+ -

”انقرضت” القطع النقدية من فئة 1 و2 دينار وحتى 5 دنانير من السوق، فما بالكم بالقطع التي تقل عن هذه القيم، وهذا بالرغم من أهميتها في مختلف التعاملات التجارية، في البيع والشراء من طرف المواطنين والتجار على حد سواء، وهو الأمر الذي يجعل المواطن مخيّرا بين أمرين: إما الالحاح على الحصول على الفكة، وهو يعلم أنها غير موجودة أصلا، وإما عدم المطالبة بها والتخلي عن الدنانير يوميا لدى الباعة والتجار وحتى المؤسسات العمومية.”لا أدري أين اختفت الدنانير؟ الأكيد أنها ليست في جيبي!”.. هكذا أجاب أحد الصيادلة مواطنا اشترى بعض الأدوية، وألح على الحصول على دينارين متبقيين، وأضاف الصيدلي بلهجة بين التحسر والسخرية قائلا: “حتى أنا اشتري هذه السلعة وفي أحيان كثيرة أتغاضى عن الفكة”، هي مُحاورة صارت عادية بين المواطن والبائع في جميع المُعاملات التجارية، بل أصبح العادي أن لا يُطالب المواطن بتلك الفكة، وأن ينصرف دون ذلك، حيث لم تعد للقطع النقدية من فئة 1 و2 دينار قيمة في السوق ولا عند المواطن.وعبر جولة في سوق بوزريعة بالعاصمة لا يمكن العثور على أسعار المنتجات بالدينار، وهو ما يبرره أحد باعة الخضار والفواكه بالقول: “هذا طبيعي فهذه القطع لم تعد موجودة أصلا، فكيف نتعامل بها؟ قال هذا قبل أن يرد عليه زميله في المحل: “لو فعلنا ذلك لقضينا الوقت في الاشتباك مع المواطنين”، ولم يختلف الأمر عند باقي التجار، سواء بائعو الخضار أو اللحوم أو أي متوج غذائي آخر، فما بالكم بباقي السلع على غرار الملابس والأواني، غير أننا توقفنا عند بائع مواد غذائية لنسأله عن سعر الحلوى، فقال إنها بـ2 دينار وأخرى بـ5 والشوكولاطة بـ10 دنانير، وفي سؤالنا له حول كيفية بيعها في ظل ندرة القطع النقدية الصغيرة قال: “أملك أحيانا بعض الفكة، ولكنني في غالب الأحيان أبيع أكثر من حبة، حيث لا يمكنني أن أعطيها بالمجان، كما لا يمكن أن أجبر الزبون على أن يتخلى عن الفكة”، وذكر نفس البائع أنه أحيانا يعطي الحلوى للزبائن بدلا عن الفكة.الخبير الاقتصادي، خالد مسدور، لـ”الخبر””القطع النقدية الصغيرة تكتسي أهمية كبرى في الاقتصاد الوطني”قال البروفيسور في الاقتصاد بجامعة البليدة، خالد مسدور، إن تهميش القطع النقدية الصغيرة قد يقضي على الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن أغلب الاختلاسات تقع في فواصل المبالغ المالية المودعة لدى المؤسسات المالية، ودعا المسؤولين إلى ضرورة إعادة الاعتبار لهذه العملة للمحافظة على الاقتصاد الوطني.وأفاد نفس المتحدث لـ”الخبر” بأن القطع النقدية الصغيرة من 1 سنتيم إلى 2 دينار تعرضت إلى الإهمال، وذلك لسببين: أولهما انهيار قيمة الدينار، ما جعل هذه العملة غير متداولة بين المواطنين في السوق، لأن قيمتها صغيرة بل و”مجهرية”، وثاني الأمرين لعدم وعي بعض المسؤولين الذين لا يعطون الفاصلة أهمية، رغم أن “الفاصلة هي من تصنع الاقتصاد”. واستدل مُحدثنا بعمليات الاختلاس التي عادة ما تستهدف الفواصل التي تشكل مبالغ مالية هامة، وأوضح مسدور بالقول “إننا بإهمالنا القطع النقدية الصغيرة نهمل أجزاء هامة من عملتنا”. ودعا المتحدث المسؤولين الماليين إلى إعادة الاعتبار للقطع النقدية الصغيرة ومواصلة سكّها، كما أكد على مختلف المؤسسات العمومية ضرورة احتساب القطع الصغيرة في مختلف المعاملات، مشيرا إلى أن المواطن عليه أن يطلب الفكة مثلما يتوجب على البائع أن يوفرها.التعامل التجاري أصبح يعتمد على الأوراق النقديةأصحاب المهن الحرة يشكون نقص القطع النقدية تحولت القطع النقدية لدى التجار وأصحاب المهن الحرة إلى عملة نادرة، وهو ما عقد مختلف المعاملات التي تعتمد على هذه القطع الصغيرة، وبغياب هذه القطع يبقى السؤال المطروح: لماذا اختفت هذه القطع النقدية؟ويقول عدد من التجار الذين سألتهم “الخبر” أن غياب القطع النقدية من فئة 1 و2 و5 وحتى 10 دنانير أحيانا عقد من المعاملات التجارية، وقال تجار إن غياب القطع النقدية وندرتها يحدث مشاكل يومية بين التاجر والمستهلك، ففي الغالب يضطر التاجر إلى الإحجام عن بيع بضاعته كما يحجم المستهلك على الشراء، كون غياب القطع النقدية يزيد من قيمة البضاعة بشكل غير مباشر، ودون الحديث عن المشاكل والمشادات اليومية بين قابضي الحافلات والمسافرين الذين يتبرأ كل واحد منهم من مسؤولية عدم امتلاكه للقطع النقدية، لكن السؤال: أين اختفت هذه القطع النقدية، يقول عدد من تجار تحدثت إليهم “الخبر” ببومرداس إنهم يضطرون لشراء القطع النقدية من اللاجئين الأفارقة، وبعض ممارسي مهنة التسول ويتم شراء 1000 دينار من القطع النقدية بملغ 1200 دينار أوراق، في حين أن البعض من المواطنين تحول إلى ممارسة نشاط بيع القطع النقدية.الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين لـ”الخبر””القطع النقدية الصغيرة خارج تعاملات التجار والمواطنين معا” قال الأمين العام للاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الجزائريين، صالح صويلح، إن القطع النقدية الصغيرة لم تعد موجودة في السوق، ونفى أن يتسبب ذلك في خلل في تعاملات التجار اليومية مع المواطنين، حيث تحول الأمر إلى “عادي”. وأفاد نفس المسؤول بأن التعامل بالقطع النقدية الصغيرة اختفى، إذ أن البائع والمشتري معا صارا يتعاملان بشكل عادي بدون فكة، واستغنوا عن هذه العملة بشكل نهائي، حتى أن المواطن لا يطالب بالفكة ويتخلى عنها للبائع أو العكس. واعترف المتحدث بأن باقي البلدان لا تزال تتعامل بالقطع النقدية الصغيرة إلا الجزائر، ولكن في الجزائر فقد الطرفان، البائع والمشتري، هذا التعامل.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات