أدانت محكمة الجنح لوهران، زيراوي حماداش “زعيم” التيار السلفي ومؤسس حزب جبهة الصحوة السلفية غير المعتمد، بستة أشهر حبسا، منها ثلاثة نافذة و50 ألف دينار غرامة، وكذا دينار رمزي تعويضا للكاتب الصحفي كمال داود. نطقت المحكمة، أمس، بهذا الحكم، بعد أن جرت محاكمة زيراوي حماداش، في جلسة 1 مارس الجاري، في غياب الكاتب الصحفي كمال داود، وحضور المتهم الذي توبع بتهمة “التهديد بالقتل”. وهو ما نفاه أمام المحكمة، مؤكدا أنه دعا الدولة الجزائرية لتطبيق “الحد الشرعي” على كمال داود، الذي اعتبر المشتكى منه أمام نفس المحكمة أن الكاتب “أهان الله، الإسلام، اللغة العربية وثوابت الأمة الجزائرية”. وكان وكيل الجمهورية قد التمس في ذات المحاكمة عقوبة بستة أشهر حبسا نافذا في حق زيراوي حماداش، في حين طلب دفاع الكاتب الممثل في الأستاذ عبد الرزاق فضيل الدينار الرمزي كتعويض. ولم يعلّق الكاتب الصحفي كمال داود على المحاكمة التي غاب عنها لدواع صحية، ولا على الحكم الصادر أمس. وهو الذي قرر التوقف عن الكتابة الصحفية والتفرغ للأدب، في الوقت الذي يوجد فيه في قلب “نقاش كبير في فرنسا” التي حظي فيها بدعم رئيس الحكومة إيمانيول فالس الذي دعا الأسبوع الماضي إلى “حماية كمال داود”.وجدد الدعوة نفسها، مساء أمس الأول، خلال العشاء السنوي الذي يقيمه المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا “كريف”. واقتحم كمال داود الجدال الفرنسي بعد مقاله في يومية “نيويورك تايمز” حول أحداث التحرش الجنسي في مدينة كولوني الألمانية في الاحتفالات بالسنة الهجرية الجديدة، وهي “يمينية”. والتي اتهمت فيها وسائل الإعلام المحلية ثم الأوروبية “اللاجئين السوريين والمهاجرين المغاربة” بتلك التحرشات، رغم أن تحريات الشرطة الألمانية كشفت فيما بعد، أن نسبة المتحرشين “العرب واللاجئين” لا يساوي حجم ما قام به الألمان في تلك الليلة. وملخص ما قاله كمال داود في ذلك المقال، أن “العرب يعانون أزمة جنس، وأن مشكلهم الأساسي مع المرأة”. وهو الموضوع الذي يتكرر في مقالاته الصحفية في يومية “لوكوتيديان دوران”. لكن تدخل “مجموعة الـ 19” في النقاش أعطى “لقضية كمال داود” أبعادا كبيرة، وهي التي ربما يبحث عنها الكاتب الذي احتل اسمه صدر اليوميات الفرنسية لمدة طويلة السنة الماضية، بعد ترشيحه لجائزة “الغونكور الأدبية”، تزامنا مع “فتوى” حماداش بإهدار دمه. وقد ساهمت تلك الفتوى في “رفع كمال داود في المزاد” في الإعلام الغربي والفرنسي على وجه الخصوص، ومنح لروايته “ميرسو تحقيق مضاد” موقعا مميزا في النقاش الأدبي والسياسي في فرنسا. وهي الرواية التي ترجمت إلى 29 لغة، وينتظر أن تصدر في الأيام القادمة باللغة الألمانية، مع انطلاق معرض برلين للكتاب وكذا باللغة العبرية في إسرائيل. ويلوم نقاد وجزء من الإعلاميين الجزائريين، وكذا بعض الكتّاب ومنهم رشيد بوجدرة، الكاتب كمال داود على تهربه من “القضايا القومية، منها قضية الشعب الفلسطيني”. وكذلك “تشدّقه للإعلام الغربي والفرنسي خصوصا، واجتهاده لعدم إزعاجه بمواقف تثير غضب اللوبيات التي يمكن أن تحكم بإعدامه أدبيا، كما حكمت على كثير من الكتّاب القادمين من الجنوب”. ودافع كمال داود عن نفسه، بالتأكيد أن “فرنسا لا تهمه، ولا يسعى لسجن نفسه في نقاش عقيم، لأن العالم ليس الجزائر وفرنسا. وأن الذي يهمه هم جمهور القراء الواسع في العالم الذي لا تعنيه تبعات استعمار فرنسا للجزائر وما خلّفته من عقد في الجانبين” وبالعودة إلى قضية إدانة حماداش أمس، من طرف محكمة وهران، يمكن القول إن “كلا طرفي القضية المطروحة أمام العدالة استغلاها للترويج لاسميهما في عالميهما”. للتذكير تعود تفاصيل قضية كمال داود مع زيراوي عبد الفتاح حماداش، إلى ديسمبر 2014 حينما نشر هذا الأخير بيانا على صفحته بموقع “الفايسبوك”، داعيا إلى ما اعتبره تطبيق الحد على كمال داود “بتهمة التطاول على القرآن ومحاربة الإسلام”. وكتب: “لو كان فيه شرع إسلامي يطبق في الجزائر، لكان جزاؤه القتل حدا بالردة أو الزندقة بسبب كفره وزندقته ومحاربته للإسلام”. واتهم حماداش الكاتب كمال داود بـ«التطاول على الدين الإسلامي” بعدما اعتبره انتقادا لعلاقة المسلمين بالإسلام في برنامج “لم ننم بعد” على قناة “فرانس 2” الفرنسية. واعتبر حماداش تصريحات داود بأنها “حرب على الله ونبيه وقرآنه وقيم الإسلام المقدّسة”. وجاء في منشوره: “قد تطاول الجزائري الزنديق، كمال داود على الله وطعن في القرآن الكريم ومقدسات الإسلام، وجرح المسلمين وأبناءهم في كرامتهم وطعن في بلاد المسلمين ومجّد الغرب والصهاينة واعتدى على اللغة العربية بالقدح”، وأضاف: “ندعو النظام الجزائري إلى الحكم عليه بالإعدام قتلًا علانية، بسبب حربه الفاجرة ضد الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم وكتاب الله ومقدسات المسلمين وأبناءهم وبلادهم”. وكرد فعل أولي، نشر كمال داود، على صفحته على الفايسبوك ما يلي: “أصدرت الحركة السلفية الجزائرية فتوى في حقي تدعو إلى قتلي، هذا عائد إلى عدم معاقبة مثل هؤلاء الأشخاص”. وكشف داود، حينها عن نيته رفع دعوى قضائية في المحاكم ضد رئيس جبهة الصحوة، غير المعتمدة زيراوي عبد الفتاح حماداش، وكانت “فتوى” حماداش، قد فجّرت ردود فعل غاضبة على شبكات التواصل الاجتماعي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات