لم تكن المعركة سهلة على أي حال، فالمقاومة شديدة، ورجالها مستبسلون، وكلّما ظنّ الغزاة أنّهم انتصروا بدت لهم الغاية أبعد، والعقبات أشد. ولكي يعرف أبناؤنا أبعاد الموقف نذكر لهم هذه الحقائق:منذ بدأ الإسلام، واليهود النّصارى حاقدون عليه ومعترضون طريقه، تدبّر قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ..}. وقوله: {ولًنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}. وعندما انشرحت به صدور، واستراحت إليه جماهير سعى هؤلاء وأولئك لفضّ الأتباع عنه، ولو بقوا على وثنيتهم القديمة، من أجل ذلك يقول القرآن الكريم مندّدًا ومعاتبًا: {قل يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَن آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءَ، وَمَا اللهُ بِغافلٍ عمّا تَعْمَلُون}.وقد كانت الضغائن وراء الحروب الصّليبية في العصور الوسطى، وهي كذلك وراء الحروب الاستعمارية في العصر الحديث. ولعلّ السيد جمال الدين الأفغاني من أوائل الّذين كشفوا هذه النّيات السوداء، يقول لوثروب ستودارد: (إنّ خلاصة تعاليم جمال الدين الأفغاني تنحصر في أنّ الغرب مناهض للشرق، وأن الروح الصليبية لم تَبْرَح كامنة في الصدور كما كانت متأجّجة في قلب بطرس الناسك، ولم يزل التعصّب كامنًا في عناصرها، والغرب مايزال يحاول بكلّ الوسائل القضاء على أيّ حركة يحاول بها المسلمون إصلاح أمورهم).نقول: وقد انضمّت الشيوعية إلى الصليبية في اعتراض الصّحوة الإسلامية ومؤازرة الغزو الثقافي وسَدّ الطرق كلّها في وجوه المؤمنين الأحرار، فالخصوم يكثرون ولا يقلّون، والسّاحة تتّسع ولا تضيق.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات