+ -

 ما تقوم به الدولة الجزائرية عن طريق أشخاص معينين (بدقة) من جهات (معينة) يجعل الإنسان يرتاب بشكل مريع في الطريق الذي نسير (بضم النون) عليه في التربية الوطنية، إذ يتم انتهاج سياسة فرنسية كاملة وموحدة في دول شمال إفريقيا. ففي المملكة المغربية تم (مؤخرا) تعيين وزير للتربية (فرضا) من فرنسا ورغما عن بن كيران، وتم وضع مناهج تعليمية تدرج تعليم المواد العلمية كالرياضيات والعلوم التجريبية المختلفة في جميع مراحل التعليم باللغة الفرنسية، كما تم نقل تدريس اللغة الفرنسية في المرحلة الابتدائية إلى السنة الأولى ابتدائي، ابتداء من السنة الدراسية 2016/2017 (هذه المعلومة وردت في قناة إعلامية فرنسية يوم 28/02/2016)، مع العلم أن تدريس هذه اللغة في الابتدائي كان يتم كما هو في الجزائر في السنة الثالثة..المشكلة التي نراها ونتألم لها هي أن نقابات القطاع (وحتى رجال القطاع ككل وحتى الأولياء وأحزاب المعارضة رغم أن القضية تهم الجميع) لم يحدث أن تكلموا في خصوصيات العمل والأداء في هذا القطاع الحساس، حيث يتم التكلم والغضب حول نصوص التعويضات والترقيات، (وهو العظم الذي يرمى لهم لشغلهم عن الأساس في المشكل) ولم نسمع احتجاجا واحدا تم التطرق فيه لمنهجيات تكوين إطارات التربية وتحسين نوعية الأداء ومحتويات المناهج التعليمية. إن الغريب المريب أكثر نراه في عمليات ترقية بعض الإطارات التي ليس لها أي تكوين أو دراية بالعمل التربوي إلى إطارات مشرفة على تسيير القطاع بدعوى أنهم أبناء الشهداء (مع الاحترام الكامل للشهداء وأبنائهم)، وكنا قد طرحنا أسئلة عن إمكانية ترقية طبيب أمراض عامة إلى رتبة طبيب جراح بدعوى أنه ابن شهيد، أو ترقية موظف بالخطوط الجوية الجزائرية إلى رتبة طيار بنفس الدعوى.أن ترقي معلما أو أستاذا إلى رتبة مفتش أو مدير في قطاع التربية، دون أن تكون له الكفاءات المطلوبة ودون أن تمنحه الكفاية من التكوين، هو تخطيط للإمعان في ضرب الأساس التربوي المضروب في الأصل من جذوره، وهو ما يفسر نوعية المنتوج التربوي الجزائري الذي جعلها تحتل المرتبة 119 من أصل 145 دولة في العالم، والمرتبة 19 ضمن الدول الإفريقية...! رغم الأموال الطائلة التي يتم رصدها للقطاع والتي تجعل الجزائر الأولى إفريقيا في هذا الإهدار، هل هناك مهازل أكثر من هذه...إن ما يخطط للتربية فوق مستوى التصور، والتبعية لم تعد تتم بالاحتلال والهيمنة العسكرية، يكفي أن تتحقق التبعية الفكرية التي تحققها التربية الممنهجة الموجهة التي تكوّن أجيالا غبية لا تحسن (استعمال الفكر).مناع إبراهيم: مفتش التربية الوطنية سابقا أولا: القوة الفرنسية التي فرضت وزيرا للتربية على بن كيران في المغرب الشقيق هي نفس القوة التي فرضت من غبريت في الجزائر، وأوصت بأن لا تغير في التحوير الحكومي القادم حتى تقوم بنفس ما يقوم به زميلها في المغرب من إعادة التدريس باللغة الفرنسية إلى السنة الأولى وتدريس العلوم والتكنولوجيا بالفرنسية، مع التمثل الحضاري من طرف التلاميذ لهذه اللغة.ثانيا: المغرب الشقيق يفعل هذا بمقابل مادي مغر في مجالات الصناعة والسياحة وتمويل التربية، أي يقوم بكراء عقول المغاربة لفرنسا بثمن.. فيما نقوم نحن بذلك بالمجان، بل وندفع لفرنسا ثمن احتلالها لعقول أبنائنا تحت ذريعة تمويل الإصلاحات. واسألوا كم دفعت فرنسا للمغرب لإجراء هذه الإصلاحات، وكم دفعت الجزائر لفرنسا جراء إجراء هذه الإصلاحات؟!ثالثا: فرنسا تريد تحضير نفسها كقوة عالمية للخمسين سنة القادمة، عبر تحضير شمال إفريقيا حضاريا وثقافيا ضمن المنظومة الفرنسية، أي إعادة فكرة الحماية الفرنسية لهذه المنطقة كما كانت قبل 150 سنة.رابعا: المغرب قايض ارتماءه في حضن الفرنسيين بالموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية، والجزائر قايضت القضية نفسها مع فرنسا مقابل الرضى عن حكم الجزائر من طرف نظام غير شرعي ومشلول كلية وليس قضية الصحراء.هناك في المغرب، تجري الوصاية الفرنسية على هذا البلد بثمن تدفعه فرنسا، وهنا تجري الوصاية نفسها، ولكن بثمن تدفعه الجزائر! فشتان بين الوضع في المغرب والوضع في الجزائر من وجهة المصلحة والرشادة في تسيير التبعية والاحتلال.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات