+ -

تعرض وزير خارجية المغرب، صلاح الدين مزوار، أمس، للحساب على أيدي أعضاء غرفتي برلمان بلده، بخصوص مصير ملف الصحراء الغربية بالأمم المتحدة، على إثر زيارة بان كيمون إلى الجزائر، الأسبوع الماضي، وتصريحاته بشأن “الاحتلال المغربي للصحراء”، التي استفزت المغرب بحدة.

جاء في جرائد إلكترونية وصحف مغربية، أمس، أن اجتماعا مشتركا طارئا تمت برمجته، مساء أمس، للجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، بمجلس النواب (الغرفة الأولى)، ولجنة الخارجية والحدود والدفاع الوطني بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية). وخضعت للمساءلة، أيضا، امباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة للشؤون الخارجية.وقد عكست ردود الفعل المغربية حيال تصريحات بان كي مون، التي دفعت إلى اجتماع البرلمان، شعورا عاما في الأوساط السياسية والإعلامية في البلاد، بأن الدبلوماسية المغربية تكبدت خسارة كبيرة، ما دام الموظف الأول في الهيئة الأممي تعامل مع نزاع الصحراء على أنه استعمار. ولكن أكثر ما أزعج المغاربة أن تصريحات بان كيمون تأتي عشية إصداره التقرير السنوي حول الصحراء (نهاية أفريل المقبل)، ويعني ذلك أن الرباط تشتم رائحة شيء سلبي لن يصب في مصلحة مقترح “الحكم الذاتي الموسع” الذي تطرحه منذ 2007.وجمع نواب الغرفتين ملفات أخرى، لمساءلة مزوار وبوعيدة حولها، تعتبر هي أيضا أخطاء تتحملها الدبلوماسية المغربية، وتتعلق بما يسمى محليا “قضية الوطن الأولى”، وأهمها قرار المحكمة الأوروبية إلغاء اتفاق الزراعة والصيد البحري، والذي أثار سخط الرباط، وشكل بوادر أزمة سياسية بينها وبين الاتحاد الأوروبي.وكتبت صحيفة “الشرق الأوسط” أن مزوار “مطالب بتقديم التوضيحات اللازمة والخلفيات السياسية والدبلوماسية التي تقف وراء تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة”. ووصف البرلماني علي اليازغي، من حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض، موقف بان كي مون بـ«الخطير”. وقال إنه “استفزاز للشعور الوطني للمغاربة، وقد أبان عن ابتعاد حقيقي عن واجبات الحياد المطلوبة، بينما المفروض تحري الدقة في التصريحات”.ويرى معظم المغاربة أن نظرة بان كي مون المعبر عنها بعد زيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين، تبتعد عن الطرح الأممي الرسمي للقضية، وهو البحث عن حل متوافق عليه بين أطراف النزاع. والمضمون الذي تعطيه الرباط لـ«أطراف النزاع”، هي أن الجزائر جزء منه، بينما الجزائريون يقولون إن النزاع ثنائي، المغرب والبوليزاريو.ورفض بان كيمون بشدة اتهامه بعدم الحياد في القضية. وصرح المتحدث باسمه، فرحان حق، أن الأمين العام “يعتبر نفسه والأمم المتحدة شريكين حياديين، وقد فعل كل ما بوسعه من أجل حل الوضع في الصحراء الغربية، وإحياء المفاوضات بين الحكومة المغربية وجبهة البوليزاريو، لا يزال هدفا ذا أولوية بالنسبة إليه.في نفس السياق، كتب إبراهيم فاسي الفهري، مؤسس مخبر إنتاج الأفكار “معهد أماديوس”، أن الجزائر والأمين العام الأممي “يمارسان الضغط على المغرب لحمله على تقديم تنازلات في قضية الصحراء، بحكم أن تقرير الأمم المتحدة حول الصحراء سيصدر قريبا”. وقالت الحكومة المغربية، في بيان، إنها تلقت “بذهول كون الأمين العام الأممي استعمل عبارة احتلال لوصف استرجاع المغرب لوحدته الترابية”، معتبرة أن ذلك “يتناقض بشدة مع القاموس الذي دأبت الأمم المتحدة على استخدامه، في ما يتعلق بالصحراء”، وأن “استعمال هذا الوصف ليس له سند سياسي أو قانوني ويشكل إهانة بالنسبة للحكومة وللشعب المغربيين”.وبحسب ابن الطيب فاسي الفهري، مستشار الملك حاليا، ووزير الخارجية سابقا، فإن “التواطؤ الذي أبداه أمين عام الأمم المتحدة، من العاصمة الجزائرية، مع أطروحات دعاة الانفصال، يعد انحيازا غير مسبوق ومسعى ينطوي على مخاطر كبيرة. وبذلك فطموح بان كيمون وادعاؤه حول بعث المفاوضات تحت مظلة الأمم المتحدة، من خلال جولته الإقليمية، مآله الفشل”.واتهم الفهري، الأمين العام الأممي بـ«محاولة تغيير إطار نزاع الصحراء قبل بضعة أشهر عن انتهاء عهدته”. وتساءل: “ما هي نوايا بان كيمون (الذي رفض المغاربة استقباله في جولته إلى المنطقة)، الذي اتخذ موقفا عدائيا ضد المغرب انطلاقا من الجزائر، وهو يستعد لمغادرة المبنى الزجاجي؟. لماذا يقترح مؤتمرا للمانحين لفائدة الصحراويين ويبدي حسرة على أوضاعهم المأساوية، بينما لم يشر أبدا إلى أهمية إحصاء وتسجيل السكان الصحراويين؟”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات