع قرائه، فرصة للحديث عن تأثيراته الروائية، مركزا على المكانة التي لعبها الروائي الأمريكي وليام فولكنر في مساره، إلى حد أنه قرّر الاعتراف بذلك في روايته ”الربيع” التي تحيل إلى رواية ”الصخب والعنف” وشخصية ”بنجي”. وبالمناسبة تحدّث الأستاذ أحمد حمدي، عن ظروف تعرفه ببوجدرة خلال نهاية السبعينيات، بعد أن انتقل للكتابة باللغة العربية، ونشر رواية ”التفكك” التي أخذها مدير دار ”ابن رشد”، الذي كان يتردد على الجزائر كثيرا، وأصدرها في بيروت.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات