قال الله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} هذه الثّمرات المنبثقة عن الحياة الّتي بثّها الماء النّازل من السّماء، تتّخذون منه سكرًا (والسكر الخمر ولم تكن حرّمَت بعد) ورِزقًا حسنًا. والنّص يلمح إلى أنّ الرّزق الحسن غير الخمر وأنّ الخمر ليست رِزقًا حسنًا، وفي هذا توطئة لمَا جاء بعد من تحريمها، وإنّما كان يصف الواقع في ذلك الوقت من اتّخاذهم الخمر من ثمرات النّخيل والأعناب وليس فيه نصّ بحِلّها بل فيه توطئة لتحريمها كما سبق.وحقيقة أخرى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} والنّحل تعمل بإلهام من الفطرة التي أودعها إياها خالقها عزّ وجلّ، فهو لون من الوحي تعمل بمُقتضاه، وهي تعمل بدقّة عجيبة يعجز عن مثلها العقل المفكر سواء في بناء خلاياها أو في تقسيم العمل بينها أو طريقة إفرازها للعسل المصفّى وهي تتّخذ بيوتها حسب فطرتها في الجبال والشّجر وما يَعْرِشون أي ما يرفعون من الكروم وغيرها، وقد ذلّل الله لها سبل الحياة بما أودع في فطرتها وفي طبيعة الكون حولها من توافق، والشّراب الّذي تفرزه النّحل من بطنها عسل {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}.وقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّ رجلاً جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال له: إنّ أخي استطلق بطنه (مشى) فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “اسْقِهِ عسلاً”، فسقاه عسلاً ثمّ جاء فقال: يا رسول الله سقيتُه عسلاً فما زاده إلاّ استطلاقا، قال: “اذهب فاسْقِهِ عسلاً”، فذهب فسقاه عسلاً، ثمّ جاء فقال: يا رسول الله ما زاده إلاّ استطلاقا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “صدق الله وكذب بطن أخيك، اذهب فاسقه عسلاً”، فذهب فسقاه عسلاً فبرئ”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات