"الدفاع عن ضحايا المخابرات يتم بانتقائية"

38serv

+ -

 يرى المحامي والحقوقي مصطفى بوشاشي، أن الطريقة التي سارت بها إجراءات متابعة الجنرال حسين بن حديد، “تضر بالجزائر كدولة وتعطي صورة سيئة عن مؤسسات البلاد وقضائها”. ويعطي بوشاشي، في مقابلة مع “الخبر”، رأيه في سجن جنرالات والحملة التي استهدفت الجنرال توفيق، ودور المؤسسة الأمنية في العشرية السوداء. كما يخوض في قضية الإطارات ضحايا المخابرات.قاضي التحقيق المكلف بملف الجنرال حسين بن حديد رفض طلب الإفراج عنه. كيف تلقيتم كدفاع هذا القرار؟ نعتقد أنه لا توجد أسباب موضوعية لأمر الإيداع بالسجن الذي صدر بحق السيد بن حديد، ولا توجد أسباب موضوعية لاستمرار حبسه منذ 6 أشهر. العلة من الحبس المؤقت هي أن يفيد التحقيق وحتى يكون المعني تحت تصرف القضاء في أي وقت. القصد أننا نحبس الشخص لأننا نحتاجه في إجراءات التحقيق، أما أن نحبسه لمدة نصف سنة من دون أي إجراء، كما هي حالة بن حديد، يصبح الحبس غير مؤسس قانونا.لعلمكم أن السيد بن حديد نقل إلى مستشفى مصطفى باشا، أول أمس، لتدهور حالته وأعيد إلى السجن.وقد استبشر المحامون في البلاد عموما خيرا بصدور قانون الإجراءات الجزائية الجديد (23 جويلية 2015)، الذي يوصي بإبقاء المتهم حرا أثناء فترة التحقيق أو وضعه تحت الرقابة القضائية عند الضرورة، ولكن للأسف صنع تشريعات قد تكون إيجابية ولا تطبق.وعموما القضايا التي تحمل خلفية سياسية، يطرح فيها مدى استقلال القضاء في التعامل معها وفق الإجراءات القانونية. فقد تعلمنا بحكم الاحتكاك بالمحاكم، سواء في قضايا الفساد أو قضايا سياسية، أن معالجة الملفات لا تكون قضائية بحتة.لقد رفض طلب الإفراج عن بن حديد، بينما كنا نستبشر خيرا لأنه رجل مريض ويحتاج إلى علاج متخصص لا يتوفر بالسجن. ونحن لا نملك التعليق على أحكام القضاء، ولكن لدينا وسائل الطعن وهو ما قمنا به، أي استئناف أمر قاضي التحقيق، ونتمنى أن غرفة الاتهام بمجلس قضاء الجزائر ستطبق القانون وتستجيب لطلبنا. هل حديثك عن وجود بعد سياسي في قضية بن حديد يعني أن الجنرال سجين رأي؟❊ موضوع المتابعة هي تصريحات لقناة إذاعية. ومعروف دستوريا أن كل جزائري يملك الحق في التعبير عن رأيه بغض النظر عن وظيفته، وبن حديد مارس حقه في التعبير. ولكن في حالة متابعته أي شخص مس بسمعة شخص آخر، أو تعتقد أية مؤسسة بأنه ألحق ضررا بها، الأمر يتعلق بجنح صحافة أي قذف. لهذا أعتقد أن المتابعة وتكييف الوقائع في قضية بن حديد توحي بأن القضية مرتبطة برأي سياسي وليس جنحة. تهمة الجنرال هي “ضرب معنويات الجيش”، ولكن الجهة الشاكية غير معروفة رسميا، بينما دلائل قوية تفيد بأن وزارة الدفاع هي من طلبت من النيابة تحريك الدعوى ضد السيد بن حديد.. لا أريد الخوض في وقائع الملف، هناك متابعة من دون وجود شكوى من أي جهة، لكن عموما يجوز قانونا للنيابة أن تقوم بالمتابعة التلقائية عندما تكون مؤسسات الدولة موضوع مساس بها.إذن في حالة بن حديد، يوجد إخطار ذاتي من طرف النيابة بمحكمة سيدي امحمد ؟ طالما لا توجد شكوى فيعتقد أن النيابة مارست الإخطار التلقائي. أنت تحدثت مع الجنرال بن حديد، هل لاحظت عليه ندما على تصريحاته السياسية ضد مسؤولي الجيش، وبخاصة قائد الأركان ڤايد صالح، أم أنه ثابت على موقفه؟ لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، فما تثيره يستحسن أن يترك للتحقيق أمام القاضي المختص، أما أن أتكلم نيابة عن بن حديد في موضوع كهذا، فلا أسمح لنفسي. كحقوقي وناشط سياسي، هل تعتقد أنه من الصدفة أن تقع هذه القضايا في وقت واحد: حبس الجنرال بن حديد، إدانة الجنرالين حسان ومجذوب، وتعرض الجنرال توفيق لحملة تشهير حادة؟ تعودنا في الجزائر على أن القضاء يحتاج إلى ضوء أخضر من جهة سياسية عندما يتعلق الأمر بمتابعة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. تقصد أن الإيعاز يأتي من رئاسة الجمهورية؟ أفضل الحديث عن جهة سياسية. فعند متابعة مجموعة من الإطارات العسكرية، فعلى غرار ما يجري في قضايا الفساد، هناك انتقائية في المتابعة، ودائما هناك خلفية سياسية. ولكن عدم متابعة كوادر مدنيين وسياسيين، لا يعني أنهم غير ضالعين في مخالفات وجرائم، ولكن تعودنا أن مثل هؤلاء المسؤولين يحظون بحصانة تحميهم.وكحقوقي ومحام أعتقد أن كل من ارتكب جرائم فساد وانتهاكات كالقتل خارج دائرة القضاء، والتعذيب وتسبب في اختفاء أشخاص قسريا، ينبغي متابعته بغض النظر عن الموقع الذي يكون فيه. غير أن المتابعات في الجزائر تأخذ طابعا انتقائيا لما يتعلق الأمر بالأطر السامية، لاحظنا ذلك في قضايا الفساد. فالوزراء لا يتابعون بينما مديرو وكالات بنكية يسجنون والأمثلة كثيرة. والجرائم والتجاوزات الخطيرة التي وقعت في العشرية السوداء لم تكن محل متابعات، ووضعوا قانون المصالحة ومنعوا على جهاز القضاء فتح تحقيق، وتلقي شكاوى. وحتى الذي يتحدث عن تلك الفترة يمكن أن يكون موضوع متابعة. لهذا أقول نحن بعيدون عن دولة القانون، وجهاز القضاء يستعمل للأسف من طرف الجناح الغالب في النظام. عاد الجدل حول المسيرين العموميين الذين سجنوا في منتصف التسعينات، فأمين عام الأفالان، عمار سعداني، يقول إن المئات منهم دخلوا السجن بناء على تحقيقات فبركتها المخابرات. هل تعطي مصداقية لهذا الكلام؟ بعض السياسيين يحاولون توظيف الإطارات التي سجنت ليس حبا فيها، وإنما لخلفية سياسية. وإذا تحدثنا عن ملفات مفبركة، فهو إقرار بأن جهاز القضاء وسيلة من وسائل النظام السياسي. ولكن إذا آثرنا موضوع ضحايا هذا النظام فينبغي أن لا نتوقف عند الإطارات المسيرين وإنما ضحايا كل التجاوزات. بمعنى أن نفتح كل ملف الانتهاكات من دون انتقائية، وإلا فالهدف ليس الانتصار للإطارات التي توبعت وأدينت. إذن هذا النوع من التصريحات لا ينطلي على الشعب الجزائري.إن سجن الإطارات في فترة التسعينات كان ضمن توجه سياسي يتعلق ببيع مؤسسات الدولة بالدينار الرمزي، وبالتالي فسجن إطارات وتخويف من بقوا في مناصبهم أدى إلى تشويه المؤسسة الاقتصادية الجزائرية.وجهت لجهاز المخابرات اتهامات خطيرة بالفساد في المدة الأخيرة، تركت انطباعا بأن مصدرها رئاسة الجمهورية. هل تعتقد أنها صحوة ضمير أم تصفية حسابات شخصية؟ حملت المؤسسة الأمنية مسؤولية الكثير من التجاوزات التي وقعت في التسعينات، فقد كنا في دولة لا يسودها القانون ويطغى عليها اللاعقاب، لذلك فالحديث عن انتهاكات منسوبة للمخابرات شيء معروف وتحدثنا عن ذلك في المحاكم والإعلام، ما جلب لنا الانتقاد. واليوم لا أعتقد أن الذين يخوضون في هذا الأمر صحت فيهم ضمائرهم، وإنما توظيف سياسي ضد مؤسسة وأشخاص، الهدف منه ليس الانتصار لضحايا الانتهاكات وإنما لتشويه صورة المؤسسة الأمنية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات