+ -

 أفاد رئيس الحكومة سابقا، مولود حمروش، بأن “أسبابا أخلاقية” منعته من المشاركة في تعديل الدستور رغم الدعوات التي وجهت له. ونفى أن يكون الهدف من تدخلاته البحث عن أي دور سياسي، ولكنه أبدى استعداده في المقابل لـ”مساهمة جادة في بناء مسار ديمقراطي يعيد هيكلة النظام وفق قيم الحريات التي تعيد الثقة بين الحكم والمواطنين”.وقال حمروش، في محاضرة ألقاها بمدينة سطيف، أمس، إنه رفض المشاركة في تعديل الدستور، لأن “الوثيقة المعروضة لا ترقى إلى دستور 1989”، مشيرا إلى أن ذلك وضعه أمام مانع أخلاقي، لأنه شارك في صياغة دستور 23 فيفري 1989، ولا يمكنه أن يساهم في الوقت ذاته في مناقشة وثيقة دستور لا ترقى إلى الحقوق والحريات المكرسة قبل 26 سنة.وعلى هذا الأساس، رفض حمروش التعليق على محتوى الدستور الجديد قائلا: “السبب الأخلاقي الآخر، هو أنني دعيت سنة 2011 للجنة تعديل الدستور ولم أستجب للدعوة، ودعيت مرة أخرى لإثراء الوثيقة ولم أستجب، وأجد من المنطقي اليوم الإحجام عن التعليق على الدستور الجديد”.وعن إمكانية قيامه بدور سياسي معين في مرحلة ما بعد بوتفليقة، استغرب حمروش هذا الطرح الذي يتكرر في كل مرة، وأجاب عنه بمجموعة أسئلة: “من يقترح الدور؟ من يعطيك هذا الدور؟ ماذا يعني؟ ما هي غايته وما هي حدوده؟ أنا مواقفي منذ كانت لي فرصة الإشراف على الإصلاحات ورئاسة الحكومة، بقيت منسجمة مع بعضها ولا يمكن العودة إليها في كل المحطات”.وأضاف موضحا موقفه: “أنا لا أبحث عن دور، لكني مستعد للمساهمة إذا أرادت الجزائر العودة إلى صناعة مسار حقيقي ديمقراطي”. لكن كيف يكون ذلك؟ يبدي رجل الإصلاحات رؤيته للحل قائلا: “لابد من توافق وطني جديد، لأن أجيال ما بعد الاستقلال عاشت عبئا على حرب التحرير وثروات باطن الأرض، ولم تنتج مقابل ذلك أي تنمية”. هذا الإخفاق يحتم على الجزائريين، حسبه، “السعي لإيجاد توافق وطني جديد، يؤسس على كيفية ممارسة الحريات الجماعية، وهي الأدوات التي يمكنها هيكلة المجتمع”.وفي انتظار هذا الحل الذي لم يشرح آلياته، أبرز حمروش أن الانسداد في الجزائر بلغ أوجه، ولم يعد بين الحكومة والشعب إلا وسيط واحد هو “هراوات الأمن”. وقال في هذا الصدد: “الحكومة ليس لها أي أداة لتطبيق برنامجها والمواطنون أصبحوا لا يستمعون لها ويلجأون إلى قطع الطرقات والشغب كلما أرادوا حل مشاكلهم. هذا يعني أن الخلل أصبح خطيرا، فالحكومة أصبحت كتلة والمجتمع كذلك، ولا يربط بينهما إلا هراوة الشرطي”. والأخطر في كل ذلك، وفق رئيس حكومة بداية التسعينات، أن “الانسداد بلغ درجة لن يكون معها ممكنا في المستقبل أي تضامن وطني بين الحكم والمواطنين عندما تكون الدولة في خطر”.هذا الموضوع عالجه مولود حمروش من زاوية الحريات الجماعية المفقودة في الجزائر من وجهة نظره في الواقع، رغم أن القوانين تكفلها. ويصل المحاضر في تحليله إلى قناعة مفادها أن لا “حظ” للجزائر في أي تنمية إذا بقيت الحريات الجماعية معطلة، أي أن الأحزاب والمجتمع المدني والجمعيات لا تقوم بدورها الأساسي كشريك للحكم في تنمية البلاد.ويعتقد حمروش أن هذه الجمعيات المفترض فيها القيام بدور السلطة المضادة، ما يعاب عليها في جو الحريات الغائبة، أن تصبح أداة مساندة مطلقة، وهي بذلك تخون وظيفتها. وعلى الطرف المقابل، يصر النظام، حسبه، على اعتبار هذه التنظيمات عائقا له في حال تمتعت بجو الحرية اللازم لنشاطها، بينما الحقيقة أنه لا يستطيع تنفيذ أي برنامج من دونها، وهذا ما يفسر تأخر الجزائر. وفي وسط هذه الحلقة، قتلت في الجزائر، وفق حمروش، روح النضال.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات